باريس - أ ش أ
هكذا، استهلت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية اليومية، مقال لها نشرته فى موقعها على شبكة المعلومات الدولية الإنترنت، وتحدثت فيه عن الفضائح التى كبحت جماح الحماسة التى كانت تغمر باراك أوباما واستعرضت "لوفيجارو"، ثلاثة من الصعاب التى واجهت أوباما ... الاولى تتعلق بمصلحة الضرائب الامريكية التى وعد اوباما باستعادة الانضباط فيها بعد ان شهدت تجاوزات سافرة .. والثانية خاصة بإدارته لأزمة بنغازى حيث نشر كافة الرسائل الالكترونية ذات الصلة بهذه المسألة ودعا الكونجرس إلى التصويت على تعزيز المعدات الامنية فى السفارات ... اما الثالثة فتلك التى دافع فيها ـ باسم "الامن الوطني" ـ عن وزارة العدل التى كانت تتنصت على الصحفيين العاملين فى وكالة "اسوشيتد برس" وقالت الصحيفة: إن موقف باراك اوباما فى هذه الامور الثلاثة كان منطقيا وعقلانيا ويمكن تبريره ... على نقيض موقف الرئيس الأمريكى الأسبق ريتشارد نيكسون، إبان فضيحة "ووتر جيت" أو بيل كلينتون أثناء مسألة "مونيكا لوينسكى" حيث ان اوباما لم يكن متورطا بصورة شخصية فى هذه المسائل الثلاث على عكس مايحاول "جيش المدونين" الذين ينتمون إلى التيار المحافظ الايحاء به ومحاولة سكب الزيت على النار وأشارت، إلى أن أوباما بدا خلال المؤتمر الصحفى المشترك مع رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان وكأنه يفتقر إلى قوة الإقناع .. وهو الرجل الذى أقنع أمريكا بأنه يستطيع إجراء إصلاحات على "وول ستريت"، وغلق معتقل جوانتانامو وإصلاح واشنطن وتوحيد الأمة، وتحقيق المصالحة مع العالم بلمسة عصا سحرية ... باختصار، أن بإمكانه السير على الماء واستطردت صحيفة "لوفيجارو" قائلة: إذا كان الرئيس الأمريكي بيل كلينتون قد بدا ـ خلال المؤتمر الصحفى ـ لا حول له ولا قوة ذلك لأنه يعلم جيدًا أن السياسة لا ترحم، وأنه ليس هناك مجال لتحولات هيكيلية كبيرة طالما حلم بها .. كما ان السنوات الثلاث والنصف القادمة، تبدو وكأنها طريق وعر وقاسى فى ظل مايواجهه من هجمات وضغوط من قبل جماعات اللوبى ومواجهات دائمة مع كونجرس منقسم وعاجز والنتيجة ـ فى نهاية الأمر ـ ليست مؤكدة وقالت "لوفيجارو": إن الخوض في معارك السياسيين ليست من تخصص أوباما الذي يمتلك نظرة خاصة وتنتابه حماسة شديد للمسائل التقنية وأشارت الصحيفة، إلى أن محاولاته المتكررة للانفتاح على الجمهوريين خلال مآدب العشاء الخاصة التى استهدف منها ايجاد حل وسط لمسألة الميزانية أو السيطرة على الاسلحة قد باءت جميعها بالفشل نصر وحيد يمكن أن يحققه أوباما ـ كما قالت الصحيفة ـ خلال انتخابات نصف التجديد من شأنه أن ينقذ خططه .. وبناءً عليه فإن اوباما يعطى الانطباع لمن يراه وكأنه مراقب محبط اكثر من كونه رئيس ملقى على عاتقه مسئوليات جمة وتلك الدولة ـ التى تملك ذاكرة ضعيفة ـ تناست أن هذه "الأمور الجامدة" اليومية طالما مرت على أسلاف أوباما ... فكلينتون كان موضع كراهية وسباب قبل ان يصبح "حكيما" من وجهة نظر اليمين واليسار الذين اشادوا ب "ذكائه السياسى" كما ان الرئيس الراحل رونالد ريجان الذى طالما نبذه الليبراليون وادت فضائح العقود فى عهده إلى زعزعة حكمه كاد ان يموت ليصبح نموذجا للقائد "الراعى" والشىء نفسه للرئيس هارى ترومان الذى احاطت به الفضائح من كل جهة واستطردت صحيفة "لوفيجارو" قائلة إن الرئيس باراك اوباما يعيش ـ بالتالى ـ مصير رئاسى طبيعى ... فقد بدأ من القمة ثم اعطى انطباعا بسقوط مفاجىء غير قابل للعلاج ... وقد كان لتردده فى القيام بتحرك فى سوريا - حتى لو كان ذلك يعكس نوعا من الحكمة ـ إلا انه زاد الشعور بأنه مكتوف الايدى بيد ان نجاح اوباما فى انتزاع قانون بشأن الهجرة ـ على سبيل المثال ـ سيدفع وسائل الاعلام إلى الاطراء عليه بنفس القوة التى انتقدته بها .. واذا نجح فى اثبات التجاوزات البشعة لانتقادات الجمهوريين الذين يتهمونه بالسعي لتحويل الدولة إلى "الأخ الأكبر" فإنه بإمكانه بث الطمأنينة فى البلاد التى انهكتها الشائعات بصورة كبيرة ... باختصار ، يمكن القول إن كوب رئاسة اوباما مازال نصف ممتلىء حتى إذا كان فى سبيله لكى يصبح فارغا واختتمت الصحيفة مقالها بالاشارة إلى ان ضعف اوباما السياسى يلقى بظلاله على السلطة الامريكية وحدودها ... فعند سماع الرئيس الامريكى وهو يدعو "المجتمع الدولى" لتسوية الازمة السورية فإن ذلك يدفعنا لقراءة ماوراء السطور والمتمثل فى العجز الامريكى.