القدس المحتلة ـ ناصر الأسعد
كشف تقرير لإحدى منظمات حقوق الإنسان تعرض قرابة 40 مواطنًا فلسطينيًّا للتعذيب والضرب وحلاقة الشعر عنوة على يد ضباط ينتمون إلى حركة "حماس" بعد أن تم تقييدهم، وعصب أعينهم. وقال اسماعيل حالو أنه كان يعمل في محطة تعبئة الوقود التي تملكها عائلته عندما توقفت سيارة شرطة بعد ظهر أحد أيام الخميس أمام المحطة واقتادته داخلها إلى مركز الشرطة بعد أن قامت بعصب عينيه، و قاموا بتقييد قدميه بواسطة لوح خشبي وضربه على باطن قدميه، كما قاموا بقص خصلات شعره التي كان يصففها بالجيل على طريقة سبايكي. ووضح حالو الذي يبلغ العمر من 22 عاما، أنه كان يصرخ ويبكي من شدة الألم الذي لم يتعرض لمثله طوال حياته، حيث تعرضت قدماه لكدمات منعته من المشى عليها لمدة ثلاثة أيام، لافتًا إلى أن أثار الكدمات والسجحات لازالت في قدميه على الرغم من مرور ثلاثة أسابيع على الواقعة، مشيرًا إلى أن الشرطة لم تبرر له سبب اعتقاله وضربه ولكنه اكتشف فيما بعد أنه لم يكن وحده الذي تعرض لهذه المحنة. ونسبت صحيفة الغارديان البريطانية إلى منظمة الميزان لحقوق الإنسان قولها، إن شرطة حماس قامت على مدار الشهر الماضي بقص شعر ما لا يقل عن أربعين رجل وذلك على سبيل التخويف والتهديد في إطار حملة من الانتهاكات التي تستهدف فرض القيم والأعراف الإسلامية الخاصة بالمظهر الشخصي. وأشارت المنظمة إلى أن الشرطة استهدفت هؤلاء الشباب لأنهم قاموا بتصفيف شعرهم على النمط الغربي أو لأنهم كانوا يرتدون سراويل من الجينز المنخفضة بشدة عند منطقة الخصر على نحو يكشف عن ملابسهم الداخلية، ومع ذلك تنسب صحيفة الغارديان إلى أحد هؤلاء قوله أن لم يرتكب أي من هاتين التهمتين ومع ذلك تعرض للضرب وحلاقة الشعر. أما راجو حايك الذي يبلغ من العمر 33 عاما فيقول أن ثمانية من أفراد الشرطة اقتادوه أثناء اصطحابه لوالده المقعد إلى إحدى العيادات الطبية، إلى داخل سيارة الشرطة وتقييد يديه ووضع قميصه فوق شعر رأسه ، وفي مركز الشرطة رأى كومة من الشعر على الأرض وفي تلك الأثناء قاموا بضربه على كافة أنحاء جسده وقاموا كذلك بحلق شعره وهو يبكي، مؤكدًا أن مايفعلونه ليس بسبب سراويل الجينز وليس بسبب طريقة تصفيف الشعر ، إنما لأنهم يريدون أن يخيفوا سكان عزة منهم. وتقول منظمات لحقوق الإنسان وعدد من المحللين في غزة، إن حركة حماس أعادت إحياء أسلوبها القديم في فرض الأعراف والسلوكيات الاجتماعية الإسلامية في قطاع غزة الذي تسيطر عليه منذ ست سنوات ، ويستشهد هؤلاء بعدد من التطورات التي وقعت أخيرًا والتي تشمل صدور قانون جديد يقضي بالفصل بين الجنسين داخل الفصول المدرسية ومنع المرأة من المشاركة في ماراثوان كانت تحت رعاية الأمم المتحدة الأمر الذي أدى إلى إلغاء الحدث، إضافة إلى منع النساء تدخين الشيشة في الأماكن العامة أو الركوب في المقعد الخلفي للدراجات النارية. وأوضحت التقارير أن الحركة ترغم بنات المدارس على التقيد بالتعاليم الدينية في الملابس، ويشير محللون إلى أن ذلك يعني بداية تغلغل النهج الإسلامي بينما يرى البعض الآخر أن ذلك لا علاقة له بالدين وأنه ليس نهجًا إسلاميًّا وإنما "نهجا حماسيا" أي فرض رؤية حماس للدين. ويقول محللون مستقلون، إن العقوبات المهينة واللاإنسانية المتمثلة في حلق الشعر من المرجح أن تؤدي إلى تولد استياء وسخط عميق ضد حماس وهي تحاول أن ترغم الناس على الإذعان للسلوكيات التي تفرضها. ويقول سمير زاكوت في منظمة الميزان، إن حماس تحاول السيطرة على البيئة الثقافية من خلال عقاب هؤلاء الذين يتجاوزون الحدود المسموحة للمجتمع المحافظ، وأن غزة اليوم يفرض عليها مزيد من الطابع الإسلامي مقارنة بما كان عليه الوضع في بداية حكم حماس وأن الأيام القادمة سوف تشهد المزيد من هذا الطابع. ولكنه يشير أيضا إلى أن هناك بعدًا سياسيًّا على أساس أن انتخاب حماس جاء بناء على وعودها بإقامة دولة إسلامية وهناك من يشكو من أنها لم تفِ بوعودها في هذا الشأن، وهو الأمر الذي أدى إلى نشأة بعض الفصائل الأصولية المتطرفة ومثل هذه الضغوط هي التي دفعت بحماس إلى التصرف على نحو يؤكد على أوراق اعتمادها الإسلامية. ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهار مخيمر أبو سعدة، إن حماس ربما تحاول أن تبعث برسالة إلى القوى الأكثر اعتدالا نسبيا في الخارج وذلك في إطار الصراع الداخلي الدائر في حماس منذ عام تقريبا، حيث إن العناصر الراديكالية خسرت في انتخابات المكتب السياسي الأخيرة ولكنها لازالت تسيطر على القطاع، مشيرًا إلى أنه من بين الأسباب وراء حلق شعر الشباب والصبية التدخين في الشوارع إلى جانب النمط الغربي وفي تصفيف الشعر وارتداء السراويل الجينز. فيما قال وزير إعلام "حماس"، إن إيهاب الغصين يقول إن هذا الأجراء توقف على أساس اقتناع حماس بأن تغيير عادات الناس تتطلب الإقناع وليس الإكراه ، لكنه عاد وأكد على أن غالبية الناس تؤيد هذا النهج وأن حماس تدافع عن العائلات في غزة، وأن الشباب ينبغي أن يركز اهتمامه في التعليم وقضايا الاحتلال وليس في تصفيف الشعر على الطريقة الغربية وأن نجوم البوب ليسوا هم النموذج المناسب للاحتذاء به. وقال المتضررون من الحملة ، إن هذه الحملة أثارت غضبهم ضد "حماس" وخوفهم منها كما أن الحملة لن تمنعهم من تكرار إطالة شعرهم على طريقة سبايكي، ويقول حالو إنه لو أتيحت له فرصة الفرار من غزة فإن لن يتردد في فعل ذلك بسبب التشدد المتزايد من جانب حماس والضغوط التي يتعرض لها أمثاله والتي زادت، إضافة مشاكل الجينز وتصفيف الشعر.