أنقرة ـ جلال فواز
أعربت الفنانة التركية، إيكين أونات، 41 عامًا، عن حبها إلى الطبيعة والمساحات الخضراء أثناء سيرها باتجاه ميدان تقسيم، وتعيد أونات إلى الأذهان المظاهرات السلمية ضد خطط الحكومة لإزالة حديقة "Occupy Gezi" في هذه المنطقة لبناء مركز تجاري، ما أدى إلى تمرّد جماهيري، وعنف من جانب الشرطة، أسفر عن مقتل 4 أشخاص على الأقل وإصابة أكثر من 8 آلاف آخرين، وأثّرت المظاهرات في حياة أونات للغاية، حيث أكّدت أنّ "كل شيء تغيّر، تحوّلت حياتي من فكرة "أنا" إلى "نحن"، الآن أفكر كجماعة وشعب وتاريخ مرتبطين ببعضهم البعض".
وتعدّ أونات راقصة باليه، تحوّلت إلى فنانة مع تاريخ سياسي قوي، تأثّرت كثيرًا بالتيار النسوي والوسائط المتعددة ما ساعدها في إنتاج أعمال خاصة بالعنف الجنسي وقضايا الاغتصاب، إلا أن مشروعها المقبل أكثر قوة ويهاجم الرئيس التركي أردوغان، ونجحت أونات على مدار 6 أشهر في جمع تفاصيل من 330 صفحة عن 2000 قضية أعمال عنف ارتكتبها الدولة ضد المواطنين الأتراك على مدى 11 شهرًا مضت، وأوضحت أونات أنها ستعرض هذه المعلومات في عرض فني في بينالي فينيسيا، ويأتي العرض بعنوان "Pavilion of Humanity" من صنع أونات والفنان ميشال كول حيث تتحوّل إحدى الفيلات في فينيسيا إلى تقديم منزل فني لحقوق المرأة وحرية التعبير.
وعلّقت أونات بشأن خوفها على سلامتها، بأنّها "لست خائفة على نفسي لكني خائفة من فقدان بلدي ، أخاف على ما يمكن أن تتحوّل إليه بلدي، انظر حولك نحو الحشود التي تتسوّق في الشوارع، الناس يمارسون حياتهم ولكن هناك توتر تحت السطح، الحياة هادئة سطحيا فقط"، مشيرة إلى أنّ النقطة التي وصل إليها التاريخ التركي "أزمة، كان هناك نوع من التطهير الفكري"، وتعرضت البلاد إلى حالة طوارئ عقب محاولة الانقلاب الدموية التي وقعت في الصيف الماضي، ما أدى إلى إقالة أكثر من 130 ألف شخص من المنشقين من مسؤولي الدولة والمعلمين والبيروقراطيين، وتم اعتقل أكثر من 95 ألف شخص مع القبض على أكثر من 47 ألف شخص، وتم التخلص من أكثر من 7 آلاف أكاديمي و4 آلاف من القضاة والمدّعين العامين وأغلق 149 منفذًا إعلاميًا وسُجن 231 صحافيًا.
وتعد أونات نفسها إلى المنفى حيث غادر زوجها واثنين من أطفالها المراهقين البلاد بالفعل، وتضيف أونات أنّ "كل شرطي في تركيا لديه الحق في القتل، ارتداء زي الشرطي يبدو كما لو أنه يزيل إنسانيتهم لا يوجد أي تعاطف، لقد قاتلت دائمًا من أجل حقوق المرأة ولكن يبدو أنه لا يوجد وقت للفصل الأن، نحن نكافح من أجل حقوق الإنسان"، ويذهب الأتراك الأحد إلى صناديق الاقتراع للتصويت على استفتاء يعتبر التطوّر السياسي الأهم منذ إعلان جمهورية البلاد عام 1923، حيث يجري اقتراح تعديل 18 مادة دستورية لتحويل البلاد من الديمقراطية البرلمانية إلى النظام الرئاسي، وتابعت أونات " وإذا كانت نتيجة الاستفتاء "نعم" يحصل أردوغان على السلطة حتى عام 2029، إنه أمر صادم وبخاصة للنساء، إنهم يمحون حقوقنا لسنوات، الاغتصاب الزوجي والإجهاض وحق الرجل في الزواج من طفلة عمرها 11 عامًا والعنف المنزلي أدوا إلى تراجع الدولة".
وأفاد الممثل ليفنت أوزومكو، صديق أونات "أنا ملحد وفي السابق كان يمكننا أن نعيش بجوار بعضنا البعض ولكن الأن كيف سنعيش معا؟"، وانتشر الإحباط بين حديث الشيوعيين كما استقال العديد من الفنانين، ويسخر صديق أونات "تونج تاتوغلو" متسائلا عن أهمية الفن، ونشأت أونات بواسطة أم عزباء فنانة وأستاذة جامعة "تولين أونات" والتي استمرت في العمل حتى عمر 74 عامًا ومارست الرسم، وتضيف أونات " عانت أمي وناضلت وعملت وربّتني"، وتابعت أونات بشأن ابنتها "أشعر دائما بالقلق عليها، أنا أمها ولكن هذا شئ في دمنا، صنعت أمي زخارف من الفن المحلي إنه عمل إبداعي، والدتي فنانة لأنها شغوفة بالفن وبدونه ربما تموت، الفن ليس شغفي لكنه مهمتي،، إنها سلاحي".