الرئيسية » تحقيقات

لندن ـ سليم كرم

بدأ ليأس يتسلل إلى نفوس بعض أهالي العاصمة السورية، دمشق، وبخاصة بعدما وصل الصراع إلى طريق مسدود، وأصبح الموت روتينًا عاديًا، وأصبح أقصى أماني البعض أن يتوقف القتال واستئناف الحياة الطبيعية من جديد، وما يحدث الآن في منطقة العباسيين في العاصمة السورية يعيد إلى الأذهان ما كان يحدث في بيروت خلال فترة أواخر السبعينات والذي يتمثل في وصول الصراع إلى طريق مسدود وأهم معالمه هي القنص وقذائف الهاون ومن ثم الموت. وتعقد صحيفة الغارديان البريطانية مقارنة بين استاد العباسيين الذي كان قبل الحرب الأهلية السورية يزأر بأصوات وفرحة الجماهير عندما كان يسجل المنتخب الوطني السوري لكرة القدم هدفا . أما اليوم فإن هذه الساحة الرياضية لا يصدر عنها اليوم سوى أصوات الانفجارات التي تستهدف معاقل المقاومة السورية. وعلى الرغم من اعتياد السكان القريبين سماع هذا الأصوات إلا أنها زادت كثافة على مدار الأيام الماضية ، ويقول أحدهم إنه لم يستطيع النوم بسبب قذائف المدفعية التي تهز نوافذ المباني القريبة والثريات المعلقة في الأسقف على نحو يثير الرعب. وتشير الصحيفة أيضا إلى أن هذه المعركة الدائرة الآن في هذا المحيط ربما تحدد مصير البلاد. وتحتل قوات النظام السوري الآن الميدان القريب من الاستاد والذي يبعد مئات الياردات عن منطقة جوبار ولكن يفصلهما حواجز خرسانية ضخمة، ويكشف تسجيل فيديو على اليوتيوب يحمل عنوان "القتال من أجل الحرية" عن قناصة وهم يطلقون نيرانيهم على أهداف غير واضحة. والأوضاع تعيد إلى الأذهان الانقسامات وأسوأ ايام الحرب الأهلية التي شهدتها بيروت في أواخر السبعينات ، كما أنها تعيد إلى الأذهان أيضا ما حدث للعراق الذي دمرته العقوبات والحرب والطائفية ، ويعلق على ذلك شاب سوري ساخر "مرحبا بأيام بغداد" وهو يشير إلى مشاهد خراب ودمار. ومع ذلك فإن الخطاب الرسمي في سورية لايزال يحمل نبرة التفاؤل، ويتنبأ أحد الصناعيين من السنة والمقربين إلى نظام الأسد ، بأن "الأوضاع والأمور سوف تهدأ"، ويستبعد أنصار نظام الأسد أن تشهد دمشق حربا شاملة كما تروج المعارضة ويقولون بأن ذلك كله على سبيل الدعاية والمبالغة، ويقول رجل أعمال من الطبقة المتوسطة أن المعارضة تحلم بذلك وأنهم بإمكانهم تفجير سيارة مثلما يفعل تنظيم القاعدة ولكنهم لا يقدرون على الجيش السوري فهو أقوى منهم بكثير.   ويقوم الإعلام الرسمي السوري يوميا بالإعلان عن عمليات "بطولية" لقوات المسلحة السورية ضد ما يطلق عليهم اسم "عصابات الإرهاب المسلحة" مثل لواء التوحيد في منطقة جوبر أو الجيش السوري الحر بالقرب من منطقة قابون وهما منطقتين داخل دمشق فقدت قوات النظام السيطرة عليهما، ودائما ما تردد وسائل الأعلام بأن قوات الجيش السوري سوف تتغلب على  مؤامرات الإرهابيين والمتآمرين. وتشير كافة الشواهد في العاصمة إلى الأوضاع الحربية وصلت إلى طريق مسدود وأنه لا توجد عمليات عسكرية برية أو حرب شوارع لأن جيش النظام يخشى أن يتكبد خسائر أو أن يضطر إلى التراجع وهو لهذا يكتفي بقذائف المدفعية والغارات الجوية والتي أسفرت أخيرًا عن مقتل عشرة أطفال في القابون خلال الأسبوع الماضي. وتشير الصحيفة إلى أنه في الوقت الذي لم يستطع فيه مراسلو التليفزيون السوري الوصول إلى أبعد من العلامة التي تشير إلى حي جوبر ، فإن قناة الجزيرة القطرية التي توصف بأنها أداة قطر المعادية لنظام الأسد ، لديها مراسل دائم يقيم وسط أفراد المقاومة السورية. ولا توجد في دمشق منطقة أكثر اقترابًا من حالة الحرب من منطقة العباسيين، وتقول امرأة، إن كل سكان منطقتها سوف يغادرون المنطقة في الصيف بعد انتهاء السنة الدراسية ويستعد هؤلاء إلى التوجه إلى بيروت أو كندا أو أي مكان خارج سورية. وتشير الصحيفة إلى أن المثير للدهشة أن أنباء الموت لم تعد تؤثر في النفوس، لافتة إلى أن ملامح أحد السكان العلويين الشيعة وهو يتلقى نبأة وفاة أمه على يد قناص شمال شرق العاصمة لم يبد عليها علامات التأثر وكأن الموت بات روتينا من روتين الحياة اليومية، مشيرة إلى أنالأحاديث لا تتوقف عن الموت فهناك من يكشف لك عن صورة لابن أخيه المتطوع في الجيش والذي أطاحت قذيفة بذراعه وظل ينزف حتى الموت أثناء القتال في درعا،وآخرون يتهامسون حول العثور على جثة ابن رئيس شرطة دمشق في النهر مفصولة الرأس، وآخر يتحدث عن اعتقال قريب له منذ عدة أشهر وقيام المخابرات أمن الدولة بإبلاغ أهله للحضور لتسلم جثته من دون تفسير لما حدث له. ويكشف الصيادلة في المدينة عن ارتفاع معدلات الضغوط العصبية والتوتر في أوساط الناس حيث يتزايد الطلب بصفة دائمة على المهدئات والحبوب المنومة، وتقول امرأة على موقع تويتر "هل أنا وحدي أم أن الجميع يعانون من الكوابيس بسبب القصف والقتل وتزايد عدد اليتامى من حولي؟". وقد كان شهر آذار/ مارس السابق الذي يوافق الذكرى الثانية للثورة السورية أكثر الشهور دموية حيث شهد مقتل ستة آلاف فرد في أعقاب معارك كثيفة في ضواحي درعا ودمشق، وفي ظل حالة العنف والاستقطاب بالعاصمة، تشير الصحيفة إلى أن هؤلاء الذين كان يعارضون عسكرة الانتفاضة السورية إما قد غادروا سورية أو أنهم يلتزمون الصمت، وهناك آخرين لا حصر لهم داخل المعتقلات بلا محاكمة. وتقول امرأة تلقت أخيرًا إشعارًا من المخابرات حول تعليقاتها على " فيس بوك" إنها اعتادت على استجوابات أجهزة الأمن على اختلاف أفرعها، ولازالت هناك تظاهرات احتجاجية سلمية صغيرة في ميدان مدحت باشا حيث يتم تصويرها سريعا ثم نشرها على موقع اليوتيوب حيث يردد العشرات دعاء إلى الله تعالى بحماية الجيش الحر قبل أن يتفرقوا، ولكن مثل هذه التظاهرات لا تجتذب الكثيرين. وتنتشر في العاصمة دمشق أجواء من الشك والريبة وهناك شائعات بوجود خلايا نائمة للمقاومة السورية تختزن السلاح وتنتظر لحظة الهجوم على دمشق فور تلقي الأوامر، ويؤكد ذلك أحد الصحافيين السوريين الذي يصحبه حارس أمن يحمل الكلاشينكوف وهي علامة تدل على ارتباطه بالشرطة السرية ولكنه يقول إن عددًا منهم تم اعتقاله بمساعدة الناس للمخابرات. وتقوم لجان شعبية بمهام الأمن في شوارع دمشق ويحمل أفرادها مسدسات وأسلحة آلية ومخولين بحماية الأحياء المسيحية في باب توما والأقلية الشيعية ولكن أحد أفراد حزب البعث السوري يحذر من تسليح الناس في أماكن على أساس طائفي أو ديني، مؤكدًا أنها كارثة على المدى البعيد، وهي أيضًا كارثة على المدى القريب حيث يقوم بعض الرجال من لواء أبوفضل العباس بحماية مزار السيدة زينب المقدس في جنوب العاصمة وهو وحدة عسكرية تضم مليشيات شيعية عراقية ومن حزب الله وبعض من أفراد الحرس الثوري الإيراني لمساعدة الأسد ضد خصومه وأعدائه. ولا يمكن لأحد أن يتكهن بما قد يحدث في العاصمة ولكن البعض يعتقد أن الحكومة يمكن أن تعيش في ظل هذا الوضع طالما كانت قادرة على السيطرة على دمشق، وسوف يساعدها في ذلك حالة الإنهاك والبؤس والخوف الملموسة في منطقة العباسيين وما بعدها. وتقول طالبة سورية، إنه وحتى أشهر قليلة كان الناس يتجادلون بين معارض ومؤيد للحكومة أما الآن فلا أحد بات يهتم بالسياسة إنهم فقد يريدون أن يتوقف القتال واستئناف الحياة الطبيعية من جديد”.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

اليونيسيف تُحذر من آثار خطيرة للحرب الإسرائيلية المستمرة في…
واشنطن تتجاهل مئات التقارير عن استعمال الأسلحة الأميركية في…
700 عائلة إسرائيلية تسجل للاستيطان في غزة وحماس تنتقد…
مقتل يحيى السنوار ضربة كبيرة لـ"حماس" لكن ليست قاضية
قيادات في حركة حماس وحزب الله إغتالتها إسرائيل منذ…

اخر الاخبار

«حزب الله» يوسع رقعة استهدافات صواريخه إلى تل أبيب
شروط المملكة المغربية لإعادة علاقاتها مع إيران
نزار بركة يُؤكد أن حزب الاستقلال يُواصل جهوده لتعزيز…
المغرب يُعزز دوره القيادي عالمياً في مكافحة الإرهاب بفضل…

فن وموسيقى

تتويج المغربي محمد خيي بجائزة أحسن ممثل في مهرجان…
رافائيل نادال يختتم مشواره ويلعب مباراته الأخيرة في كأس…
الذكرى التسعين لميلاد فيروز الصوت الذي تخطى حدود الزمان…
سلاف فواخرجي تؤكد أنها شاركت في إنتاج فيلم "سلمى"…

أخبار النجوم

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
سلاف فواخرجي تتألق في فيلم ”سلمى” وتسلط الضوء على…
أول تعليق من حسين فهمي بعد حصوله على جائزة…
مها أحمد تسخر من قلة العمل وكثرة النجوم على…

رياضة

بيب غوارديولا يكشف سبب تمديد تعاقده مع مانشستر سيتي
كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
أبرز المحطات في مسيرة لاعب التنس الاستثنائي نادال التي…
المغربي أشرف حكيمي ضمن المرشحين الخمسة للفوز بلقب أفضل…

صحة وتغذية

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على…
فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً
وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات…
نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية

الأخبار الأكثر قراءة

إيران تنفي طلب حماس 500 مليون دولار لتنفيذ هجمات…
إسرائيل تنتظر تنسيق الدفاع مع أميركا قبل ضرب إيران
أميركا تنشر نظام "ثاد" للدفاع الجوي في إسرائيل استعداداً…
وثائق تكشف أن نصرالله دعم 7 أكتوبر وطلب وقتاً…
تخوف أميركي من قائمة اغتيالات ستنفذها إيران على رأسها…