الرئيسية » سياحة وسفر
شلالات أوزود خضرة وماء وطبيعة خلابة

بني ملال – سعيد غيدَّى

 تتميّز منطقة أزيلال بأشهر شلّالات في إفريقيا تسمى شلالات أوزود، خضرة وماء وطبيعة خلابة على امتداد هكتارات من الجبال الوعرة يعبُرها ماء لا يجفّ، دائم الجريان والسيلان، زلال وعذبٌ يرافق ممرّه رعاة المواشي الرّحّل، الكلأ والماء والحياة. في رحلة يوم كامل ينقل "المغرب اليوم" قراءه إلى منطقة شلالات أوزود، حيث الماءُ يخلق مهنا لأناس بسطاء جدّا تعيلهم على فصول الشتاء الطويلة والبرد القارس القاتل.من مدينة بني ملال إلى شلالات أوزود، انطلقت بنا السيارة يشقّ جبالاً تلوى الجبال، لا حديث للركاب إلا عن رغبتهم الكبيرة في الهروب من جحيم المدن التي لم يعد معها الإنسان يشعر بالحياة، حرارة تصل إلى أكثر من أربعين درجة، كل المناطق الخضراء لم تعد تتأهل لتتحمّل أفواج الحاجين إليها.
وصلنا أوزود، وقت الضُّحى، بعد أكثر من ساعة من الزمن، صادفنا يوم الثلاثاء، السوق الأسبوعي في المنطقة، فوضى في المرور وغياب شبه تام لعناصر الأمن، إلا من بعض العناصر القليلة التي لا تتجاوز في أحسن الأحوال أربعة عناصر، في مقهى اخترناه للفطور، التقينا امرأة عجوز تصل من العمر -حسب حكم الصورة- سبعين سنة، بائعة الكُحل، لم يكن من السهل أن نقنعها بالحديث إلينا، قدّمنا لها أنفسنا على أساس أننا صحافة جئنا لإعداد تقريرًا بشأن المهن المرتبطة في منطقة سياحية كأوزود، امرأة مسنة وأمية غالبتها اللغة الأمازيغية، كانت برفقتي زميلتي مريم، مصورة صحافية وطالبة في معهد السينما، رافقتني طوال إعداد هذا التقرير، أخذت لها مريم صورا كثيرا، كانت تبدو في محياها منشرحة، وبدأت ترد على بعض أسئلتنا بعد أن تحدثنا إليها بلغتها الأم، قالت أنها امرأة أرملة منذ تاريخ لم تذكره، لم تنجب، وجدت نفسها بعد رحيل معيلها أمام أنياب التشرد والفقر، اتخذت من بيع الكحل مهنتها، والتي لم تتذكر أيضا متى ولجت هذه المهنة.
اكدت أن دخلها اليومي لا يتعدى في أجمل الأوقات 30 درهما، تبدأ من أول الصباح ولا تدخل بيتها إلا حين يأفل النهار، لم يساعدها حتى جسدها الذي أخذ شكل التقوّس، تحمل كيسا ثقيلا من مادة الكحل، قنينات صغيرة جدّا بثمن 7 دراهم للبيع، تشتري حجرا من "العطّار" تقوم بدقّه وتصفيفه كيْ تخرج هذه المادّة. عندما أحسّت بالراحة إلى حديثنا بدأت تشكُو من تقلبات الزمن ومن ضيق ذات اليد، اشترت مريم كُحلا لأمّها، وانصرفت العجوز إلى حال سبيلها مثقلة الخطوات.انعرجنا في اتجاه الشلالات، عائلات مغربية قدمت من كل مدن المغرب، وسياح أجانب من أوربا وآسيا وأميركا، وبعض الدول العربية كما الشأن لشباب يبدو من لكنتهم أنهم من دولة الأردن، وليد شابّ في العشرين، صاحب "بزار" بالشلال، سألناه عن الأشخاص الذين يقصدون محلّه، قال أنّ أغلبهم من السياح الأجانب، وقال أن مدخوله اليومي يصل معدله إلى 500 درهما، وفي أسوأ الأحوال 200 درهماً، وعن استغلال الفضاء التابع لـ"المخزن" قال وليد، نؤدي ضريبة سنوية تصل 700 درهما.
محمّد العربوز، أب لأربعة أبناء، بنتان متزوجتان وابن وابنة فوق العشرين، يبيع أعشابًا تُشرب مع الشّاي والحليب كالزعتر والأزير والشيح ومواد للتجميل كالمسواك والكحل، أعشاب تجود بها جبال أوزود، يصففها ويدقّها ويضعها في أكياس أنيقة، يرتبها فوق طاولة للبيع، يرّش جيدا فضاءه المستغل بالماء البارد، 56 سنة بلحية بيضاء وبابتسامة عريضة، لم يتردد في تقديم تصريحاته للجريدة، قال أنّ مدخول مواده المعروضة للبيع يصل 50 درهما يوميا، مقابل 400 درهما ضريبة سنوية على استغلال الفضاء أضاف محمّد أن خارج فصل الصّيف يمتهن الفلاحة والزراعة، وأن هذه المهنة تمنحه سعادة التواصل مع النّاس وتقديم منتجات ذات خصوصية المنطقة والتي لا يمكن أن تجدها في مناطق أخرى.
ودّعنا محمّد داعيًا لنا بالتوفيق في مهمتنا، وأهدى لمريم علبة "الشوينغوم"، كان السّكر أكثر ما نحتاجه في تلك اللحظات، كانت الحرارة تقارب 30 درجة، الأجواء حارة بعد الشيء خصوصًا قبل الهبوط إلى مصب الشلالات حيث تشعر بانخفاض الحرارة كلما لفحك رذاذ الماء المهطال، الذي يوصل إليه زقاق طويل على مسافة تقارب 200 متر بالتقريب، زقاق مدرّجٌ يزدحم أحيانا حد الاختناق، عرضه أقلّ من مترين، تنتشر على جنباته دكاكين لبيع الملابس وعرض المنتجات التراثية الخاصة بالمنطقة، كالملاحف والزرابي وقبعات "الدّوم"، وكل أنواع الحلي والعقيق، ومقاهٍ للأكل وفضاءات للتخييم والكراء تصل قيمتها 150 درهما لليوم.
إبراهيم، متزوج وأب، مهنته بيع العسل، ومربي للنحل بالمنطقة، سألناه عن أنواع العسل بالمنطقة، قال أن عسل أوزود معروف بأنواعه المختلفة، عسل الزقوم وعسل الزعتر وعسل الخروب وعسل النّبق، الأثمنة تختلف من نوع لآخر، أرخص ثمن يصل 150 درهما بينما يصل ثمن الزعتر 300 درهما للتر أو للكيلو حسب الزبناء الذين يتوافدون أحيانا من مدينة الدار البيضاء والرباط. ويعتمد إبراهيم في طريقة البيع على عرض منتجاته التي يحملها ويتنقل بها وسط السياح والزوار، خاصة وأنه كوَّن علاقات كبيرة مع الناس تسمح له بالبيع أحيانا عبر الهاتف وتحت الطلب.
وأكد إبراهيم أنه يمتهن بيع العسل في الصيف فقط، بينما يتفرغ للفلاحة وأعمال البيت خارج أوقات الصيف.بالقرب من مصب الشلالات، يجلس نساء يختلفن في السن وتجمعهن مهنة وحيدة، النقش بالحنّاء، لم نستطع أن نأخذ تصريحات شابّة كانت وسط شابات أخريات ينتظرن دورهن لوشم بعض من جسدهن بالحناء الأسود، يبدو من رد "النّقاشة" أنها متعلمة، وذات مستوى تعليمي محترم، طلبنا منها تصريحا بشأن مهنتها، أوضحت أن النقش بالحناء هواية فقط، وطلبت منا أن نعود في المساء بكلمة فرنسية أنيقة، حين تكون متفرغة للحديث، لكن الوقت يكون لحظتها قد أدركنا مع حلول الظلام وبعد المسافة من أزوود إلى بني ملال، بالإضافة إلى الالتزامات الأسرية المتعلقة برفيقتي مريم.
قبل أخذ استراحة الغذاء، في مقهى جميل يطلّ على مصب الماء، التقينا محمد واكريم، خطاط ورسام للإشهار، يمتهن هذه المهنة منذ 7 أعوام، حسب ما ذكر أنه قادم من مدينة أكادير رفقة ستة أفراد آخرين يتعاونون على إعداد يافطات ولوحات تحمل أسماء الأشخاص ذكورا وإناثا، قال محمد، الجنسيات التي تشتري هذه اللوحات غالبا من أفغانستان ومن باكستان ومغاربة وانكليز مع تسجيل لحالات نادرة للأوربيين، محمد أضاف أن هذه المهنة يمكن أن تضمن دخلاً محترما لسبعة أشخاص لأقصى تقدير، ويوظف محمد العرعار والخشب في مواده المستعملة. سألنا عن الفرق بين أكادير وأوزود قال محمد أوزود لها طبيعة خصوصًا بها وأن جوها يعجبه كثيرا، عكس أكادير التي أقضي بها أوقاتا كثيرة. ويكتري محمد الفضاء الذي يستغله يوميا بمبلغ قيمته 80 درهما لليوم، والذي تعود مليكته لشخص من سكان أوزود.

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

وجهات سياحية مثالية للهروب من صخب الحياة اليومية
أبرز المواقع التي يمكن زيارتها سيرًا على الأقدام في…
أفضل الأوقات لزيارة "باريس الشرق" بودابست وتفقد مبانيها الفخمة…
فنلندا وجهه أوروبية مليئه بالنشاطات السياحية الجذابة
أبها وجهة سياحية سعودية مليئة بالمغامرات واستكشاف الطبيعة

اخر الاخبار

إنعقاد المؤتمر الدولي بالداخلة حول "المبادرة المغربية للحكم الذاتي
وزير الداخلية المغربي يدعو إلى التصدي للنقل "غير القانوني"…
رئيس الحكومة المغربي والشيخة المياسة يفتتحان منتدى الأعمال القطري…
إرسال دفعة إضافية من المساعدات المغربية إلى مدينة فالنسيا…

فن وموسيقى

حاتم عمور يُؤكد أن ألبومه الجديد "غي فنان" عبارة…
مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يُكرّم "الفتى الوسيم" أحمد عز…
هيفاء وهبي تعود إلى دراما رمضان بعد غياب 6 سنوات وتنتظر…
المغربية بسمة بوسيل تُشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة التي تستعد…

أخبار النجوم

محمد فراج يكشف تفاصيل أحدث أعماله الفنية
أشرف عبدالباقي يعود للسينما بفيلم «مين يصدق» من إخراج…
أحمد فهمي ضيف شرف سينما 2024 بـ 3 أفلام
هند صبري تكشف سر نجاحها بعيداً عن منافسة النجوم

رياضة

محمد صلاح يتصدر ترتيب أفضل خمسة لاعبين أفارقة في…
كريستيانو رونالدو يعتلي صدارة هدافي دوري الأمم الأوروبية
محمد صلاح على رأس قائمة جوائز جلوب سوكر 2024
الهلال⁩ السعودي يتجاوز مانشستر يونايتد في تصنيف أندية العالم

صحة وتغذية

وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات…
نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية
الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء…
هل تختلف ساعات نوم الأطفال عند تغيير التوقيت بين…

الأخبار الأكثر قراءة

أوزبكستان وجهة آسيوية تاريخية تستحق الاستكشاف
أفضل 5 مواقع مناسبة للتخييم حول العالم لعشاق الطبيعة…
قبرص وجهة سياحية رومانسية لعشاق الطبيعة والهدوء
مدينة سمارانغ وجهة مُفضلة للمسافرين الباحثين عن تجربة أكثر…
أمستردام تعد واحدة من أكثر المدن الأوروبية خضّرة في…