الرئيسية » أخبار الثقافة والفنون
الشاعر حسّان نّزال

القاهرة - أحمد سامي

أكد الشاعر الفلسطيني وعضو اتحاد كتاب فلسطيني 48 "حسّان نّزال" أن المثقف الفلسطيني في الأرض المحتلة يعيش معاناة الاحتلال بكل أشكالها كبقية أبناء شعبه، فقد يكون شهيدًا أو معتقلًا أو والد شهيد أو زوج شهيدة. وأوضح أن المثقف يعاني مظاهر القمع ومخاطر التهجير والإقصاء يوميًا، وعلى مدى عقود الاحتلال أٌقفل الاحتلال الأبواب والمنابر، وحتى فرص الحياة الكريمة في وجه المثقف الفلسطيني، وفرض الرقابة والمنع وأعمل مقص الرقيب على أعماله ومصنفاته.

وبيّن نّزال في حوار لـ "فلسطين اليوم" أن "الأدباء والمثقفين الفلسطينيين شكلوا رُسُل الواقع الفلسطيني لأمتهم العربية وللعالم أجمع، وأثبتوا عدالة القضية وواجهوا الرواية الصهيونية التي تسلحت بآلام ومعاناة اليهود في أوروبا، وبادعاء حق تاريخي لهم في فلسطين، وبمحيط عربي متأهب للانقضاض عليهم وإلقائهم في البحر"، مضيفًا: "المثقفون الفلسطينيون نقلوا نقيض الرواية وحقيقة الوقائع على الأرض وصور وتفاصيل المعاناة اليومية لشعبهم وأثبتوا الحق الذي تكفله كل الشرائع الإنسانية في مقاومة شعبهم للاحتلال والإحلال والتطهير والتزييف الذي مورس ضد شعبهم. لذلك كانوا ضمن حلقة الاستهداف دائما من خلال الاغتيال والإبعاد والاعتقال للمئات منهم".   

وأشار إلى أنه مع ذكر الأدب الفلسطيني ومعاناة الكتاب الفلسطينيين يجب ألا ننسى أسماء كغسان كنفاني ومحمود درويش وسميح القاسم وماجد أبو شرار وغيرهم الكثيرممن ارتبطت أسمائهم بالقضية الفلسطينية وكرست مكانة عالية للأدب الفلسطيني وللقضية الفلسطينية من خلال أدبها وفكرها وانغماسها العميق في حركة المقاومة الفلسطينية ومعايشتها لتفاصيل الحالة الصدامية مع الاحتلال، لذلك سيبقى الأدب الفلسطيني خادمًا للقضية الفلسطينية حتى في ظل خفوت وضعف الحالة السياسية لأن الأدب والأدباء الفلسطينيين شكلوا عبر عقود مضت رافعة للسياسي وليس العكس".

وكشف نّزال أن اتفاقية أوسلو أفرزت صنفين من المثقفين الفلسطينيين؛ "أولئك الذين رأوا باستحالة تقسيم القصيدة والاستسلام لمبررات الضرورة السياسية وهؤلاء اختاروا الظلّ وعانوا الغربة في وطنهم وقبلوا بالتهميش وانحازوا لضميرهم ومبادئهم، وأولئك الذين جرفهم التيار وانساقوا وراء الأضواء واستغلوا خلو الشواغر والكراسي العالية من مستحقيها فتسنموها  ليجدوا المنابر تفتح لهم الأذرع والأقلام تثني على تجميلهم للقبيح وتزيينهم للهزيمة.

وأضاف: "حاليًا الحالة تفرض نفسها، فإما مثقف إلى جانب مشروع المقاومة ولا بد له من تلمس أدبياتها وسبر غمار مفرزاتها ورفدها بمقومات الاستمرار، وإما مثقف محسوب على السلطة يتغنى برموزها ومنجزاتها، وهناك فريق ثالث ممن يعيشون غرباء في وطنهم ويجنحون إلى الظل، فلا نجد دور نشر تتلقف مخطوطاتهم ولا منابر إعلامية تحتضنهم، وكم من مثقف فلسطيني تكلف تكاليف طباعة مخطوطاته على حساب قوت عياله وضرورات حياته".    

وحكى الشاعر الفلسطيني عن رأيه في حال اللغة العربية اليوم، موضحًا أن"المنابر الإعلامية متنوعة ومتفاوتة العلاقة باللغة العربية، والفضاء الإعلامي لا شك خدم انتشار اللغة وتعلمها وممارستها وتسهيل توظيفها للتعاطي مع موضوعات العصر وأوجه تطوره، وإذا استثنينا وسائل الإعلام التي لا تحمل رسالة المحافظة على اللغة وصيانتها فإننا نجد مئات الفضائيات والإذاعات والمواقع الإلكترونية التي تُعنى بالعربية وانتشارها. لكن البرامج المتخصصة في مدارسة اللغة وسبر غورها وربطها بالعلوم الحديثة وتجلية ارتباطها الوثيق بالقرآن الكريم وحفظها لأسراره ومراميه لا تفي بالغرض العريض المطلوب لتلبية احتياجات أمة عريضة مستهدفة في كينونتها وماضيها ومستقبلها. لذلك يجب على رأس المال العربي الموظف في الإنتاج الإعلامي أن يوظف جزءًا منه لتطوير البرامج التي تخدم اللغة وتكشف أسرارها وتتيح للمتعلمين من الأمم والشعوب الأخرى تعلمها".

وذكر "نّزال" أن المثقف الذي يعتبر الثقافة قضيته لا تعنيه السلطة، والذي يعتبر السلطة غايته يتّخذُ الثقافة مطيته، والسلطة في غنى عن المثقفين ما دامت لا تحتاجهم مروجين ومصفقين لها وهي تحتضنهم وتمنحهم الرتب والمراتب والرواتب عندما تشعر بالحاجة للمصفقين والملمّعين لسياساتها ومبررين لإخفاقاتها ، هكذا كانت العلاقة بين السلطة في عالمنا العربي والمثقف. وما أفرزته المنابر الإعلامية من أصوات دائمة الحضور على الشاشات  تعمل بنظام عدّاد البث الإذاعي في حين يتم تهميش واستبعاد الأصوات المخالفة أو التي لا تخدم سياسة النظام والمؤسسة، وما شهدناه كذلك من ملاحقة واعتقال وتعذيب وقتل للمثقفين والأعلام في دول الربيع العربي كل ذلك تعبير حي عن حقيقة علاقة المثقف بالسلطة في وطننا العربي.

وردًا على سؤال حول رؤيته لمستقبل الأدب العربيّ، قال الشاعر الفلسطيني: "قل أولًا كيف ترى مستقبل الواقع العربي أقل لك كيف سيكون واقع الأدب العربي، فعلى مدى التاريخ كان الأدب في معظم تجلياته انعكاسًا للواقع ضعفًا وخفوتًا، وقوة وازدهارًا. القرن العشرون قرن تقسيم الجغرافيا العربية وتفتيت المفتّت وتضييع الفكر الجامع  وبناء صومعة فوق كل تلّة عربية  تسمى دولة والاستفراد بمقدرات الأمة (نفطها وممراتها البحرية وقواها البشرية وسوقها وأجوائها وخصب أرضها) من خلال منظومة سياسة مسيطر عليها، وعلاقات مضطربة متصارعة بين ملوك تلك التلال وشعوبهم، ومن خلال تمكين الجسد السرطاني في فلسطين في الخاصرة العربية، دون أن تنجح الثقافة والمثقفون وأصحاب الفكر وقادة التربية في العالم العربي في التصدي لذلك وبناء الإنسان العربي المُنتمي لفكر ومستقبل وليس المنتمي لجغرافيا وشعارات تكرس التفتيت، والحفاظ على مقدرات الأمة ورسم تصور لمستقبلها. وأنهار الدم العربي الجارية اليوم في الوطن العربي هي مخاض لولادة متعسرة ولحمل تبدو تجلياته كحمل كاذب على المدى القريب. ويبدو أن القدرة على العودة لحالة من وحدة الجغرافيا ووحدة الفكر والرؤى في ظل ضعف كل مقومات القوى المتصارعة واعتمادها على الدعم والسلاح والتوجيه الغربي الذي يسعى لضمان حالة الاقتتال دون انتصار لطرف كل ذلك يشكل مقومات تشاؤم وانتظار مزيد من الدم الذي يخجل منه الحبر وهو عاجز عن وقف نزف قطرة منه".

وأوضح أن المفكر والمثقف العربي بحاجة لأن يملك الوسيلة المناسبة كآلية ليقود الفكر البناء وبحاجة لأن يملك زمام الفكر ويقوده قولًا وممارسة، مضيفًا "أن وسيلة الفكر اليوم مرهونة بالإمكانيات المادية التي تتيح الإنتاج والنشر ومخاطبة الجماهير مباشرة ومعايشة همومها، لكن الذي يحدث للمثقف العربي أنه مركون على الرف يستدعى وقت الحاجة ليظهر في فضائية هنا أو يروج لسياسة هناك، أضف إلى ذلك أن الاحتفاء الرسمي والاحتضان المؤسساتي للمثقفين والمبدعين العرب وإنتاجهم مرهون بالاعتبارات التي تحكم الواقع السياسي، لذلك نرى الشللية الثقافية ونلحظ سياسة الاستحواذ على تلك المؤسسات ومقدراتها والتي يرافقها استبعاد وتهميش للغير بالمفهوم الشللي السائد".

ورأى نّزال أن حالة عدم التوافق بين المثقف العربي والمؤسسة السياسية الحاكمة أمر هام افتقدته الساحة العربية خلال القرن الماضي، "وهذا الواقع أفضى إلى ما نراه اليوم من حالة الصدام الدموي بين الأنظمة وشعوبها بحيث لم تعد منظومة تنتظم العلاقة بين الطرفين. فلا وطن جامع ولا فكر موحِّد ولا مصالح مشتركة ولا هموم ولا اهتمامات مؤطِّرة لإمكانية تلاق بين الطرفين".

وأضاف: "أن الربيع العربي الذي ابتدأ من تونس على شكل اختلال مصالح ناتج عن الاستحواذ والاستبعاد ما بين النظام والشعب ما لبث أن انتقل بسرعة إلى صراع يقوده الفكر وتحكمه الأيديولجيا. والأنظمة التي تحاول تصوير تصديها لشعوبها وللحالة الثورية في دولها باعتباره دفاع عن الوطن والدولة والجغرافيا ما تلبث أن تقع من خلال الممارسة في شرك الخلفية الفكرية والأيديولوجيا للصراع. وما يجري في سوريا واليمن ومصر خير دليل على ذلك. لذلك المثقف يجد أن عليه اليوم الاصطفاف بقوة مع الفكر الذي يؤمن به بعد أن أصبح لكل توجه وفكر قواه الفاعلة على الأرض ولم تعد تنظيرات ومحاولات الجمع بين المتناقضين وتغليب مصالح وطنية والدعوة للتفرغ للعدو المشترك. ولم تعد كل تلك المحاولات والشعارات مجدية في ظل هذا الواقع".

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

وزير الثقافة المغربي يُشارك بالمؤتمر الوزاري التحضيري لقمة الفرنكوفونية…
إنطلاق حفل أَقرأ الختامي وتتويج الفائزين بلقب قارئ العالم…
مراكش تستضيف المؤتمر العالمي لمنظمة مدن التراث العالمي لعام…
حفل اشهار كتاب "السهل الممتنع" للكاتب الأردني علي القيسي
مهرجان "همسة للفنون" يُكرّم عمار بركات عن مشاركته في…

اخر الاخبار

انتخاب المغرب بالأغلبية لتولي منصب نائب رئيس منظمة الأنتربول…
إنشاء ثاني أكبر محطة لتحلية المياه البحر في مدينة…
ملك المغرب يؤكد أن هناك من يستغل قضية الصحراء…
الملك محمد السادس يقرر إعادة هيكلة المؤسسات المعنية بشؤون…

فن وموسيقى

كندة علوش تعود لموسم دراما رمضان 2025 عقب غياب…
سعد لمجرد يُعرب عن سعادته بتحقيق أغنيته «سقفة» أول…
أحمد السقا يكشف أسراراً من كواليس فيلم "السرب" ويتحدث…
يسرا تُعرب عن سعادتها بتواجدها في مهرجان الجونة وتُؤكد…

أخبار النجوم

حورية فرغلي تكشف موقفاً محرجاً بعد عودتها إلى التمثيل
حنان مطاوع تشوّق جمهورها لمسلسلها الجديد
أحمد السعدني يحلّ أزمة أمينة خليل في رمضان
أحمد عز يعلّق على تصنيف الفنانين ومنح لقب "نمبر…

رياضة

وليد الركراكي يخطط لثورة في تشكيلة المنتخب المغربي قبيل…
محمد صلاح يحتفل بصدارة الدوري الإنجليزي ورقمه القياسي ويوجه…
وليد الركراكي يكشف مصير حكيم زياش مع المنتخب المغربي
الفرنسي هيرفيه رونار يعود لتدريب منتخب السعودية

صحة وتغذية

أدوية علاج لمرض السكري قد تُقلل خطر الإصابة بحصوات…
حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها
عقار شائع للإجهاض قد يساهم في إطالة العمر ويشعل…
تناول الماغنيسيوم مع فيتامين D يُعزّز صحة العظام ووظيفة…

الأخبار الأكثر قراءة

مراكش تستضيف المؤتمر العالمي لمنظمة مدن التراث العالمي لعام…
حفل اشهار كتاب "السهل الممتنع" للكاتب الأردني علي القيسي
مهرجان "همسة للفنون" يُكرّم عمار بركات عن مشاركته في…
الموت يغيب الفنان التشكيلي المصري حلمي التوني أحد أبرز…
أسامة الرحباني يؤكد أن المسرح منبر ثقافي مهم لكل…