الرياض ـ المغرب اليوم
وسط خلفية حمراء مزيّنة بمصابيح مضيئة تُقسمها إلى 36 نافذة كأنّها فواصل ترسم حدود كل نافذة، لتُشكل ديكور مسرح مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي "إثراء"، وقف 36 عازفًا عبر النّوافذ يروون بعزفهم حكاية موسيقى «المانغانيار» الهندية، بقيادة الفنان الشهير رويستن أبيل.
يبدأ العرض الذي يستضيفه مسرح "إثراء" في الفترة من 14 - 17 من الشهر الجاري، بأحدث الآلات الموسيقية المستخدمة فيها الكمان، وينتهي إلى الأقدم منها المزمار، مرورًا بالطّبل والنفخ، وهو ما يُبين حرص "المانغانيار" على تناقل موسيقاهم وتوارُث أغانيهم من جيل إلى جيل مما جعلهم حماة لتاريخ صحراء طهار وحفظة لتراثها.
تراث لم يبقه رويستن أبيل جامدًا، بل أدخل عليه الآلات والنغمات التي تعكس الحراك الاجتماعي والنشاط اليومي لراجستان، وعرضه بشكل تمثيلي جذاب يمزج بين الموسيقى والغناء والتمثيل، لإمتاع الجمهور من خلال الإبداع المسرحي.
وقال مدير العلاقات والإعلام في مركز "إثراء" الدكتور أشرف فقيه، "نهدف في (إثراء) إلى تقديم الأفضل من الثّقافات العالمية لجمهورنا في المملكة، حيث يستمر المسرح في تقديم برامجه خلال عام 2018 عبر مجموعة من العروض الموسيقية والمسرحية الإبداعية من أماكن مختلفة حول العالم، مثل، اليابان، والنمسا، وروسيا، والهند، والعراق، وفرنسا، والمغرب، وألمانيا، والولايات المتحدة الأميركية، بالإضافة إلى السعودية"
وأضاف "لن يكتفي المسرح باستضافة العروض الزائرة، بل سيقدم عروضًا مسرحية عربية من تطوير وإنتاج المركز، بينما سيشهد عام 2019 أول مسرحية من إنتاج المركز تتحدّث عن التاريخ العربي".
واكتُشفت عروض "المانغانيار" في عام 2006، ضمن مهرجان أوسيان للأفلام العالمية في دلهي، حيث ارتبط هذا الفن بالمجتمعات الإسلامية في راجستان، التي تعدّ أكبر الولايات في الهند، وذلك لأنه يروي التاريخ والحياة في تلك المناطق، إذ عاشت فنون "المانغانيار" لأكثر من 15 جيلًا عندما كانوا جزءًا من حاشية حكّام الهند الشماليين، وأنتج هذا الفن مزيجًا ساحرًا للتقاليد الصوفية الإسلامية والهندوسية، حيث ضمت حصيلتهم الموسيقية قرونًا من التاريخ كان من أبرزها أغاني الإسكندر الأكبر وإيقاعات هندية قديمة.
يُذكر أنّ مسرح "إثراء" يحظى بتصميم أوبرالي يضمّ 900 مقعد على مساحة تقدّر بـ10 آلاف متر مربع، ويهدف إلى تنظيم 30 عرضًا محليًا وعالميًا سنويًا، تشمل العروض المسرحية وعروض السيرك وعروض الدّمى بالإضافة إلى العروض الموسيقية المتنوعة.
وقد صُمم المسرح بارتفاع على امتداد ثلاثة مستويات بالتدرّج جهة مقاعد الجمهور، لتنتهي عند الشرفة المرتفعة التي صُممت بأسلوبٍ فريدٍ يتضمّن مشاهدة واضحة لخشبة المسرح، حيث تصل الطّاقة الاستيعابية للشرفة إلى 174 مقعدًا، بينما يصل العدد في الشرفة الثانية إلى 158، والثالثة إلى 196 مقعدًا، كما يوفّر المسرح مساحة مخصّصة لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة في الوصول إلى مقاعدهم.
ويهدف مركز الملك عبد العزيز الثّقافي العالمي إلى إثراء المجتمع السّعودي عبر تقديم مبادرات وبرامج نوعية لكل شرائح المجتمع، مستندًا إلى خلق محتوى معرفي متميّزٍ، وتقديم تجارب واسعة للزوار من خلال العروض والندوات والمؤتمرات المحلية، حيث يُعد المركز منصّة للإبداع تُجمع فيها المواهب للتعلّم ومشاركة الأفكار لمختلف الفئات العمرية.
ووُلد الفنان رويستن أبيل، في ولاية كيرلا في الهند، واختار دراسة التجارة في بداية حياته قبل دراسة فنون المسرح، حيث عمل خلال فترة تدريبه مع شركة "شكسبير الملكية" في لندن، وعند عودته إلى الهند في عام 1999 أنشأ شركة "شكسبير الهندية"، التي أنتج من خلالها مسرحية "عطيل"، التي حُوّلت لاحقًا إلى فيلم عالمي عندما حازت المسرحية على الجائزة الأولى لمهرجان "فرنج" في اسكتلندا.