الرئيسية » أخبار الثقافة والفنون
الشاعر أمين الديب

القاهرة - أسامة عبد الصبور

أوضح الشاعر أمين الديب، أن الثقافة المصرية بمعناها الحقيقي مستهدفة وتسيطر عليها الشلالية والفساد الإداري، حيث غابت الوزارة ومن زمن بعيد عن دورها الحقيقي وهو رعاية المبدعين وإبداعهم الذي يمثل الذاكرة الحقيقية للشعب المصري، مما أتاح بيئة خصبة لنمو الأفكار المتطرفة والشاذة.

وأضاف الديب خلال لقاء مع "المغرب اليوم"، حول الثقافة: "الإعلام يتجاهل المبدعين الحقيقيين ويسلط الضوء على المساخر والمهاذل التي تجتاح الفنون المصرية، ذلك الأمر الذي أظنه يأتي في إطار كامل منظم لاستهداف الثقافة المصرية وهدمها من أساسها".

وأوضح "الفلاح الفصيح"، كما يطلق عليه الوسط الأدبي، أنه وفي ذلك العمر وما يعاني فيه من أمراض لا يجد أدنى اهتمام من المؤسسة الثقافية الرسمية ممثلة في وزارة الثقافة، بل واجه تهميشًا كاملًا حيث أنه لم يدع ولو لمرة واحدة إلى إقامة ندوة في أي مؤسسة ثقافية تابعة للدولة، في الوقت الذي يتلقى فيه الدعوات للمشاركة في المحافل الشعرية العربية، وشارك بالفعل في مهرجانات للشعر في كل من سورية ولبنان وقطر والمملكة العربية السعودية.

وأفاد الديب بأن بدايته الكتابية كانت نابعة من البيئية القروية التي ينتمي إليها ولم ينفصل عنها طيلة عمره حيث تربى على أغاني العمال والفلاحين الفطرية التي كانت تستخدم لتحميسهم في العمل، كما تشرب بالسير الشعبية وأغاني الفلاحات في استقبال المولود الجديد، وفي توديع الموتى أو ما يسمى بـ "العديد".

وبدأ الأديب رحلة القراءة والتعلق بالشعر في رحاب دواوين الشاعر الراحل بيرم التونسي التي وجدها في مكتبة والده الذي لم يكمل تعليمه، إلا أنه كان قارئًا جيدًا ومهتمًا بالشعر كحال أغلب كبراء ذلك العصر، وبالفعل بدأت الرحلة بكتابة أشعاره التي جعلته واحدًا من أهم الأصوات في عالم العامية المصرية وأكثرها تميزًا على مستوى الشكل والمضمون.

وبالتطرق إلى حال القرية المصرية أجاب الديب: "غياب الثقافة وتهميش القيم الفكرية دمر الكثير من ملامح القرية المصرية التي كانت منبع التراث والفن الأصيل، فتلك القرية التي يلعب أطفالها بالأهازيج، وتلجأ إلى الغناء في كل مناسباتها من الميلاد إلى الوفاة وترسم الجدران في استقبال الحجيج، وتخلد ذكرى كبرائها بالسير الشعرية التي يرتجلها الشعراء الفطريون من الفلاحين، تعاني الآن من التغريب الكامل والاستهداف لتجريف تلك المنابع الأصيلة للفكر المصري".

وذكر نماذج من ذلك الاستهداف: "إنني على سبيل المثال أواجه الكثير من المصاعب لاعتزازي بجلبابي وعباءتي التي تمثل الزي الأصلي للفلاح المصري، كما تمثل مظهرًا ثقافيًا مهامًا يدل على هويتي وانتمائي إلى هذه الأرض وتلك الحضارة، ولكني أمنع من الدخول إلى بعض النوادي التي تدعوني إلى ندواتها الثقافية بحجة أنه ممنوع الدخول إلا بالملابس الرسمية، وحين أتساءل عن تلك الملابس التي يعنيها موظفو الأمن تكون الإجابة بأنها البنطال والقميص، هذا المثال ورغم بساطته يوضح ملمحًا من ملامح استهداف الثقافة المصرية الأصيلة ودفعها إلى التبرؤ من ملامحها الشكلية وهويتها".

وأشار الديب إلى تجربة قديمة تبنتها الحكومة المصرية في عصر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، حيث أقامت الحكومة مشروعًا تحت عنوان "الوحدات المجمعة"، وكان هذا المشروع الطموح يسعى إلى إنشاء عدد من المراكز الحكومية التي تمثل حكومة مصغرة في قرى مصر، وبالفعل بدأ المشروع بإنشاء 200 مركز في قرى نائية كانت من ضمنها قريته "نكلة" التابعة لمركز المنشاة في محافظة الجيزة، وكانت تلك المراكز أو الوحدات المجمعة تضم العديد من الخدمات الحكومية لأهالي تلك القرى ومن ضمنها خدمات ثقافية، فتم بناء مسارح مجهزة في تلك المراكز لتقديم العروض المسرحية والندوات الثقافية وحفلات الموسيقى وغيرها من الأنشطة الثقافية المهمة، ولكن للأسف جاءت حرب 67 لتعصف بذلك المشروع، ولتتحول تلك المراكز والمسارح إلى مسكن مؤقت للمهجرين من مدن المواجهة، ثم سيطرت عليها وزارة الشؤون الاجتماعية وحولتها إلى مكاتب ومخازن.

وبالحديث حول نظرته إلى الدور الذي تلعبه المؤسسات الثقافية الخاصة في مصر، قال الديب: "أنا أشجع المجهودات الخاصة والمبادرات الفردية التي تقوم بها بعض المؤسسات والأفراد في إنشاء مراكز ثقافية تحاول لعب الدور الذي تخلت عنه المؤسسة الرسمية في الشأن الثقافي، فهناك بعض التجارب الجادة التي حققت نجاحًا ملحوظًا في لعب دور ثقافي حقيقي ومنها على سبيل المثال ساقية الصاوي الذي قام بإنشائه المهندس محمد عبد المنعم الصاوي لتخليد اسم أبيه المبدع الكبير عبد المنعم الصاوي، ولكن ومع مرور الوقت لعبت ساقية الصاوي دورًا أكبر من ذلك بكثير حيث فتحت الباب لتجارب فنية وأصوات شعرية ومعارض للفن التشكيلي وغيرها اتسمت أغلبها بالجدية، ومثلت فضاء إبداعيًا للشباب ومنفذًا لطاقاتهم الفنية في كل المجالات، ولكن في الفترة الأخيرة لاحظت تراجعًا ملحوظًا لذلك الدور منذ سيطرة الجوانب الربحية على أنشطة الساقية فأصبحت مهتمة أكثر بالنشاطات التي لها عائد مادي كبير مثل حفلات الموسيقى للمطربين، ولكني وفي الوقت ذاته أنظر بالكثير من الحذر إلى التجارب الخاصة في مجال الثقافة وأعني تلك التي تتلقى تمويلات من الخارج، والأمر ليس مرفوضًا برمته ولكن يجب النظر بدقة إلى دور تلك المراكز وأهدافها".

وأردف: "التجارب الخاصة في مجال النشر والطباعة أغلبها وللأسف ليس جادًا، فلا تمتلك أغلب دور النشر الخاصة لجنة قراءة وفحص تختار الجيد من الأعمال الأدبية وتتبنى نشره، بل أغلبها مؤسسات ربحية تهتم بما يدفعه مؤلف الكتاب دون النظر إلى قيمته، كما أتهم أغلب تلك الدور بالنصب على شباب المبدعين واستغلال حاجاتهم للنشر في ظل غياب كامل لدور وزارة الثقافة وسيطرة الشلالية على سلاسل النشر في المؤسسات الحكومية".

وفي نهاية الحوار وجهّه الشاعر أمين الديب نصيحة للشباب المبدعين: "أنا لا أجد ما أنصحهم به فهم سيعرفون طريقهم دون وصاية مني ولا من غيري، فالصدق والوفاء إلى الموهبة هو السبيل الوحيد لتجد لها مكانًا، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا".

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

رحيل شاعر الملحمة السوداني هاشم صديق
الدكتورة هبة القواس تتحدث عن حفلها الفني الثقافي الخيري…
خطاط كسوة الكعبة المشرفة يحرز المركز الأول في ملتقى…
انتظارات مدنية لتحقيق "القراءة للجميع"
المستشارة هالة الطويل تُطالب "اليونسكو" بعدم التزامها الصمت وإدانة…

اخر الاخبار

دعم ثابت لمخطط الحكم الذاتي ولسيادة المغرب الراسخة على…
وفد مغربي يُشارك في فعاليات حدث رفيع المستوى حول…
2024 سنة تأكيد الطابع الاستراتيجي للعلاقات المغربية الإسبانية
ناصر بوريطة يؤكد أن العلاقات بين المملكة المغربية والعراق…

فن وموسيقى

سلاف فواخرجي تفوز بجائزة أفضل ممثلة بمهرجان أيام قرطاج…
كاظم الساهر يسّتعد للعودة للغناء في المغرب بعد غيابه…
المغربي حاتم عمور يستنكر عدم حصوله عن أي جائزة…
منى زكي تؤكد أنها تتأنى دائما في اختياراتها لأعمالها…

أخبار النجوم

أحمد السقا يكشف موقفه من تمثيل ابنته ومفاجأة عن…
زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
محمد رمضان يُشعل مواقع التواصل بمسابقة وجائزة ضخمة
أزمات قانونية تنتظر عمرو دياب في العام الجديد

رياضة

المغربي حكيم زياش لا يمانع الانضمام لصفوف الوداد في…
محمد صلاح ينفي شائعات التجديد مع ليفربول ويؤكد أن…
المغربي أشرف حكيمي ضمن أفضل 100 لاعب لسنة 2024
نجم منتخب البرازيل وريال مدريد فينيسيوس جونيور يفوز بجائزة…

صحة وتغذية

المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع
نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
وزارة الصحة المغربية تكشف نتائج التحقيق في وفيات بالمركز…
اختبار عقاراً جديداً يُعيد نمو الأسنان المفقودة

الأخبار الأكثر قراءة

رحيل شاعر الملحمة السوداني هاشم صديق
الدكتورة هبة القواس تتحدث عن حفلها الفني الثقافي الخيري…
خطاط كسوة الكعبة المشرفة يحرز المركز الأول في ملتقى…
انتظارات مدنية لتحقيق "القراءة للجميع"