واشنطن - رولا عيسى
كشفت الرسائل المسربة من البريد الإلكتروني لوزير الخارجية الأميركية السابقة، هيلاري كلينتون، أن شركة غوغل الشهيرة رغبت في الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد باستخدام أداة رسم الخرائط، وسعى عملاق التكنولوجيا إلى تشجع مزيد من الانشقاقات في القوات الحكومية وتعزيز الثقة بقوى المعارضة.
ومرَّر الخطة لفريق كلينتون الرئيس التنفيذي لشركة غوغل، غاريد كوهين، الذي كان من كبار مستشاري كلينتون حتى العام 2010 وهو زميل قديم في مجلس العلاقات الخارجية، وترك منصبه في وزارة الخارجية بعد أن تقرب منه إيريك شميت الرئيس السابق لغوغل.
وبدأت نية غوغل التدخل في الشؤون السورية تبرز العام 2012 في مذكرة من كوهين، الذي يدير مركز أبحاث المدينة والتي تغير اليوم اسمها إلى بانوراما غوغل والتي أرسلها إلى عدد كبير من أعضاء فريق كلينتون، وتناول كوهين في بريده الإلكتروني فقط كلمة "سورية" مكتوبة في مربع الموضوع، وأرسلت الرسالة إلى نائب الوزيرة بيل بيرنز، ومستشاره أليك روس، وإلى مساعدها جيك سوليفان، وأوضح فيها أن أداة رسم الخرائط يمكنها أن تتبع المتمردين المنشقين عن الأسد.
وخطط غوغل للاستعانة بقناة الجزيرة لضمان بث البيانات إلى سورية وتشجيع المزيد من الانشقاقات ومنح الثقة للمعارضة، وكتب كوهين في رسالته "الرجاء الحفاظ على الوثيقة، ففريقي يخطط لإطلاق أداة يوم الأحد لتتبع ورسم خرائط الانشقاقات في سورية ومن أيّة أجزاء من الحكومة قدموا، فلدينا منطلق من وراء ذلك أنه في حين أن الكثير من الناس يتابعون الأعمال الوحشية، لا أحد يتتبع بصريًا ولا أحد يرسم خرائط الانشقاقات والتي نعتقد أنها مهمة لتشجيع المزيد منها وإعطاء الثقة بالمعارضة".
ووجَّه الرسالة سوليفان إلى كلينتون يوم 25 حزيران/يوليو العام 2012، مع ملاحظة ما يلي "لمعلوماتك، هذه فكرة جيدة جدًا"، وكشفت ويكليكس عن الإيميل السبت الماضي، وفي وقت سابق من الأسبوع شارك الموقع أكثر من 30 ألف رسالة بالبريد الإلكتروني من فترة المرشح الأوفر حظًا للرئاسة الأميركية عن الحزب الديمقراطي، وأضاف كوهين في رسالته تعليقًا على الخطة "نظرًا إلى مدى صعوبة الحصول على المعلومات من سورية في الوقت الراهن، سنتشارك مع قناة الجزيرة التي ستأخذ الملكية الأولية للأداة التي سنطورها، والمسار الحقيقي للبيانات وستنشرها مرة أخرى إلى سورية".
وأرفق كوهين ملف "بي دي أف" تحت عنوان "الانشقاق" والذي يظهر كيف ستبدو الأداة، وتابع "الرجاء الحفاظ على هذه الوثيقة، واسمحوا لي أن أعرف إذا كان هناك شيء آخر تريدون أن تعرفوه أو تعتقدون أنه يجب أن يأخذ بعين الحسبان قبل إطلاق الأداة، نحن نعتقد أن لهذا تأثير مهم"، وتشكك هذه الوثيقة في قواعد السلوك لعملاق التكنولوجيا الذي من المفترض أن يتبع فكرة "لا تكن شريرًا"، وتشجع موظفيها لفعل الشيء الصحيح، وتأسست أفكار غوغل العام 2010 على يد شميت لفهم ومعالجة التحديات العالمية.
وأتى هذا الكشف في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس الأميركي باراك أوباما خطط غوغل لتوسيع الوصول إلى الإنترنت في كوبا، وذلك خلال زيارته التاريخية إلى الدولة الشيوعية، وقال "واحدة من الأشياء التي سيعلن عنها هنا هو أن غوغل لديها اتفاق للبدء في إنشاء المزيد من خدمة الواي فاي على نطاق واسع في الجزيرة".
وترك كوهين وظيفته في لجنة التخطيط لسياسات وزارة الخارجية الأميركية حيث كان مستشارًا لكوندوليزا رايس، وفي وقت لاحق لدى كلينتون، بعد أن عمل في غوغل، وعمل في مجموعة أفكار غوغل وتهدف مهمته في الأساس إلى استخدام التكنولوجيا لمواجهة أصعب التحديات الجيوسياسية ومواجهة التطرف عبر الإنترنت، وجعلت هذه الوثيقة عمل كوهين تحت المجهر لمحاولته التحريض على تغيير النظام في سورية وعلاقته مع وزارة الخارجية الأميركية، وكان مؤسس موقع ويكيلكس جوليان أسانغ، كتب مقالًا لمجلة نيوزويك العام 2014 يقول فيه "غوغل ليست كما تبدو".
ووصف كوهين بأنه من الجيل الصغير الذي استطاع أن يتطور بسرعة في وزارة الخارجية تحت إدارتين مختلفتين في أوائل العشرين من عمره، وكان يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي للتحريض على الثورات حتى قيل إنه يغادر وزارة الخارجية، وورد أنه طلب من الرئيس التنفيذي لشركة تويتر، جاك دورسي، تأخير صيانة النظام والتي كان من شأنه عرقلة قيام انتفاضة في إيران العام 2009، ومن المفارقات أن كل الجهود الرامية إلى إسقاط الأسد من خلال دعم المعارضة أدت إلى صعود داعش كمجموعة متطرفة وخطيرة.