الرئيسية » أخبار الثقافة والفنون
الكاتب والشاعر المغربي عبد السلام الموساوي

فاس - حميد بنعبد الله

أبدى الكاتب والشاعر المغربي عبد السلام الموساوي، انزعاجه من كثرة المهرجانات الموسيقية المنظمة في بلده، إلى درجة يصعب على الإنسان إحصاءها، مضيفًا إنه "كان الأجدر أن يحتفظ بالمهرجانات الكبرى بعد أن تحدد أهدافها ومردوديتها بوضوح بالنسبة للفئات المستهدفة؛ وقس على ذلك المهرجانات في باقي المجالات السينمائية واللقاءات الأدبية"، فيما قال في حديث خاص إلى  "المغرب اليوم"، "لا بد من إعادة النظر في الدعم الذي تناله بعض الجمعيات من المال العام وربطه بشروط الجودة والفاعلية ووصول المنتج الثقافي إلى الفئات المستهدفة"، مضيفا "لا بد أن تخضع الجمعيات المستفيدة من هذه الأموال، إلى المراقبة من قبل المجلس الأعلى للمحاسبات"، بينما لم ينكر تواجد تطور ملحوظ في الإنتاجات السينمائية وفي تضخم عدد المهرجانات الموسيقية؛ حتى إنه "لا يمر يوم من الأيام المغربية إلا وفيه مهرجان صغير أو متوسط أو كبير... بالإضافة إلى وجود معارض جهوية للكتاب ومعرض دولي للكتاب ينظم سنويا في الدار البيضاء وتشرف عليه وزارة الثقافة".
و تابع "إن الزخم الثقافي المغربي المتقلب يسبب لي الكثير من الإحباط، لأني لست من هواة الانزواء"، إذ "بحكم مهنتي كأستاذ في التعليم العالي، أجدني منخرطا بقوة في العمل الثقافي، أستجيب للدعوات التي توجه إلى وأراها ذات جدوى أو أشعر أنني سأكون نافعا فيها، وأعتذر كثيرا عن دعوات أشتم فيها البذاءة واللاجدوى وانعدام الأهداف".
وبرر توجهه في الأعوام الأخيرة، إلى النشر في المشرق العربي، بكونه لامس واقعيا رداءة وضعية الكتب في المغرب، منها "إقدام الناشرين المغاربة على تحويل مطابعهم إلى ما يشبه محلات للجزارة أو النجارة أو المحلبات المدرة للدخل، ولو على حساب الفقراء من الكتاب الذين إذا غامروا ونشروا على حساب الدار أو المطبعة، فإنهم لا يقومون بأية استراتيجية للترويج والتوزيع، وليست لديهم أي خطة في هذا المضمار لانعدام الاحترافية في العمل ولم يتم تكوينهم في هذا الإطار فهم فيه أشبه بأرباب الحرف اليدوية".
وقال عبد السلام الموساوي الذي أشرف سابقا على مصلحة للتنشيط التربوي والثقافي في الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين في مدينة فاس قبل التحاقه بالتعليم العالي، "إن الواقع الثقافي المغربي راهنا، غدا على المستوى الكمي مضاعفا أضعافا كثيرة، ومتنوعا تنوعا فادحا، بفعل التحولات الكبرى على المستوى الديموغرافي والتعليمي، وبسبب الانفتاح على ثقافة الشعوب الأخرى؛ والذي زاد قوة بفضل ازدهار التكنولوجيات الحديثة أمام توسع البث التلفزيوني وشيوع المعلومات وظهور شبكة الانترنت التي ألغت المسافات والحدود.
وتحدث عن طفرة شهدتها مؤسسات المجتمع المدني، وتناسل جمعيات تهتم بحقوق الإنسان وبالبيئة وبالحاجة إلى إتاحة الثقافة الهادفة للمواطنين، وارتفاع منسوب الأنشطة الثقافية المنظمة على المستوى الوطني، وازدهار قطاع التأليف والنشر، حيث أظهرت بعض الإحصائيات الأعداد الهامة للإصدارات (كتب، صحف...) مقارنة مع المرحلة السابقة.
ولم ينكر وجود تطور ملحوظ في الإنتاجات السينمائية وفي تضخم عدد المهرجانات الموسيقية؛ حتى إنه "لا يمر يوم من الأيام المغربية إلا وفيه مهرجان صغير أو متوسط أو كبير... بالإضافة إلى وجود معارض جهوية للكتاب ومعرض دولي للكتاب ينظم سنويا بالدار البيضاء وتشرف عليه وزارة الثقافة".
لكن هذا الشاعر الذي ينحدر من منطقة بني ونجل في إقليم تاونات وأسهم كثيرا في عملية التأليف الإبداعي والفكري وفي نشره، أمام ذلك تساءل: هل هذا الكم دليل عافية يتمتع بها الواقع الثقافي المغربي؟، وإذا كان الأمر كذلك، فما مدى الانعكاس الإيجابي لهذا الزخم على سلوك الناس وعلى مردوديتهم في العمل والإنتاج؟.
 وقال "ما يمكن إجمال الكلام فيه بصدد الواقع الثقافي في المغرب، أن ثمة متغيرات تجعلنا نلاحظ الإيقاع الرهيب الذي تدار به عجلات الثقافة"، مضيفا "فلقد عشنا بالأمس القريب (الستينات والسبعينات والثمانينات)، أشكالا واضحة للإنتاج والصراع والتفاعل في المجال الثقافي، بحكم وجود خلفيات إيديولوجية واضحة مؤطرة للواقع الثقافي المغربي".
وأكد أن هذا الواقع الثقافي كان له آنذاك ارتباط وثيق بالمجال السياسي، متحدثا عن وضوح الصراع بين طرفين متصارعين؛ طرف ورث السلطة ووسائل الإنتاج من المستعمر، ويجتهد في ضمان استمرار الوضع حفاظا على المكاسب، وطرف يتوق إلى التغيير مبشرا بقيم جديدة مستمدة من الأدبيات الكبرى للمد الاشتراكي وللقوى الداعية إلى الديموقراطية وتحرير الإنسان من العقلية التي تشده إلى الخضوع والإذعان.
وبنظره فالإنتاجات الثقافية حينئذ الأدبية والسينمائية والموسيقية، المواكبة لهذا الصراع ـ على قلتها ـ كانت تحظى بالاهتمام الكبير، سواء من قبل المتلقين أو من قبل السلطة التي كانت تترجم اهتمامها بالشكل الذي يرضي رغبتها عن طريق فرض الرقابة والتضييق والقمع، لكن "المنتوج الثقافي لتلك المرحلة "كان مهووسا بالمضمون أكثر من انشغاله بجماليات الشكل، إلا ما ندر".
وقال "صحيح "إن من يستثمر في الثقافة عليه أن يراهن على الآماد البعيدة، فالثقافة بكل تجلياتها وأنواعها المختلفة، تمس الوجدان والعقل، ومن ثم فإن التغيير المنشود فيهما نحو الأفضل يتطلب الوقت الطويل، والحفر المتأني... ويستلزم إتاحة الأجواء المناسبة، سواء منها المادية أو الاستراتيجية؛ ومنها أن يتعاون المسؤول عن التدبير (كل الجهات الحكومية المعنية والمدنية)، مع المثقف المنتج من أجل طي الصفحات السوداء التي كانت خلالها الطبقات الحاكمة تضيّق على العمل الثقافي".
ويزيد قائلا: "الكل يعلم أن اقتلاع المسامير الصدئة من المائدة أمر لم نفرغ منه بعد، فما يزال بعض المناوئين للعمل الثقافي الجاد، يعيشون بيننا ويملكون سلطة القرار التي تساعدهم على إعاقة المحاولات الجادة في تثقيف الناس وتنويرهم، وتتخذ إعاقتهم  ـ هاته ـ أشكالا متنوعة بحسب كل واحد في موقعه"، مضيفا "فمن مانع باسم القانون لبعض الأنشطة (سلطات محلية متفرعة عن الداخلية...)، إلى حذف أشطر مالية تخصص للعمل الثقافي من ميزانيات المؤسسات المختلفة، أو تحويلها لغرض آخر، إلى مستصغر للمثقفين وثقافتهم بدعوى انعدام الجدوى والمردودية المباشرة. ولن يسعنا المجال لبسط الأمثلة في هذا الشأن، فهي كثيرة ومتعددة".
وقال "هناك معيقات أخرى يقوم بها بعض المحسوبين على المثقفين، أو لنقل بعض من يتخذون العمل الثقافي ذريعة للوصول إلى مصالح مادية صرفة. فيؤسسون الجمعيات، ويتنافسون على طلب دعم برامجهم التي تبقى حبرا على ورق، أو في أحسن الأحوال ينظمون أنشطة تفتقد إلى كل شروط العمل الثقافي الحقيقي الذي ينبغي أن يرسم أهدافا لتحقيقها عند الفئات المستهدفة"، لكن "الأدهى من ذلك أن هناك جمعيات ثقافية ذات الصيت الذائع والتراكم الهام، يأتي عليها زمن تتحول فيه إلى مقاولة لخدمة مصالح المكتب المسيِّر لها، وخصوصا ما يتعلق بالسفريات التمثيلية والنشر والتعويضات، ضاربة بذلك مثالا سيئاً للعمل الثقافي المسؤول، وللمثقف المدبر".
وفي ظل هذا الوضع الملتبس، وضع طغت فيه الفردانية ومصالحها، "يصبح الإنتاج الثقافي الصادر عن مثل هؤلاء غير ذي أهمية في نظر الناس، ما دام أن أصحاب هذا الإنتاج لم تنفعهم ثقافتهم في الارتقاء بسلوكهم فيفقدون بالتالي ثقة الناس فيهم، وفي أدوار الثقافة برمتها. ولعل هذا الوضع هو الذي يدعو المثقفين الحقيقيين إلى الانزواء بعيدا، مؤثرين الاشتغال في صمت وبعيدا عن الأضواء الشيء الذي يعرقل وصول أعمالهم إلى المتلقين" يقول الموساوي الذي انتهى من تهييء كتابه "للمتلقي واسع التأويل" للنشر.
هذا الكتاب عبارة عن دراسات للشعر المغربي المعاصر، ويأتي في ظل استعداد هذا الشاعر لإصدار سيرته الذاتية الرواية التي تحمل عنوان "بيوت بلا جدران"، بعدما أصدر هذا العام كتاب "الموت المتخيل في شعر أدونيس" عن دار النايا في دمشق، وتنظميه له جلسات ولقاءات للتوقيع بالمعرض الدولي السابق للكتاب في الدار البيضاء وفي مدينة فاس.
وصدر له في المدة الأخيرة، ديوان شعري عن دار النهضة العربية في العاصمة اللبنانية بيروت، يحمل عنوان "لحن عسكري لأغنية عاطفية"، الذي قال عنه "أنا سعيد بالأصداء الجيدة التي خلفها من خلال ما يكتب عنه من مقالات ودراسات"، مشيرا إلى وجود مشاريع أخرى لا سيما في الشعر.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

خطاط كسوة الكعبة المشرفة يحرز المركز الأول في ملتقى…
انتظارات مدنية لتحقيق "القراءة للجميع"
المستشارة هالة الطويل تُطالب "اليونسكو" بعدم التزامها الصمت وإدانة…
مكتبة محمد بن راشد تستضيف الجزائري واسيني الأعرج أحد…
شاعرات يتحدثن عن آخر أعمالهن في ضيافة دار الشعر…

اخر الاخبار

الملك محمد السادس يُهنئ رئيس رومانيا بمناسبة احتفال بلاده…
مجلس التعاون الخليجي يًُؤكد على مواقفه الثابتة الداعمة لمغربية…
رياض المالكي يُشيد بالدعم الذي يُقدمه الملك محمد السادس…
الأونروا تؤكد محاولة إدخال مساعدات إلى غزة لكنها سرقت…

فن وموسيقى

منى زكي تحتفي بعرض فيلمها "رحلة 404" في هوليوود…
الكويت تسحب الجنسية من الفنان داوود حسين والمطربة نوال
حسين فهمي يكشف تفاصيل تحضيره لمهرجان القاهرة السينمائي في…
سعد لمجرد يُصدر أغنيته الهندية – المغربية الجديدة «هوما…

أخبار النجوم

إلهام شاهين تكشف عن سعادتها بحصولها على تكريم خاص…
كريم عبد العزيز يتمنى أحدث أفلامه السينمائية "الأرض السوداء"…
شيرين عبد الوهاب تُعبر عن سعادتها بسبب الحفاوة الكبيرة…
المغربية ابتسام تسكت تكشف عن جديدها الفني المُرتقب عرضه

رياضة

محمد صلاح يؤكد أن مباراته أمام مان سيتي ستكون…
"الفيفا" يُعلن حصول ملف استضافة السعودية لكأس العالم 2034…
3 لاعبين مغاربة في قائمة المرشحين لجوائز الأفضل لعام…
"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"

صحة وتغذية

وزير الصحة المغربي يؤكد أنه لا يمكن وضع تشريعات…
السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل…

الأخبار الأكثر قراءة

انتظارات مدنية لتحقيق "القراءة للجميع"
المستشارة هالة الطويل تُطالب "اليونسكو" بعدم التزامها الصمت وإدانة…
مكتبة محمد بن راشد تستضيف الجزائري واسيني الأعرج أحد…
شاعرات يتحدثن عن آخر أعمالهن في ضيافة دار الشعر…
وزير الثقافة المغربي يُشارك بالمؤتمر الوزاري التحضيري لقمة الفرنكوفونية…