فاس - المغرب اليوم
أمام جمهور الدورة الـ14 من مهرجان الثقافة الصوفية بفاس، تتتبع الباحث جون ديرينغ تقاليد العلاج بالموسيقى عند عدد من الحضارات القديمة، محاولا تفسير طبيعة هذا التأثير وتفنيد التمثلات غير العلمية حول هذا النوع من العلاج.وتتبع جون ديرينغ، عالم موسيقى شعبية ومديرُ أبحاث بالمركز الوطني الفنرسي للبحث العلمي (CNRS)، تقاليد العلاج بالموسيقى في إيران وبلاد فارس منذ الفترة ما قبل الإسلامية، وفي أوروبا عند فيتاغورس الذي تحدث عن مثل هذا العلاج، والزيارات إلى الهند للتداوي بالأنغام، معرجا على المقامات الموسيقية العربية، والطرب في الغرب الإسلامي، الذي تخص كل نوبة منه وقتا خاصا من اليوم، ولكل منها تأثير خاص.
وبعيدا عن فكرة وجود علاج موسيقي جاهز يصلح للجميع، يخلص الباحث الفرنسي إلى أن المعرفة بالأدواء لوصف علاج موسيقي لها تقتضي معرفة بذبذبات الجسد حتى توصف للمريض أو المتعب نفسيا موسيقى تناسبه.وفي تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، قال ديرينغ إن دور الموسيقى الأساسي هو “تغيير الوضع الداخلي للإنسان، سواء كان مزاجا أو وضعا روحيا أو إذا كنا مرضى جسديا إلى درجة معينة”، وتابع قائلا: “في بعض الحقب، تمت محاولة مأسسة هذا العلاج، بالتداوي بآلة أو مقام أو نوبة تصلح لعلاج هذا المرض أو ذاك”.
ومع حديث الإثنوموسيقولوجي الفرنسي عن السعي في ثقافات متعددة، طيلة قرون، إلى “تطوير علاج بالموسيقى”، إلا أنه يسجل أن “الموسيقى تتغير، والأمراض أيضا”، قبل أن يوضح أن عصرنا الحالي يمكن من “أن نكتشف هذه الأسرار مع العلوم الإدراكية، والإحاطة بما يسمعه الإنسان وما يدركه”.ويؤكد الباحث إمكان استعمال أشكال موسيقية، لإراحة البعض، ثم يزيد: “في النصوص القديمة، يمكننا القول إن الموسيقى يمكنها أن تشفي أمراضا، بما في ذلك الأمراض العضال”، قبل أن يستدرك قائلا: “لكن كإثنولوجي وعالم موسيقى، أبحث عن الملموس”.
ووضح المصرح أن ما وجده في أبحاثه التي قادته إلى آسيا الوسطى، وإيران، وصولا إلى الصين، هو أن “موسيقيين معينين لهم موهبة وحساسية معيَّنة ولهم قدرة، عندما نقدم لهم حالة معينة، أن يجدوا الموسيقى التي يمكنها أن تهدّئ شخصا بعينه”.وأكد الباحث أن هذا الأمر دائما، وفق ملاحظاته، يتم في إطار “علاقة فردية، وفق وصفة شخصية”؛ فـ”يجس الموسيقي مثلا نبض الشخص المريض، ويبدأ في فهم الموسيقى التي يمكنها أن تناسبه، ويغني بهدوء، وبالاستماع للنبض يمكن تتبع تحسن وضعه”.ويضيف المتحدث: “من يعاني من الأرق مثلا، يصف له موسيقى معينة عليه غناؤها، حتى يمكنه النوم”، وهو ما يمكن أن يتم أيضا “عبر الآلة الموسيقية فقط”؛ لكن تبقى هذه العلاقة العلاجية “فردية دائما، بين المعالِج والمعالَج”.
قد يهمك أيضَا :
التشكيلية المغربية نجوى الهيتمي تعرض أعمالها في مهرجان الثقافة الصوفية