الجزائر - عمّــــار قـــردود
تشهد ولايات الجنوب الجزائري هذه الأيام حرارة استثنائية، قلبت حياة سكان هذه المناطق رأسًا على عقب وحولت النهار إلى ليل والليل إلى نهار، فيما حذرت مصالح الأرصاد الجوية في الجزائر من تجاوز درجات الحرارة 48 درجة أواخر شهر حزيران/يونيو الماضي، لكن "المغرب اليوم" كانت شاهدة على أن الحرارة قاربت يومي 28 و 29 حزيران/يونيو الماضي الـ60 درجة، و هو الأمر الذي يكذب كل التقارير الدولية التي أفادت ، مؤخرًا، أن مدينة "الأحواز" الإيرانية هي التي سجلت أعلى درجة حرارة في العالم في العصر الحديث.
وسخر جزائريو الصحراء من مثل هذه التقارير الخاطئة و التي لا تستند إلى معايير دقيقة. وناشدوا المنظمة العالمية للأرصاد الجوية للتأكد من صحتها و أن درجات الحرارة بالجنوب الجزائري خلال فصل الصيف تقارب الــــ60 درجة مئوية و أنها تناهز الـ50 درجة مئوية تحت الظل.
و لم تعلن مصالح الأرصاد الجوية في الجزائر منذ الاستقلال عن درجات حرارة بلغت أو تجاوزت الخمسين، حيث سجلت أعلى درجة منذ 11 سنة في ولاية أدرار بـ48 درجة. ، و أكد رئيس نادي المخاطر الكبرى والعديد من المختصين أن درجة الحرارة في الجنوب الجزائري تجاوزت في العديد من المرات 53 درجة، حسب مراكز أرصاد أوروبية و دولية، غير أن السلطات الجزائرية تتهرب من الإعلان عن هذه النسبة للهروب من تطبيق قوانين الأمم المتحدة، التي تمنح العمال عطلة رسمية في حال بلوغ الحرارة 50 درجة، بالإضافة إلى تحديد هذه الولايات كمناطق منكوبة تتطلب إجراءات خاصة تصدر من الحكومة، تماثل تلك التي تدرج في زلزال بقوة 5،6 درجات،حيث تنص قوانين العمل الدولية على منح العاملين عطلة رسمية في حال بلوغ الحرارة 50 درجة، وذلك من أجل الحفاظ على صحتهم وعدم تمكينهم من العمل في ظل درجة حرارة مرتفعة كهذه. وتلزم منظمة الأمم المتحدة الدول الأعضاء فيها بتحديد المناطق التي تبلغ فيها درجة الحرارة الخمسين كمناطق منكوبة تتطلب إجراءات استثنائية لحماية المسنين والمرضى والأطفال من الهلاك. وهذا ما جعل الجزائر والعديد من الدول تتهرب من الإعلان الحقيقي عن درجات الحرارة لاجتناب تطبيق قوانين وإجراءات الأمم المتحدة .
وأكد خبراء جزائريون في الأرصاد الجوية لـــ"المغرب اليوم" أن درجة الحرارة هذه الأيام ستتجاوز 55 درجة في الجنوب الجزائري على عكس ما أعلنته مصالح الأرصاد الجوية التي حددت درجات الحرارة ما بين 45 و48 درجة. وطالبوا من الحكومة الجزائرية إلزام مصالح الأرصاد الجوية الإعلان عن درجات الحرارة الحقيقية لتتحمل كل هيئة مسؤوليتها.
و كانت مصالح الأرصاد الجوية الجزائرية قد أعلنت ،أمس الجمعة،أن درجات الحرارة إبتداء من اليوم السبت ستعرف إرتفاعًا كبيرًا بعدة ولايات بالجنوب الجزائري.و أضافت بأنها ستتعدى الـــ48 درجة مئوية في منطقة الظل على مدار الجمعة و السبت و هي المرة الأولى التي تعلن فيها هيئة حكومية جزائرية بلوغ درجات الحرارة حاجز الــــ50 درجة مئوية.مشيرة إلى أن الولايات الجزائرية المعنية هي ورقلة ،أدرار و شمال تمنراست.
و قالت وكالة الأرصاد الجوية الفرنسية، إن مدينة "الأحواز" الإيرانية سجلت أعلى درجة حرارة في العالم في العصر الحديث.وكتب "إتيان كابيكيان"، المسؤول في الوكالة على "تويتر"، أن "مدينة الأحواز التى تقع جنوبي غرب إيران قد سجلت حرارة بلغت 53.7 درجة مئوية (128.7 درجة فهرنهايت)". وأضاف كابيكيان، أن درجة الحرارة هذه تعد الأكبر في سجل إيران، وهي الدرجة الأعلى التي تصل إليها الحرارة على الإطلاق في يونيو الماضي على البر في قارة آسيا.
وكان المختصون قد رصدوا درجة الحرارة التي قاربت 54 درجة مئوية في الأحواز مرتين، عند الساعة 04:51 و05:00 مساء. وشهدت إيران في السابق درجة حرارة أقل قليلاً من المسجلة حديثًا. وتتطلب درجة الحرارة هذه مراجعة من المنظمة العالمية للأرصاد الجوية للتأكد من صدقيتها، لا سيما في ضوء التشكيك في رصد حرارة بلغت 57 درجة مئوية في "وادي الموت" في كاليفورنيا بالولايات المتحدة في 10 يوليو 1913.
كما أفادت تقارير أخرى أن درجات الحرارة العظمى في دولة عربية، وصلت الأربعاء الماضي، ذروتها، لتصل إلى 51 درجة مئوية، والتي تعتبر الأعلى منذ 30 عامًا.وتراوحت درجات الحرارة اليوم في المناطق الوسطى والشمالية في العراق بين 41 و50 درجة مئوية، بحسب تقرير للأرصاد الجوية العراقية. وتتجاوز الحرارة في المناطق الجنوبية نصف درجة الغليان لتبلغ 51 درجة مئوية، ليكون الطقس صحوًا حارًا في كافة مدن العراق.
وكانت محطة "بلاسيرفيلي" الأميركية، أعلنت أن قضاء خانقين في محافظة ديالى (57 كلم شمال بغداد)، احتل المرتبة الأولى بأعلى درجة حرارة 51 درجة مئوية، سُجلت خلال الـ24 ساعة الماضية في العالم. وحلت خمس مدن عراقية أخرى في جدول الحرارة الأعلى بالعالم.بينما سجل قضاء بدرة في محافظة واسط 50 درجة مئوية، في حين وصلت الحرارة في مدينة العمارة جنوب العراق إلى 49.6 درجة.
من جهة أخرى، يستفيد سكان الولايات الجنوبية الجزائرية ابتداء من الصائفة الجارية من تخفيضات في فواتير استهلاك الكهرباء بنسبة 65% لصالح الأسر والفلاحين، وبنسبة 25 بالمائة لصالح النشاطات الاقتصادية. وهو القرار الذي تم تضمينه في قانون المالية لسنة 2017 بإدراج مادة جديدة 130 مكرر 1 ، جاءت كرد على مطالب سكان الجنوب الذين خرجوا في احتجاجات الصائفة الفارطة، تنديدا بارتفاع فواتير الكهرباء نتيجة الاستهلاك الذي يصل أقصاه في فصل الصيف بسبب درجات الحرارة التي تقارب 56 درجة في بعض ولايات الجنوب الكبير.
وأفرجت الحكومة، عن مرسوم تنفيذي يحدد كيفيات تسيير حساب التخصيص رقم 089-302 بعنوان "الصندوق الخاص لتطوير مناطق الجنوب". ويفتح الحساب في كتابات أمين الخزينة المركزي وأمين الخزينة الرئيسي وأمناء الخزائن الولائية المعنيين، ويكون وزير المالية هو الأمر بالصرف الرئيسي لهذا الحساب. ويقيد هذا الحساب في باب الإيرادات، بتخصيصات ميزانية الدولة في حدود 2 بالمائة من إيرادات الجباية البترولية بالإضافة إلى كل الموارد الأخرى أو المساهمات أو الإعانات المحتملة. وكذا تخصيصات الميزانية الممنوحة سنويا في إطار البرنامج الخاص لتطوير ولايات الجنوب، في حين يتكفل في الشق المتعلق بالنفقات، بتمويل عمليات تطوير مناطق الجنوب بمنح الأولوية للمشاريع المهيكلة، والتمويل المؤقت للبرنامج الخاص بتطوير ولايات الجنوب.
ولعل أهم نقطة يتكفل بها حساب تخصيص "الصندوق الخاص لتطوير مناطق الجنوب"، تمويل تخفيض فوترة الكهرباء بنسبة 65 بالمائة لصالح الأسر في ولايات الجنوب التي تستعمل الضغط المنخفض في حدود 12 ألف كيلوا واط / سنويا، وذلك ابتداء من أول يناير/أيار 2017 وتحسب الكمية مافوق 12.000 كيلوا واط سنويا حسب السعر العادي المعمول به. وبالإضافة إلى تمويل تخفيض فوترة الكهرباء بنسبة 65 بالمائة لصالح الفلاحين في ولايات الجنوب الذين يستعملون الضغط المنخفض والمتوسط في حدود 12 ألف كيلو واط سنويا ابتداء من أول جانفي 2017 وتحسب الكمية ما فوق 12.000 كيلو واط / سنويًا حسب السعر العادي المعمول به. وكذا تمويل تخفيض فوترة الكهرباء بنسبة 25 بالمائة لصالح النشاطات الاقتصادية غير الفلاحية في ولايات الجنوب تحدد ابتداء من أول جانفي سنة 2010 بـ 200.000 كيلو واط / سنويًا وتحدد نسبة الدعم لهذه الفئة للفترة الممتدة من أول جانفي سنة 2010 إلى 31 ديسمبر سنة 2016 بـ 10 بالمائة وتحسب الكمية ما فوق 200.000 كيلو واط / سنويا حسب السعر العادي.
وتكون تخصيصات الميزانية لعمليات الاستثمارات العمومية المسجلة بعنوان "برنامج الخاص لتطوير ولايات الجنوب" موضوع مقرر تبليغ من طرف وزير المالية إلى الأمرين بالصرف المعنيين. ويعتبر هذا القرار بمثابة أمر بالتحويل من حساب نفقات التجهيز إلى حساب التخصيص الخاص رقم 089-302. وتستفيد من تمويل هذا الصندوق 10 ولايات جنوبية جزائرية، هي ولايات، أدرار، بشار، تندوف، بسكرة، الوادي، ورقلة ، غرداية ، الاغواط، اليزي وتمنراست، وينفذ الآمرون بالصرف المعنيون النفقات المتعلقة ببرنامج تطوير مناطق الجنوب .
ويقوم الوزراء والولاة المعنيون بالمشاريع المسجلة لديهم بإجراءات الالتزام والتصفية والأمر بالصرف عمليات الاستثمارات لولايات الجنوب المنفذة على حساب التخصيص الخاص رقم 089-302 طبقا للمدونة المتضمنة تصنيف الاستثمارات العمومية المعمول بها، ويتعين على الوزراء والولاة المعنيين إرسال وضعية مفصلة تبين حالة تقدم المشاريع المسجلة لديهم وكذا وضعية تعلق باستهلاك تخصيصات الميزانيات التي منحت لهم إلى الوزير المكلف بالمالية كل ثلاث أشهر.
و قد وجه جزائريو هذه الولايات الجنوبية نداء إستغاثة عبر "العرب اليوم" للسلطات الجزائرية لمساعدتهم على مواجهة هذه الحرارة القياسية و قالوا أنهم "يعيشون الجحيم قبل آوانه".