الرئيسية » تحقيقات
وزارة الداخلية التونسية

تونس - حياة الغانمي

ترتبط التنظيمات "الإرهابية" في منطقة شمال أفريقيا، سواء المنضوية تحت لواء "قاعدة المغرب الإسلامي" أو تلك التي لها علاقة بتنظيم ما يسمونه دولة الخلافة "داعش"، مع شبكات التهريب المنتشرة عبر المناطق الحدودية، بمصالح وعلاقات عمل في إطار ما يسمّى بـ"الجريمة المنظمة". وانطلاقا من هذه المعادلة فإنه وجب التأكيد على أن المهرب لا يؤمن إلا بالكسب والثروة، أي أنه لا وطن له غير المال..اما الإرهابي فيسعى إلى تنفيذ ما يؤمن به من فكر حتى وان تعارض مع مفهوم الوطن . وهنا يلتقي الاثنان..المهرب والإرهابي فهما "لا وطن لهما".

مراقبة الحدود عسيرة

وقد اتضح في زمن ما بعد الثورة،  حجم التعاون والتعامل بين شبكات التهريب المنتشرة عبر حدود تونس الجنوبية وحدودها الغربية، وبين الخلايا الإرهابية التي يتحصّن بعضها في الجبال، وبين بارونات التهريب الذين يتخذون من الحدود معبرًا للاتجار في كل شيء بدءًا بالمواد الأساسية وصولا إلى الخراطيش والأسلحة بمختلف أنواعها. وفي إطار الحديث عن الإجراءات القانونية الواجب اتخاذها للقضاء على الارهاب، فقد تغافل المسؤولون عن ربط تلك الإجراءات باجراءات مماثلة تنطبق على المهربين في إطار مقاومة الإرهاب طبعا...فهذه الظاهرة الخطيرة لا تنتهي بمجرد تصنيف "أنصار الشريعة" على أنهم تنظيم إرهابي فحسب وإنما لا بدّ من إجراءات عملية لتجفيف منابع الإرهاب وقطع عملية تمويله التي تمكّنه من شراء الأسلحة وغيرها من المواد، من خلال ضرب ظاهرة التهريب ومقاومتها باعتبارها أبرز منبع لتمويل الإرهاب في تونس وفي شمال أفريقيا. وقد ذهب العديد من الخبراء والباحثين في سياسات الدفاع والأمن إلى أن ظاهرة التهريب التي اكتسحت حدود تونس الجنوبية والغربية بعد الثورة تحت وطأة التراخي والانفلات الأمني ،أصبحت ظاهرة مزعجة ولها تداعيات خطيرة. ولكن فعليا  تبقى مسألة مراقبة الحدود مهمة عسيرة أمام ترامي الحدود على أكثر من 465 كلم جنوبا و965 كلم على حدود تونس الغربية.

ومن هذا المنطلق فان الارهاب تطوّر ونما في منطقة شمال أفريقيا، ووجدت قاعدة المغرب الإسلامي المجال للتحرّك وتوسيع مناطق نفوذها بعد سقوط النظام الليبي وحالة الانفلات التي أصابت مخزون أسلحة نظام معمّر القذافي وهو ما سمح بسهولة الاستيلاء على مخزون الأسلحة هذا ..وأدّت الأحداث التي استجدّت شمال مالي والتدخّل الفرنسي هناك الى هجرة عدد من العناصر الارهابية الى ليبيا والجنوب التونسي والمناطق الحدودية بين تونس والجزائر، ونشط بعضها في تهريب الأسلحة. كما سعت الى الاستعانة بشبكات التهريب المنظمة والعابرة للوطن وهي في نهاية المطاف جماعات إجرامية هدفها الربح المادي، ولذلك تعاونت مع الجماعات الإرهابية لتبادل المنافع والمصالح .

وباعتبار أن شبكات التهريب أصبحت اليوم على علاقة وثيقة بالتنظيمات الارهابية وأصبحت تربط بينهما جملة من المصالح المادية المشتركة، فإن مقاومة الظاهرة الارهابية تقتضي أساسًا تجفيف المنابع المالية لهذه التنظيمات الإرهابية، وأبرزها قطع دابر آفة التهريب التي تفتك بالاقتصاد الوطني، وفي نفس الوقت تقدّم الدعم اللوجيستي للتنظيمات الإرهابية. وبالتالي لا بد من تكثيف المراقبة الحدودية والتتبع الأمني والقضائي للعائدات المالية لهذه التنظيمات والمتأتية في العادة المساعدة على الهجرة غير الشرعية وتجارة التبغ والمخدّرات والتهريب.

تفاقم عدد السيارات التي تشتغل في التهريب

وظاهرة التهريب كانت موجودة قبل الثورة، ولكن الفرق هو أن قوات الأمن كانت ملمة بكل حيثيات الظاهرة وتبقيها تحت السيطرة، كما كان عدد السيارات التي تقوم بمهمات تهريب على حدودنا معلومًا، و كانت قوات الأمن تعرف مالك كل سيارة وسائقها والكشّاف الذي يقوم بمهام استكشاف الطرق الجبلية والصحراوية. وقد كان عدد السيارات المعلومة من الأمن والتي غالبا لا تحمل لوحة منجمية في حدود 1500 سيارة ..بعد الثورة تفاقم عدد السيارات التي تشتغل في التهريب وأصبح يناهز 10000 سيارة رباعية الدفع، تجهل السلطات مالكيها وسائقيها وبالتالي لم تعد عائلة الطرابلسية فقط هي من تمثّل بارونات التهريب، بل بات لدينا ألاف من بارونات التهريب ،الذين يهرّبون ويتاجرون في كل شي بدءًا بالمواد الغذائية والأساسية والتي كان من المستحيل تهريبها سابقا، لكن اليوم أصبح تهريبها مباحًا وهذا ما يسهّل مداخيل هذه المنظمات الارهابية والتي عادة ما تتأتى مداخيلها من تبييض الأموال ومن زراعة الأفيون ومن تجارة المخدرات ولكن في شمال أفريقيا ترتكز مداخيل التنظيمات الارهابية على عمليات التهريب المختلفة.

وقد فسر الخبراء تنامي الظاهرة اكثر بما اسموه سطوة التعيينات المشبوهة في سلك الأمن والتي تعتمد على الولاءات والتي تتساهل مع شبكات التهريب في معابر التهريب الخطيرة التي تمتد على كافة حدودنا الجنوبية وعلى الشريط الحدودي والتي تعتبر أسخن نقطة فيه القصرين. افلا يتطلب الامر إحداث خلايا مركزية وجهوية من مختلف الوحدات الأمنية والعسكرية لتعقّب المهربين وملاحقتهم مقابل خلق مواطن شغل بديلة عن التهريب لآلاف الشباب الذين اضطرّوا للعمل في التهريب؟

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

نتنياهو قلق من انتقام محتمل لبايدن بعد فوز ترامب…
اليونيسيف تُحذر من آثار خطيرة للحرب الإسرائيلية المستمرة في…
واشنطن تتجاهل مئات التقارير عن استعمال الأسلحة الأميركية في…
700 عائلة إسرائيلية تسجل للاستيطان في غزة وحماس تنتقد…
مقتل يحيى السنوار ضربة كبيرة لـ"حماس" لكن ليست قاضية

اخر الاخبار

رياض مزور يترأس المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال في إقليم…
السفير محمد عروشي يُؤكد على الدور الحاسم الذي لعبته…
وزير العدل المغربي يُوجه كلمه بمناسبة عقد المكتب الدائم…
السلطات البلجيكية تُرحل عشرات المهاجرين إلى المغرب

فن وموسيقى

منة شلبي تتألق في موسم الرياض بمسرحية شمس وقمر…
تتويج المغربي محمد خيي بجائزة أحسن ممثل في مهرجان…
رافائيل نادال يختتم مشواره ويلعب مباراته الأخيرة في كأس…
الذكرى التسعين لميلاد فيروز الصوت الذي تخطى حدود الزمان…

أخبار النجوم

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
سلاف فواخرجي تتألق في فيلم ”سلمى” وتسلط الضوء على…
أول تعليق من حسين فهمي بعد حصوله على جائزة…
مها أحمد تسخر من قلة العمل وكثرة النجوم على…

رياضة

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة…
محمد صلاح في المركز الثاني كأفضل هدافي الدوري الإنكليزي…
بيب غوارديولا يكشف سبب تمديد تعاقده مع مانشستر سيتي
كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

صحة وتغذية

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على…
فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً
وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات…
نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية

الأخبار الأكثر قراءة

نشر منظومة "ثاد" في إسرائيل يُعمّق الانخراط الأميركي بأزمة…
إيران تنفي طلب حماس 500 مليون دولار لتنفيذ هجمات…
إسرائيل تنتظر تنسيق الدفاع مع أميركا قبل ضرب إيران
أميركا تنشر نظام "ثاد" للدفاع الجوي في إسرائيل استعداداً…
وثائق تكشف أن نصرالله دعم 7 أكتوبر وطلب وقتاً…