باريس ـ مارينا منصف
سابق قطار "TGV" الفضي اللون الزمن متجهًا من مدينة باريس إلي الريفييرا الفرنسية متخطي مسافة 200ميل في الساعة ما يعتبر الحد الأقصى لجميع حالات الطوارئ.
كنت قد حجزت تذكرتي لسان رافاييل المنتجع الصيفي ذو الشواطئ الرملية والذي يقع على حدود البحر المتوسط والذي يعتبر ملجأ الكتاب الراغبين في شئ من الإلهام وحرارة الشمس.
لم تكن المسافة مهمة بالنسبة لي بقدر أهمية الرحلة ذاتها حيث كنت أنتوي ركوب القطار لحوالي خمس ساعات آخري بهدف الانتهاء من كتابي الجديد الذي كنت أتحاشى إنهائه منذ فترة ليست ببعيدة لذا فكرت في هذه الرحلة وعلى وجه التحديد الكتابة على قضبان السكك الحديد مستخدمًا جهازي اللوحي في ذلك.
إن فكرة تحويل مقعد في القطار إلى غرفة يمتلكها كاتب خطرت إلي في الولايات المتحدة بعد أن حصلت على عرض خاص بإقامة الكتاب هناك حيث كانت تلك الفكرة قد جذبت حوالي 16.000من رواد مواقع التواصل الاجتماعي وشبكات الإنترنت ممن قدموا طلبات للإقامة ومن ثم تم اختيار 24 كاتب منهم في أيلول/سبتمبر الماضي لقضاء رحلة على متن مقصورة القطار التي كانت تشتمل على سرير وطاولة لكل كاتب فضلاُ عن خدمات الغرف و إيصال الطعام.
و لم يكن هناك أي عرض مماثل في فرنسا تتبع من خلاله خدمة القطارات الوطنية نهجا أدبيًا مختلفًا، ففي بعض المناطق يتم الاعتماد على المكتبات الرقمية لتنزيل الكتب مجانًا من أجهزة الكمبيوتر، وفي أيلول/ سبتمبر وزع موظفون القطار 120 كتاب على الركاب الفائزين في المسابقة السنوية لرواية الجريمة.
لكن و بصفتي ركاب دائم للقطارات، لم يسبق أن ركبت قطار مثل "" Côte d’Azur الذي يسير وسط مناظر خلابة يتخللها ضوء الشمس المشرق وألوان البحر الزرقاء الصافية التي تحرر الأفكار الخامدة في مايبدو.
يذكر أن التاريخ الثقافي الأدبي يحفل بلحظات عدة حاول من خلالها الأدباء والفنانين حل المشاكل الفكرية على متن القطارات، فقد كتب والت ديزني أول قصة له "ميكي ماوس" متن قطار متجه من نيويورك إلى هوليوود.