الرباط -المغرب اليوم
هي واحدة من المناطق التي تنفرد بمؤهلات طبيعية أكسبتها جاذبية وإشعاعا ب إقليم اشتوكة آيت باها وجهة سوس ماسة على الأقل. إنها الجماعة الترابية تاركا نتوشكا، الواقعة في عمق الدائرة الجبلية لاشتوكة.وأبرز تلك المؤهلات واحة ممتدة تغري بجمالها الأخاذ، وبأشجارها المتنوعة، التي حولتها إلى لوحة طبيعية تسر الناظرين. إذ يقصدها الزوار من أجل الاستمتاع بوجبة غداء تحت ظلال الأشجار الوارفة، وكذا الاستمتاع بالمياه العذبة الجارية على مدار السنة، والمتدفقة من منابع طبيعية تصر على إخراج المياه مرفوقة بخريرها الذي ينساب إلى الآذان ممتعا إياها كأنها موسيقى خفيفة لا يتذوقها إلا المولعون بحب الطبيعة.
وإضافة إلى تلك المؤهلات المتنوعة، تشهد جماعة تاركا نتوشكا طفرة في المجال الجمعوي، بعد أن نهل أبناء المنطقة من الدينامية الجمعوية التي انطلقت بإقليم اشتوكة آيت باها أواسط التسعينيات، إذ لا يخلو دوار أو مدشر من جمعية أو أكثر، تحمل مشعل التنمية في مختلف المجالات، متسلحة بغيرة أبناء المنطقة على بلدتهم، فحققوا ما لم تحققه جماعتهم، بفضل الإرادة والعزيمة وقوة الترافع الممزوج بمساهماتهم المادية، وانخراطهم الواعي في كل مبادرة تروم تحسين ظروف عيش الساكنة، فحضر بذلك الفاعل الجمعوي وغاب الفاعل الجماعي.
العربي لغيتي، رئيس جمعية تيفاوت ن إدوران، قال، في تصريح لهسبريس، إن “النسيج الجمعوي لتاركا نتوشكا نشيط وفاعل جدا، إذ يقوم بمبادرات كثيرة لتنمية المنطقة، وتوفير ظروف العيش الكريم للمواطنين ساكنة هاته المنطقة الجبلية الوعرة، فهناك مشاريع تهم الربط بالماء الصالح للشرب كمشروع جمعية تيشكا أطلس، ومشروع جمعية مبادرة، ومشروع جمعية آيت وغان. إضافة إلى مشاريع من أجل فك العزلة عن المنطقة كتهيئة المسالك وشق الطرق، أنجزتها جمعيات أكرنوز، وتيفاوت ن إدوران، وتيزا، وإمديون. أما في مجال العمل الخيري التضامني، فقامت الجمعيات بتنزيل مبادراتها التضامنية الشاملة بجميع تراب الجماعة، داعمة لمجهود الدولة، ومحققة وضامنة للسلم الاجتماعي ولكرامة المواطنين والمواطنات”.
كما تشمل عمليات تدخل الجمعيات المحلية في تاركا نتوشكا مجالات أخرى، تبرز اللحمة التي تجمع الناس في هاته المناطق، منها، حسب لغيتي، “الدعم الاجتماعي لفائدة التلاميذ عبر استفادتهم من المحافظ والأدوات المدرسية، وفي بعض الأحيان الملابس، وكذا القيام بالتنشيط التربوي بشكل سنوي، والرحلات خارج المنطقة، إلى جانب تنظيم الحملات والقوافل الطبية، وتزويد الساكنة بالأدوية، وكذا دعم بعض الحالات التي تحتاج للعمليات الجراحية، ناهيك عن الاعتناء بالمدارس العتيقة ومساجد الدواوير من حيث البناء أو الإصلاح أو التموين، فضلا عن المشاركة في مجهود الدولة لمحو الأمية، والتنشيط الرياضي والثقافي، وتنظيم مهرجانات فنية ثقافية لإحياء الموروث الثقافي والرصيد الفني لمنطقة تاركا نتوشكا”.
وأغلب إن لم نقل كل التدخلات والمبادرات الجمعوية “يتم تنزيلها بدعم ذاتي وتمويل جله من طرف المنخرطين والمحسنين، وفي بعض الأحيان بدعم من مؤسسات الدولة أو المنظمات الوطنية أو الأجنبية، فيما يبقى نصيب الجماعة ضعيفا جدا أو منعدما في بعض الحالات. كما أن دعم الجمعيات لا يتم بالشكل المتوازن، الذي يضمن العدالة المجالية في توزيع هذا الدعم. ويمكن اكتشاف ذلك إذا قمنا بتوطين عمليات الدعم العمومي في خريطة تاركا نتوشكا، إذ ستبرز التخمة في بعض المناطق والتهميش في مناطق أخرى. فالعدالة المجالية واجبة وينص عليها الدستور المغربي، وكذا القانون المغربي المؤطر لعملية الولوج للدعم العمومي”، يقول رئيس جمعية تيفاوت ن إدوران.
قبل أن يضيف “نعم هناك استفاقة متأخرة نتيجة ضغط الجمعيات وقيامها بالعديد من الشكايات والترافع والنضال، لكن هاته الاستفاقة غير كافية، ولا تبين تغييرا يضمن تعاملا جديا مع جميع الجمعيات على قدم المساواة، من خلال فتح الباب أمامها للوصول إلى الدعم العمومي بشكل قانوني أساسه الاستحقاق والانصاف. فجمعيات تاركا نتوشكا، كشريك للدولة وللمجالس المنتخبة في التنمية، تريد الإنصات والتواصل أولا، ثم الاحتضان والمواكبة ثانيا، وأخيرا الإنصاف والمساواة في الولوج إلى الدعم العمومي على أساس الاستحقاق والفاعلية وقوة إعداد الملفات وضمان الاستمرارية والأثر الاجتماعي وكذا العدالة المجالية”.
وفي اتصال به، أوضح عبد الله بوحشموض، رئيس المجلس الجماعي لتاركا نتوشكا، لجريدة هسبريس أن “توزيع الدعم على الجمعيات رهين بإعداد ملفات متكاملة من حيث الدراسات التقنية وأهمية المشروع وتأثيره على الساكنة”، مضيفا أن “المجلس سبق له أن اعتمد صرف منح صغيرة لا تتجاوز قيمتها 5 آلاف درهم، إلا أنه اتضح لنا عدم جدوى هذه المبالغ، التي تصرف على أمور لا تنعكس إيجابا على المصلحة العامة، مما دفعنا إلى التراجع عن هذا التوجه”.
وتابع المسؤول المنتخب قائلا: “بالعكس، خلال الولايتين الانتدابيتين الحالية والسابقة، أرى أنه تم تحقيق العدالة المجالية، فكل الدوائر نالت حظها من مشاريع ممولة من طرف الجماعة أو شركائها، سواء مشاريع الماء الشروب أو الطرق وغيرها. أما بخصوص الدعم الاجتماعي، فوجدنا مشاكل تقنية في تحديد الفئات المستهدفة وتغطية كافة تراب الجماعة، وتتدخل الدولة في هذا الشأن عبر السلطة المحلية، سواء من خلال قفة رمضان أو غيرها، وعلى الجمعيات أن تشكل قوة اقتراحية، فلم يسبق لي أن تلقيت طلبا أو دعوة لعقد لقاء معها لتدارس آفاق التعاون”.
“وبالنظر إلى كون ميزانية الجماعة ضعيفة جدا، ونظرا لوجود العديد من المشاريع خارج اختصاص الجماعة، وفي ظل جائحة “كورونا”، تم تحويل الدعم المخصص للجمعيات للسنة الجارية إلى النقل المدرسي وسيارة الإسعاف. وأؤكد أن باب الحوار مفتوح أمام الجميع، ونرحب بمقترحات المجتمع المدني. كما أؤكد أن توجيه أي دعم أو مشروع يتم عبر مصادقة أعضاء المجلس، والمجلس سيد نفسه. كما لممثلي الساكنة والجمعيات دور بارز في الترافع واقتراح ما يرونه مناسبا من أجل تنمية المنطقة”، يورد رئيس جماعة تاركا نتوشكا.
قد يهمك ايضا