الرباط -المغرب اليوم
أوصى يوسف العزيزي دكتور وخبير في التدبير السياحي وأستاذ باحث بالجامعة الخاصة بمراكش، الحكومة المغربية بإعادة تنشيط السياحة الداخلية لتعويض خسائر السياحة الخارجية جراء أزمة فيروس كورونا .
وقال العزيزي، في مقال بعنوان: "السياحة المغربية ورهانات الانتعاش ما بعد أزمة كوفيد-19"، إن من التدابير الأولية التي يجب اعتمادها بعد انتهاء الأزمة إعادة تنشيط السياحة الداخلية على المدى القصير جدًا.
ويرى الخبير أن إعادة التنشيط يجب أن تتم من خلال تعزيز السياحة المحلية من خلال جعل المغاربة يستكشفون أو يُعيدون استكشاف سحر المغرب ومؤهلاته السياحية.
وفي نظر العزيزي، يجب اعتماد مقاربة جديدة بتغيير الإستراتيجية التي تعوَّد عليها المكتب الوطني للسياحة بتركيزه أكثر على اجتذاب السياح الدوليين، ووضع الهدف على أولئك المسافرين الذين ينفقون أكثر في سفرهم إلى المغرب، وذلك بإعطاء السائح المغربي القيمة والمكانة التي يستحقها، وتنويع العرض السياحي الداخلي وخلق تحفيزات لتشجيعه على مزيد من الاستهلاك.
وأكد الباحث أن "الصناعة السياحية ستحتاج إلى إعادة التفكير في الآليات التي يمكن وضعها لاستعادة ثقة المسافرين، واستعادة الطلب، وتغيير الوضع الحالي للسياحة، لأن استئناف القطاع لأنشطته سيساعد على إنقاذ اقتصاد ما بعد COVID-19".
وقال العزيزي إنه خلال فترة الانتقال إلى الوضع الطبيعي في الأشهر المقبلة ستكون هناك حاجة إلى تدابير صحية واقتصادية جديدة لطمأنة السائح المسافر ومنحه الهدوء والثقة، إذ إن الآلاف من الناس سوف يتجنبون السفر والإنفاق على الأنشطة الترفيهية والاستهلاكية.
وأشار الباحث إلى أن العديد من الناس سوف يتوقفون عن السفر خشية الإصابة بالعدوى، وأضاف: "عدو قطاع السياحة ليس فقط الفيروس الذي أغلق جميع الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية، بل أيضاً الأزمات النفسية التي يشكل عنصر الخوف جزءاً كبيراً منها".
وذكر العزيزي أن "استعادة عافية القطاع رهينة بزوال عامل الخوف من السفر، فهو في حد ذاته عامل معرقل لقطاع شديد الحساسية كقطاع السياحة"، وزاد: "في هذه الحالة سيتعين على وزارة السياحة أن تعمل جنباً إلى جنب مع وزارة الصحة لتنفيذ تدابير الرعاية والوقاية لمنع انتشار وباء جديد، كما فعلت سابقاً مع الدوائر الأمنية لمكافحة الآثار السلبية للإرهاب على القطاع".
ويرى الخبير في التدبير السياحي أنه رغم كون مرحلة الحجر الصحي التي يمر بها المغرب وكل البلدان العالمية، التي تشكل مَصدراً للسياح (كفرنسا وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا والمملكة المتحدة وبلجيكا وهولندا...) تنطوي على تدابير وقيود جوية وإغلاق الحدود والفنادق، ما يجعل السفر مستحيلاً، فإنها من الممكن أن تعطي فرصة في المستقبل ستكون المؤسسات خلالها قادرة على الترويج التكتيكي للوجهات السياحية.
ويتوجب، حسب المقال، أن يتم الترويج للوجهات السياحية مستقبلاً من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وتحفيز السكان وتشجيعهم على السفر الداخلي بمجرد انتهاء الأزمة، مشدداً على أن "العودة إلى الوضع الطبيعي، واستئناف تلك الرحلات الملغاة، وأخيراً التمتع بالعطلات عبر السفر مجدداً سيكون دافعاً نفسياً للأشخاص الذين هم الآن في الحجر الصحي".
وأوصى الخبير أيضاً بضرورة عمل كل من وزارة السياحة، والمكتب الوطني المغربي للسياحة، والكونفدرالية الوطنية للسياحة، والفدرالية الوطنية لصناعة الفنادق، والمجالس الجهوية للسياحة والشركات خلال فترات الأزمة على الاستمرار في إبلاغ العملاء بالإجراءات والتدابير المتخذة لاحتواء الأزمة.
كما تقع على قطاع السياحة، من وجهة نظر العزيزي، مسؤولية دعم جميع التدابير الرامية إلى احتواء الوباء الحالي ومنع انتشاره، من خلال توفير خدمات إلغاء الحجوزات بدون عقوبة، وتقديم الفنادق كأماكن لاستشفاء المرضى وإيواء فرق الأطباء والممرضين والسماح للعميل بتأجيل خطط سفره.
وتكمن أهمية هذه الإجراءات الموصى بها في كون القطاع سيواجه بعد السيطرة على الأزمة تغيراً في ديناميات الاستهلاك تحت تأثير انعدام الثقة والتقشف وعدم اليقين، وهي متغيرات ستظل تؤثر على مراحل صنع القرار لدى السائح المستهلك، ولاسيما في سياق الطلب الخارجي.
كما يتوجب على مكاتب ترويج السياحة، والشركات الخاصة في القطاع، والمهنيين، والباحثين الأكاديميين، العمل على مواجهة هذه التحديات بطريقة متسقة ومنسقة ومركزة لتجنب انهيار أحد محركات الاقتصاد الوطني.
وعلى نحو مماثل، يتعين على شركات السياحة أن تتعاون من أجل استعادة ثقة المستهلك في الاقتصاديات المحلية والإقليمية بعد الأزمة، خاصة أن التدابير الاقتصادية مازالت قيد النظر والمراجعة من قبل الحكومة، لذا فمن الضروري التفكير على المدى المتوسط.
وتكمن ضرورة إيلاء السلطات العمومية الأهمية لما بعد أزمة كوفيد-19 في كون السياحة تعتبر إحدى ركائز الاقتصاد الوطني، إذ يتوقع أن تكتسب المزيد من الأهمية في المستقبل لأنها صناعة محركة، استطاعت منذ فترة طويلة تحريك وإحداث ديناميكية عميقة في النمو الاقتصادي والاجتماعي للمغرب، وخاصة من خلال عائدات العُملة الصعبة والوظائف التي تم إنشاؤها.
وتُساهم السياحة بشكل كبير في خلق الثروة والحد من البطالة، وهي ثاني أكبر قطاع مساهم في الناتج الوطني الإجمالي (11 في المائة)، كما تعتبر أهم قطاع مشغل لليد العاملة التي تزيد عن 550000 وظيفة مباشرة، أي ما يقارب 5 في المائة من فرص العمل المتاحة على المستوى الاقتصادي ككل.
وكان لانتشار الفيروس كورونا أثر على السياحة منذ وصوله إلى المغرب، حيث تضاعف إلغاء الحجوزات في الفنادق وفي شركة طيران الخطوط الملكية المغربية (RAM). وتقدر الخسائر الحالية بعشرات الملايين من الدراهم، وفقدان ما لا يقل عن مائة ألف زائر في شهر مارس. ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم في شهر أبريل.
وفي مدينة مراكش وحدها، ووفقًا لرابطة صناعة الفنادق (AIH)، تم خفض 50 في المائة من حجوزات السفر، كما تم إلغاء أكثر من 10000 حجز في الوقت الحالي بسبب الفيروس التاجي.
وقد يهمك ايضا:
مهنيون يراهنون على تحفيز السياحة الداخلية بعد "جائحة كورونا"
"الارتفاع الصاروخي" لأسعار الفنادق ينفّر المغاربة من السياحة الداخلية