الحج متعدد الأديان في سيريلانكا يجتذب الآلاف حول العالم
لندن ـ ماريا طبراني
تستطيع أن تصل إلى قمة جبل سري بادا أو قمة آدم كما يسميها البعض، ليلًا على ارتفاع 2244 مترًا في ضوء القمر الهادىء، لتستمتع بالراحة بعض الوقت، وهي أعلى قمة جبلية في سيريلانكا، وأكثر الأماكن قدسية أيضًا
لدى السكان المحليين هنا في هذا البلد الصغير الجميل الذي يتمتع بجمال وهدوء الطبيعة في الوقت نفسه. ويقدس الهندوس هذا الجبل، لأنهم بعتبرونه الشيفا الخاصة بهم، وهو اسم يطلقونه على آلهتهم وفقًا للعقيدة الهندوسية، كما يقدسه المسلمون والمسيحيون في سيريلانكا، لأنهم جميعًا أبناء آدم، ويطلقون على هذا الجبل الشاهق "قمة آدم".
وعلى مدار موسم الحج متعدد الأديان إلى سري بادا الذي يمتد من تشرين الثاني/نوفمبر وحتى آيار/مايو، يتوجه الآلاف من مختلف الديانات في سيريلانكا لإظهار الخضوع والإذعان للآلهة، إضافةً إلى العطلة الشهرية المقدسة التي تُمنح لأهالي سيريلانكا والتي يسمونها البويا، والتي يأتي موعدها عند اكتمال القمر من كل شهر، تتوجه جموع الحجيج إلى الجبل الأكثر ارتفاعًا على الإطلاق في البلاد، ويستغرق الصعود إلى القمة ساعات طويلة، إذ يمتد طابور الحجيج لمسافة طويلة.
أما بالنسبة للسائحين، فيتسلقون الجبل من دون أي خلفية دينية أو شعائرية على الإطلاق، وهو تحد تسلق هذا الارتفاع الشاهق الذي يتطلب الوصول إلى قمته 5200 خطوة على الصخور، إضافة إلى الجائزة الكبرى التي يتسلمها من ينجح في الوصول إلى القمة، وهي عبارة عن رؤية بانورامية رائعة كاملة تكشف سيريلانكا من جميع الجهات. وبمجرد الوصول إلى القمة، تبدأ رحلة أخرى من المتعة والغموض الذي يخيم على العبد في أعلى، إذ تقرع الأجراس وتقبل آثار القدم المقدسة، بعدها يمكنك الدخول بعد أن يأذن لك الكهنة بالدخول وأثناء الانتظار، يمكنك الاستمتاع بالدفء بكوب من الشاي السيلاني المشهور، وأن تملي عينيك بمشاهد خلابة توفرها الرؤية البانورامية الفريدة من أعلى سري بادا.
تجدر الإشارة إلى أن سيريلانكا، تلك البلد ذات الشكل غير المنتظم على الخريطة الواقعة على الساحل الجنوبي للهند، تعتبر واجهة سياحية واعدة، إذ ارتفعت نسبة الإقبال السياحي إليها بواقع 17% مقارنةً بالعام الماضي. فمنذ انتهاء الحرب الأهلية في سيريلانكا العام 2009، تشهد البلاد رواجًا سياحيًا ملحوظًا، إذ تتمتع بتراث ثقافي غني وطبيعة خلابة، إضافةً إلى المدن القديمة والشواطىء الذهبية المحفوفة بأشجار النخيل.
لقد نزل البرتغاليون إلى الجزيرة العام 1604، وهو ما يتضح من التأثر الكبير للبلاد بهم، لاسيما في نيجومبو المعروفة أيضًا بروما الصغرى، إذ القوارب ومراكب الصيد ترسو على شاطىء قناة هاملتون التي يبلغ طولها 80 ميلًا، وهي القناة التي حفرها الهولنديون لتسهيل نقل القرفة من سيريلانكا إلى هولندا. وفي بينيوالا، لابد للسائحين من زيارة ملجأ الفيلة الذي يستقبل الفيلة المتضررة والتي ضلت الطريق، لتنفصل عن قطعانها، إذ يمنح السيرلينكيون هذه الفيلة مأوى آمنًا وطعامًا ورعاية صحية. يُذكر أن الفيلة من الحيوانات المهددة بالانقراض في سيريلانكا، إذ يُقتل حوالي 250 فيلًا سنويًا في البلاد، وهي العمليات التي تستهدف الدفاع عن النفس، إذ يموت سنويًا من أهالي الجزيرة حوالي 50 فردًا جراء هجمات الأفيال.
ويضم الملجأ حوالي 80 فيلًا يتم أخذها إلى النهر للاستحمام والشرب مرتين يوميًا في نهر ماها أويا. إضافة إلى الأفيال الموجودة في الملجأ، وهناك قطيع من الأفيال القوية يضم 200 فيل بري في محمية كودولا الطبيعية. ومن الطريف أن الأفيال، سواءً الموجودة في الملجأ أو في المحمية يتجولون بحرية وسط المارة من السائحين.
كما تنفرد سيريلانكا بعدد من المدن القديمة، منها أنوردهابورا، وهي مدينة حافلة بالأطلال الأثرية التي خلفها القدماء، والتي يرجع تاريخها إلى القرن الخامس قبل الميلاد، وهناك في المدينة الصخرية، التي تبدو وكأنها منقوشة في بطن الجبل، معبد سيرومونيا الذي يرتاده البوذيون لممارسة الشعائر الدينية الخاصة بهم، ويرددون ترانيمهم ويصعد السائحون إلى التبة التي يعلوها حفاة على أنغام موسيقى الطقوس البوذية. ويرجع تاريخ المعبد إلى القرن الخامس والعشرين قبل الميلاد. هذا إضافة إلى عدد كبير من المزارات السياحية، مثل مرتفعات مينيهايل التي يبلغ ارتفاعها 1844 مترًا، وقلعة سيجيريا أو لايون روك التي يطلق عليها البعض العجيبة الثامنة من عجائب الدنيا.