الدار البيضاءـ عثمان الرضواني
تجارة من نوع خاص أبطالها أطفال، "زيدان، بوكمون، الفرخ، السيكار، الطيارة"، كلها أسماء لـ"الألعاب النارية"، تتعالى بها أصوات وتبح بها حناجر أطفال وشباب في عمر الزهور، في درب عمر في الدار البيضاء.
مع إطلالة فاتح السنة الهجرية الجديدة من كل عام يغزو الأطفال وشباب العاصمة الاقتصادية، القلب النابض للمدينة للاتجار في الألعاب النارية كمظهر من مظاهر الأحتفال بفاتح السنة الهجرية
أيوب 14 عامًا ويدرس في المستوى الثالث الإعدادي، وجهته هذه الأيام تحولت من أبواب المدرسة الإعدادية، التي يدرس فيها إلى سوق درب عمر، ليأخذ له مكان بين شاحنات عملاقة وبين أطفل في سنه وشباب، دفعهم انعدام مورد رزق لهم، للبحث أمام محلات سوق درب عمر عن "زبناء" من نوع خاص، يعشقون سماع صوت التفجير وإخافة الأصدقاء، ومعظم هؤلاء الشباب يرفض التحدث إلى وسائل الإعلام خوفًا من أن يعكر عليهم رجال الأمن نشوتهم في بيع "المتفجرات"، ويعرف السوق خلال هذه الأيام حملات في كل لحظة لتفريق تجار الألعاب النارية.
ويضيف مروان، الذي تحدث لنا وهو يدير رأسه ذات اليمين وذات الشمال، خوفًا من أن تفاجئه دورية رجال الأمن: "كل عام كنجي نبيع القنبول هنا، ولكن هاذ العام كين الهزان بزاف البوليس مخلوناش نبيعو على خطرنا"، الربح اليومي لمروان لا يتجاوز في أحسن الأحوال العشرون درهمًا، حيث أكد باعة الألعاب النارية أنه مقارنة بالسنوات الماضية، يلاحظ أن الإقبال على اقتناء الألعاب النارية تراجع خلال السنوات الأخيرة.
وتابع مروان: "مكينش النهار لكيدوز بلا مضاربة، غير كتشري القنبول كيجيو عندك الحناطة باش يخون ليك هذكشي لشريتي".
وتتراوح أثمنة الألعاب النارية بين عشرة دراهم و150 درهم، ومن بين الأنواع التي يقبل عليها محبو التفجير "زيدان"، وهي قنبلة تحدث ضجيجًا خاصًا، ويصل ثمنها إلى 60 درهمًا، بالإضافة إلى "الطيارة" التي تطير لحظة إشعالها ويصل ثمنها إلى 16 درهمًا للعلبة.
وعن مصدر هذه الألعاب النارية، أوضح أحد التجار، الذي فضل عدم ذكر اسمه أن غالبيتها تدخل من وجدة والشينوة، ويتحول فضاء سوق درب عمر، أحينًا كثيرة إلى حلبة صراع بين التجار الصغار، إذ غالبًا ما يبدأ الأمر بمناوشات بسيطة بين الأطفال وبين مجموعات من أحياء المدينة، لينتقل إلى معركة تستخدم فيها الألعاب النارية للترهيب.
الاحتفال بيوم عاشوراء لا يقتصر على الأطفال بل يمتد ليصل إلى الكبار أيضًا، ففيه تخرج الأسر بحثًا عن لعبة لأطفالها، ويصبح الشغل الشاغل للأسر إيجاد لعبة لإسعاد الأطفال، وتتميز ألعاب "عاشوراء" بأن أغلبها يكون من الألعاب الحربية، من بنادق ومسدسات ورشاشات وسيوف وسيارات مدرعة مع ألعاب الليزر، أما الصغيرات فتجدهن يتسابقن ويتنافسن في اقتناء الدمى وألعاب على شكل أواني الطبخ، وهو ما يكلف جيوب أولياء الأمور مصاريف إضافية تتفاوت من أسرة إلى أخرى، بحسب عدد أطفالها ودخلها الشهري.
حسن بائع ألعاب، يمارس هذه المهنة قرابة العشرون عامًا، مهنة رغم موسميتها وجد فيها فرصة لادخار دراهم معدودة، تصل قيمة السلعة التي يعرضها في أحد أزقة درب عمر أربعة آلاف درهم، وتحدث لنا عن تجارته قائلًا: "الرواج هاذ العام قليل، مولين المحلات هما الضربين إديهم".
وتزدهر تجارة "الطعارج" بدورها مع هذه المناسبة حيث يلاحظ إقبال ملحوظ على هذه الوسائل، إقبال لا يقتصر على الأسر والنساء بل يمتد إلى الأطفال.
وأوضح محمد بائع الطعارج: أن "أغلب المعروضات قادمة من مدينة أسفي ومراكش، العائلات المغربية معروفين بأنهم كيشريو الطعارج في هاذ المناسبات"، مضيفًا: "حتى الدراري كيشريو طمطام وديكورات".
خصوصية احتفال المغاربة بـ"عاشوراء"، يلقي بثقله على تلك الطقوس العيشورية القديمة، وبدأ يغيب ذلك الحس الإبداعي عند الأطفال الجدد في إعداد لعبهم، بعدما صارت تأتي إليهم جاهزة تبهر الأنظار بألوانها وأحجامها وتقنياتها العالية، ولكن عليها علامة تجارية مسجلة صينية أو تايوانية، تتحول في أحيان كثيرة إلى مصدر تهديد لصحة هؤلاء الأطفال.