الرئيسية » أخبار الثقافة والفنون
الراحل جورج ستابس صاحب الفن الرومانسي الدقيق والعاطفي في آن واحد

لندن - سليم كرم

على الرغم من أنه لم ينل الشهرة التي نالها معظم الرسامين الموهوبين في ذلك الوقت، إلا أن فن جورج ستابس كان مميزا للغاية، نابضًا بالحياة، حيث أنه كان يركز في لوحاته على الحيوانات، ولكن ليس كأي رسام آخر.


وفي إحدى لوحاته تجد حصانًا أبيض يرتجف وعروقه نافرة وفمه مفتوح في حالة صدمة وترى الخوف في عينيه، حتى أنك يمكنك أن تسرح وتتخيل ما الذي يخيفه وتضع سيناريوهات لذلك الذي يرعب ذلك الكائن البديع.

الحيوانات ليست غبية في فن جورج ستابس، كما أنها ليست آلات كما ادعت رينيه ديكارت، ولا عينات محنطة في متحف، فالمخلوقات في هذا المعرض تنظر إليكم مباشرة في العين، عيونها غريبة ومقلقة، ليس كإنسان، ولكن واعية، وغريبة، حيث يمكنك أن ترى لبؤة متوهجة في تأهب، ليمور بعيون ضخمة، فأر ينتفض جسده الصغير بفارغ الصبر من القلق، أو قرد ينظر آسفا في الظلام مثل رامبرانت ولكن من نوع آخر.

جورج ستابس، الذي ولد في "ليفربول" عام 1724 وتوفي في 1806، لوحاته عن الخيول هي الأكثر شهرة اليوم. بريطانيا في القرن ال18، كانت السباقات بها شعبية للغاية كما أنها كانت مادة للقمار، وكانت خيول السباقات في شعبية نجوم موسيقى "الروك"، وكان ستابس الرسام الخاص بمجتمعهم. نفس الأرستقراطيين الذين استأجروا جوشوا رينولدز لرسم زوجاتهم أو عشيقاتهم، دفعوا لستابس لرسم خيولهم، والذي لم يخيب ظنهم فقد صور تلك الحيوانات الرقيقة بدقة وحرفية، مما جعل من فنه تحفة تخلد جمال تلك الخيول في شبابها وزهوة قوتها، فستابس هو أكثر بكثير من مجرد رسام خيول، إذ لديه رؤية للعالم الطبيعي.

وحتى في أكثر أعماله التي كلف بها كان من الواضح أنه أحب الحيوانات أكثر بكثير من حبه لأصحابها من البشر. في صورة القس روبرت كارتر ثيلويل وأسرته، والتي رسمت في عام 1776، وهو عام الثورة الأميركية، يبدو فيها أفراد العائلة كأنهم دمى هامدة مربوطة ومكسوة بأفضل ملابسهم. كل الحياة في اللوحة كانت كامنة في الحصان البني لعائلة ثيلويل، مع ومضات من الطاقة الكامنة في حين ينتظر بصبر للعدو بهم.

ستابس أراد أن يرسم شيئا أكثر طموحا من صور، إنه يريد تحقيق طموح "لوحات التاريخ" التي تحكي قصصًا كبيرة ولها أهمية معنوية عظيمة. لوحته التي رسمها 1762 "فايتون يحاول قيادة الخيول نحو الشمس" هي أولى محاولاته لفعل ذلك، هنا ستابس يقتبس الموضوع من تحولات أوفيد ميتامورفوزيس من أمثال مايكل أنجلو وروبنز، وأضفى عليها  بنفسه تطور غريب الأطوار.

عندما رسم مايكل أنجلو "فايتون"، ركز في رسمه على جسم الشاب الموثوق الذي يعتقد أنه بحماقة ظن أن يمكنه قيادة عربة الشمس، ولكن الخيول فهمت خطأ. ستابس على النقيض من ذلك، فقد صوَّر الخيول بشكل رائع ولكن فايتون الذي رسمه بدا غير واقعي تماما.

ومن عجب خيله أنها دقيقة جدا، لأنه في 1750، بعد العودة إلى بريطانيا من إقامته في روما لتوسيع العقل، انغلق ستابس على نفسه بعيدا في كوخ "لينكولنشاير"  لتشريح الحصان، وقد رسم الخيل مسلوخا بنفس الخليط المقنع من الفضول والتعاطف الذي يضع التشريح البشري لليوناردو دا فينشي في أعظم أعماله. إن رسومات التشريح الأصلية لستابس، والتي صنع منها كتابه لتشريح الحصان في 1766، يثبت أنه ليوناردو الخيول.

فالعلوم والتعاطف يسيران جنبا إلى جنب مع ستابس، فنه دقيق وعاطفي في آن واحد. بالنظر إلى ذلك الحصان، ترى ان ستابس كما لو أنه حفر نفسه حرفيا داخل الطبيعة، كأنه يرى العالم من خلال عين الحصان، وهذا ما شكل له تكوين الحصان الخائف من قبل الأسد.

هذا هو الفن الرومانسي، الذي يفتح عالما جديدا تماما من الشعور. الطبيعة هنا مكان للعجب، والوحي، الرهبة والعمق العاطفي، فحين رسم ستابس هذه القصة التي تصور رعب الحيوان كان لديه طموح لموضوع عظيم، والمعرفة التشريحية، والمراقبة الحادة، مما أدى به إلى عوالم غريبة في البرية.

ستابس يمكن أن يضعك في عرين الأسد، حيث كان يصور هذه الحيوانات المفترسة تزمجر على بعضها البعض في التنافس المتبادل، أو في مكان لاختباء النمر، مثل لوحته العظيمة عام 1779 التي تصور اثنين من النمور في لقاء حميم، أجسادهما السوداوان المرقطان تملأن اللوحة الكبيرة مع ثراء مجرد.

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

شاعرات يتحدثن عن آخر أعمالهن في ضيافة دار الشعر…
وزير الثقافة المغربي يُشارك بالمؤتمر الوزاري التحضيري لقمة الفرنكوفونية…
إنطلاق حفل أَقرأ الختامي وتتويج الفائزين بلقب قارئ العالم…
مراكش تستضيف المؤتمر العالمي لمنظمة مدن التراث العالمي لعام…
حفل اشهار كتاب "السهل الممتنع" للكاتب الأردني علي القيسي

اخر الاخبار

اتفاق بين جمعية جهات المغرب و”ICLEI Africa” لتعزيز التنمية…
عبد اللطيف لوديي يُؤكد أن المغرب على أعتاب تحقيق…
وزارة الداخلية المغربية تتجه لإطلاق خدمة طلب الحصول أو…
حزب الله يعلن مهاجمة قاعدتين إسرائيليتين وتجمعات للجنود

فن وموسيقى

النجمة ماجدة الرومي تُحقق نجاحاً كبيراً في حفل خيري…
المغربية فاتي جمالي تخوض تجربة فنية جديدة أول خطوة…
حاتم عمور يُؤكد أن ألبومه الجديد "غي فنان" عبارة…
مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يُكرّم "الفتى الوسيم" أحمد عز…

أخبار النجوم

شريف سلامة يكشف أسباب قلة أعمالة الفنية
حسين فهمي يردّ على انتقادات عمله بعد أيام من…
محمود حميدة يكشف سرّاً عن مشاركته في "موعد مع…
درّة تتحدث عن صعوبات تجربتها الإخراجية وسبب بكائها

رياضة

المغربي أشرف حكيمي ضمن المرشحين الخمسة للفوز بلقب أفضل…
محمد صلاح يتصدر ترتيب أفضل خمسة لاعبين أفارقة في…
كريستيانو رونالدو يعتلي صدارة هدافي دوري الأمم الأوروبية
محمد صلاح على رأس قائمة جوائز جلوب سوكر 2024

صحة وتغذية

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً
وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات…
نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية
الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء…

الأخبار الأكثر قراءة

شاعرات يتحدثن عن آخر أعمالهن في ضيافة دار الشعر…
وزير الثقافة المغربي يُشارك بالمؤتمر الوزاري التحضيري لقمة الفرنكوفونية…
إنطلاق حفل أَقرأ الختامي وتتويج الفائزين بلقب قارئ العالم…
مراكش تستضيف المؤتمر العالمي لمنظمة مدن التراث العالمي لعام…
حفل اشهار كتاب "السهل الممتنع" للكاتب الأردني علي القيسي