الرباط - المغرب اليوم
“هاد العام أكادير عامرة”، “ما كاين فين تحط رجليك”، “كلشي عامر”، “الزحام في الطرقان والشوارع”، كلام يتردد على المسامع في كل ربوع “عاصمة سوس”، وكل من سألتهم من أبناء أكادير أو حتى الوافدين عليها كزوار وسياح لا يخرجون عن هذا الدائرة من وصف حجم الإقبال على وجهة أكادير خلال صيف هذا العام، ولن يجد المرء عناء في الوصول إلى أن أكادير قد تغيرت أو قد استعادت جاذبيتها التي جعلتها في صدارة المدن السياحية الأكثر استقطابا للسياح والزوار من المغرب وخارجه، إذ الشواطئ مكتظة والشوارع مختنقة وحركة سير دؤوبة ليل نهار والفضاءات السياحية هي الأخرى تشكل مقصد الأفواج البشرية…
منذ التنزيل الفعلي لمخطط التهيئة الحضرية التي أشرف على توقيعه عاهل البلاد، وبعد الخطاب الملكي التاريخي الذي جعل من أكادير وسوس وسط المملكة، لم تتوقف آلة تنفيذ المشاريع المهيكلة ومشاريع التهيئة وإحداث فضاءات جديدة وتجديد القديمة منها وغير ذلك… قصبة أكادير أوفلا، منتزهات وحدائق، تهيئة الشوارع ومداخل المدينة، المسرح الكبير، المتحف، الكورنيش، حافلات عالية الجودة أمل واي، مساحات خضراء، تيليفيريك وغير ذلك كثير غيرت وجه المدينة وكأن حالها يقول أنها تنبعث من جديد، انبعاث كان بإرادة ملكية وبتنفيذ هذه الإرادة من طرف السلطات والجماعة والجهة وبمساهمة لمختلف مصالح الدولة.
محند أوبركة، فاعل إعلامي متتبع للشأن المحلي بمدينة أكادير، قال، في تصريح لهسبريس، إن عاصمة سوس “تشهد خلال هذا الصيف أعدادا مضاعفة من السياح والزوار من داخل المغرب وخارجه. وتكفي إطلالة على لوحات ترقيم السيارات ليكشف المرء هذا التدفق البشري الكبير على المدينة وفضاءاتها، إذ كان الركود يعم المدينة قبل أن يتم رفع القيود المفروضة على الأسفار إبان فترة كورونا، هذا إلى جانب مساهمة عودة الدفء إلى العلاقات الإسبانية المغربية وفتح عدد من المعابر الحدودية في هذا التدفق نحو وجهة أكادير”.
وتابع الفاعل الإعلامي موردا أن اختيار أكادير كوجهة لقضاء عطلة الصيف من طرف السياح المغاربة والأجانب وكذا المغاربة المقيمين بالخارج “رافقه ضغط رهيب على المحاور الطرقية وعلى المؤسسات الفندقية وكل المرافق والفضاءات السياحية، إذ ومنذ أزيد من شهرين والمدينة تشهد اختناقات مرورية أينما حللت وارتحلت… وعلى الرغم من مجهودات مختلف المتدخلين، ضمنها السلطات الأمنية والمحلية وجماعة أكادير وكل المصالح المعنية، فإن الزوار لا يزالون يشتكون من هذا الاختناقات المرورية، خاصة مع ضيق بعض الشوارع وسط المدينة واستمرار الأشغال في أخرى”.
أما بخصوص بنيات الاستقبال، فقال بشأنها الفاعل الإعلامي محند أوبركة أن “الفنادق المصنفة امتلأت عن آخرها، ومنها التي أوقفت الحجوزات، ونفس الأمر بالنسبة للإقامات السياحية، مما جعل أثمنة كراء بعض الشقق المفروشة في المنطقة السياحية أو القريبة منها ترتفع بشكل مهول، مع التأكيد أيضا على تضاعف أسعار الفنادق.. وهنا نسجل أن أكادير اليوم تشهد إقبالا كبيرا كمنتوج سياحي، فيما لا يزال الطلب أكثر من العرض فيما يخص بنيات الإيواء والإقامة، والأمر ذاته في قطاع المقاهي والمطاعم، حيث شهدت الأسعار ارتفاعا مهولا خلال هذه الفترة ووجهت باستنكار روادها”.
وفيما ساهم برنامج التنمية الحضرية لأكادير في تغيير معالم المدينة وجعلها أكثر جاذبية، فاعتبر المتحدث أن هذا البرنامج “أعاد الحياة لأكادير، استثمارات كبرى ومشاريع مهيكلة وبنيات تحتية واستقبال متعددة ومتنوعة وفضاءات ترفيهية وسياحية وثقافية وغيرها تنضاف إلى المؤهلات الطبيعية أعادت أكادير إلى الواجهة، فضل معها السياح جعلها مقصدهم خلال الصيف، ومع الانتهاء الكامل للأشغال فتزداد قوة أكادير الاستقطابية، مما يستدعي من كافة الجهات المعنية الاستعداد لتجاوز بعض المشاكل التي تتخبط فيها المدينة خلال هذا الموسم على الأقل والرفع من انسيابية حركة المرور وفرض مراقبة الفنادق والإقامات وخدماتها خاصة الجودة والأسعار لوضع حد للمضاربات والتلاعب، حفاظا على هذه المكانة التي تحظى بها أكادير”.
مصطفى بودرقة، النائب الأول لرئيس جماعة أكادير، قال، إن مدينة أكادير “تشهد خلال موسم الصيف لهذه السنة إقبالا غير مسبوق، سواء على مستوى رواد الشواطئ وكذا نسب الملء في عدد من المؤسسات الفندقية. كما حل عدد من الزوار ضيوفا على عائلاتهم بالمدينة؛ مما رفع نسبة الوافدين على المدينة. كما أن حركية السير الجولان في المدينة تعد مؤشرا ظاهرا على ارتفاع الوافدين على المدينة والذي ساعدت عليه أيضا موجة الحرارة التي عرفتها عدد من المدن المجاورة؛ مما حول مدينة أكادير إلى وجهة مفضلة لساكنة هذه المدن”.
وإذا شكلت الاختناقات المرورية بالمدينة أبرز مؤشر على مكانة أكادير السياحية، فإنها تشكل مثار إزعاج وقلق للسياح.
وفي هذا الصدد، قال النائب الأول لرئيس جماعة أكادير: “قمنا بتنزيل مجموعة من الإجراءات التي تهدف إلى ضمان انسيابية حركة السير والجولان من خلال فتح ممرات جديدة وتخصيص خط الحافلات عالية الجودة للسير، كما تم الرفع من الأسطول المخصص للنظافة وتعزيز فريق عمال النظافة بما يقارب 300 عنصر جديد في إطار برنامج أوراش، إضافة إلى عقد سلسة من اللقاءات مع السلطات الولائية وممثلي القطاعات المعنية والمصالح الأمنية من أجل الاستعداد الجيد لموسم الاصطياف. كما تم الرفع من وتيرة الأشغال بعدد من الشوارع الرئيسية من أجل استكمالها أيام قليلة قبل انطلاق الموسم، فضلا عن ذلك تم فتح الممرات تحت أرضية من أجل تجنب أي احتقان في حركية السير والجولان، علاوة على فتح المخيم الدولي لأكادير كمربد بالمجان وتهيئة مجموعة من ساحات المدينة وتخصيصها لنفس الغرض”.
مدينة أكادير استعادت مكانتها السياحية وتحولت إلى أوراش كبرى في إطار مخطط التهيئة الحضرية الموقع بين أنظار الملك، مما أفرز مشاريع في مختلف المجالات.
وأورد المسؤول المنتخب أنه “تتويجا للدينامية التي تعرفها مدينة أكادير فقد رأت العديد من البنيات التحتية السياحية والترفيهية النور خلال الآونة الأخيرة، وهناك مشاريع أخرى من الحجم العالمي في طور الإنشاء، ونحن متفائلون بمستقبل المدينة الذي سيكون زاهرا بحول الله من خلال الاستثمارات التي بدأت تستقطبها. وتمكن الإشارة هنا إلى مشروع تليفيريك الذي يعتبر مشروعا غير مسبوق على المستوى الإفريقي، وأشغال تهيئة قصبة أكادير أوفلا التي شارفت على الانتهاء والتي سترفع من قوة الجذب السياحي للمدينة، وكذا محيط الميناء وأشغال تهيئة المنطقة السياحية، دون أن ننسى الفضاءات الخضراء وعددا من الحدائق التي تم افتتاحها. كما أن البنيات الثقافية التي يجري العمل بها كالمسرح الكبير والمتحف وغيرها ستكون إضافات نوعية في الدفتر الترويجي للمدينة كوجهة سياحية وثقافية”.
“يمكن الجزم اليوم بأن قطار التنمية بمدينة أكادير قد وضع على سكته الصحيحة، من خلال تجند جميع الأطراف بما فيها السلطات الولائية والجماعة وكذا الجهة من خلال شركات التنمية المحلية من أجل تنزيل مخطط التهيئة الحضرية الذي تم توقيعه أمام أنظار جلالة الملك، والذي قاربت إشغال إنجاز مشاريعه 85 في المائة، وانتهاء تنفيذه سيشكل تحولا على مستوى البنيات التحتية وسيكون له ما بعده من خلال انعكاساته الايجابية على الحياة الاقتصادية والاجتماعية وستنعكس على الحركية السياحية للمدينة مع تمكينها من استعادة الجاذبية التي كانت تتمتع بها”، أورد بودرقة.
وختم تصريحه لهسبريس بقوله: “إن قدر هذه المدينة هو أن تكون دائما في الريادة، ونحن نستلهم هذا الطموح من الخطاب الملكي الذي أكد بشكل رسمي أن مدينة أكادير وجهة سوس تقع وسط المغرب، وهذه العناية الملكية تجعلنا كساكنة ومدبرين للشأن المحلي نفتخر بالدعم الملكي للمدينة.
ولا يمكن وصف هذا الأمر إلا أنه انبعاث جديد لمدينة أكادير ونهضة متجددة لهذه المدينة التي لها تاريخ في النهوض والانبعاث منذ الكارثة التي شهدتها سنة 1960 جراء الزلزال الذي دمرها والتي نهضت من تحت أنقاضه وأصبحت مع مرور الوقت وجهة سياحية بلغ صيتها ربوع العالم”.
قد يهمك أيضا
الفنادق تستعين بعروض عيد الأضحى المبارك لاستقطاب السياح المغاربة