الرباط-المغرب اليوم
عديدة هي المبادرات والجهود المغربية لصيانة التراث اليهودي والحفاظ عليه من الاندثار، فالمملكة تعرف منذ سنوات ورشات مستمرة للحفاظ على الموروث اليهودي، وتعزيزه وحمايته من الاندثار.ولا يختلف اثنان على أن اليهود المغاربة كانوا ولا يزالون من أهم مكونات المجتمع المغربي، ولا شك أن البلاد تزخر بثقافة عبرية تسعى البلاد على حمايتها سواء دستوريا أو عمليا وحتى علميا.
الدستور والرافد العبري
نص دستور 2011 على أهمية الرافد العبري في الثقافة المغربية، معتبرا أنه جزءا لا يتجزأ منها ويغني مكونات الهوية الوطنية، مُشددا في ديباجته أن "المغرب دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم مقومات هويتها الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها، العربية – الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية".ويؤكد المحللون الدستوريون بالبلاد بأن استحضار الرافد العبري هو وليد دستور 2011 ، إذ لأول مرة ذكر أحد دساتير البلاد اليهودية كأحد مكونات الوطن، إلا أن هذا لا يعني أن الاعتراف بهم كان متواجدا منذ عصور.تقول زهور رحيحل، المشرفة على المتحف اليهودي بمدينة الدار البيضاء، لـ"العين الإخبارية" إن دستور 2011 شكل استثناء، مؤكدة أنه أول وثيقة دستورية استحضرت المكون اليهودي كجزأ لا يتجزأ من مكونات المملكة.وتتوفر بالمملكة أيضا محاكم عبرية تنظر في الشؤون الخاصة باليهود بناء على ما تنص عليه الديانة التي يتبعونها، وهي خطوة متميزة تلقى إشادة دولية.
العبرية بالمقررات دراسية
تتناول المقررات الدراسية المغربية هي الأخرى الرافد العبري، وتحدث فؤاد شفيقي، مدير البرامج المدرسية بوزارة التربية الوطنية، لـ"العين الإخبارية" عن كون البلاد أطلقت قبل سنوات ورشا لمراجعة المقرررات الدراسية تماشيا مع دستور 2011 ، الذي ينص على توفر المملكة هوية متعددة الروافد سواء الأمازيغية أو الحسانية وحتى العبرانية.وأوضح شفيقي أنه منذ عام 2014 دأبت المملكة على إحداث تغييرات بالمقررات الدراسية، مفيدا بأنها حاليا تم تغيير مقررات المستوى الابتدائي وتضمينها دروسا عن الرافد العبري الذي تزخر به.وأفاد المسؤول بأن بلاده تنوي تغيير المناهج في مستويات أخرى في السنوات المقبلة، متحدثا عن عدة كتب تتناول نصوصا تتحدث عن الثقافة اليهودية، الهدف منها تربية الأجيال على ثقافة التعددية والتنوع واحترام الآخر.
الحفاظ على المعالم اليهودية
عام 2013 أصدر العاهل المغربي أمرا ساميا بترميم كل المعابد اليهودية بمختلف ربوع البلاد، وهي خطوة لاقت استحسان اليهود، سواء القاطنين بالمغرب وحتى أولئك الذين هاجروا لكنهم دأبوا على زيارة موطن الأجداد كلما تيسر ذلك.العاهل المغربي شدد في أوامره أنه "لا يجب ألا يقتصر دور هذه الكنس فقط على العبادة، إنما أن تكون أيضا فضاءً للحوار الثقافي وإحياء القيم الحضارية للمغرب".وانطلقت ورش كبرى لترميم مختلف المعابد اليهودية، ورغم ذلك وعلى مر السنوات كانت تصدر أوامر ملكية بترميم أحياء الملاح التي تعد جزءا من تاريخ اليهود بالمغرب، وتشهد على ذكريات التعايش بين المسلمين واليهود.
"رحيحل" أكدت أن عملية ترميم المتاحف اليهودية انطلقت منذ عام 1997، وتم منذ ذلك الحين ترميم أكثر من 9 معابد يهودية، تزخر بالثقافة اليهودية وتضم تراثا وجب الحفاظ عليه لكونه جزءا أساسيا من تاريخ البلاد.وقال سامي ألون، عضو الطائفة اليهودية بالمغرب لـ"العين الإخبارية": "سيدنا الملك محمد السادس هو الذي أعطى أوامره للاهتمام بكل ما يهم اليهود من معابد ومزارات، هناك العشرات في الجنوب والشمال وهي التي تربط اليهود المغاربة بمختلف بقاع العالم بأرض أجدادهم".وتابع قائلا: "هنالك من اليهود المغاربية الذين يسافرون لـ30 او 40 سنة لكنهم دائما يعودون إلى هنا لزيارة أرضهم والتعرف على تاريخهم".
إنشاء المتاحف والمعارض اليهودية
لا يقتصر الحفاظ على الثقافة اليهودية بالمملكة على المعابد بل يتعداه لإنشاء المتاحف والمعارض اليهودية، وهي أيضا تتم برعاية ملكية.آخر المبادرات الملكية التي لاقت استحسانا كبيرا من قبل الطائفة اليهودية بالمغرب كانت زيارة عاهل البلاد في يناير/كانون الثاني من العام المنصرم لمؤسسة "بيت الذاكرة" وهي مساحة روحية وتراثية للحفاظ على الذاكرة اليهودية المغربية وتعزيزها في الصويرة.المبادرة لاقت استحسانا كبيرا، وأشاد بها المستشار الملكي اليهودي، أندري أزولاي، قائلا "إنها دليل أن المغرب يتذكر تاريخه"، كما أطلق الملك ورشا لتشييد عدد من المتاحف اليهودية في مدن مغربية عدة، منها في المدينة العتيقة بفاس.
قد يهمك أيضا:
وزارة الثقافة المغربية تأجل المعرض الدولي للنشر والكتاب في الدار البيضاء
العثور على حجر كريم نادر يشبه "شخصية شهيرة" قد تبلغ قيمته آلاف الدولارات