الرئيسية » تحقيقات
أحوال العمال الأجانب في ليبيا

طرابلس - فاطمه سعداوي

بعدما كانت ليبيا في عهد الراحل معمر القذافي قبلة الباحثين عن فرص للعمل وتحسين مصدر دخلهم، باتت اليوم جحيما حقيقيا للمهاجرين الذين يأتون إليها على أمل الوصول إلى أوروبا، أو العثور على عمل، فلا يجدون سوى الابتزاز والخطف والتعذيب والاستغلال الأقرب إلى الرق. ويروي مهاجرون التقتهم وكالة "الصحافة الفرنسية" في أغاديز ونيامي في النيجر، تفاصيل معاناتهم في ليبيا، البلد الذي تنتشر فيه مجموعات مسلحة وسط فوضى، يبقى فيها المهاجرون من أفريقيا جنوب الصحراء تحت رحمة جميع أنواع التجاوزات.

وفي هذا السياق، يقول إبراهيم علي، المتحدر من غينيا بيساو، والذي يبدو مصدوما ومنهكا بعد عبور الصحراء، إنه قضى عامين يعمل وشهرين في السجن، مشددا على أن ليبيا الآن في وضع سيء جدًا.ويوضح عامل البناء الغيني إريك مانو، الذي قضى سنوات عدة في ليبيا، أن "هناك أسلحة في كل مكان، ومشكلات كثيرة. ليبيا لم تعد جيدة. وقد قررت الرحيل بسبب انعدام الأمن، وتدني الأجور التي لم تعد تساوي سوى ثلث ما كانت عليه من قبل، إضافة إلى المشكلات في الدفع؛ إذ من الممكن أن تعمل وبعد ذلك لا يدفعون لك أجرك".

ويقول شاب آخر يتحدر من كوماسي "هناك الكثير من اللصوص يريدون أموالك أو هاتفك. بوسعهم قتلك أو إطلاق النار عليك". ويضيف هذا الشاب الذي تمكن من تحويل أمواله إلى البلاد قبل أن يعود إلى أغاديز بجيوب فارغة "إنهم يترقبونك على الطريق". وانطلق كانتي سيكو (27 عاما) من غينيا عام 2013 سعيا للوصول إلى أوروبا، لكن في ليبيا عاش أياما مريرة جعلته يتخلى عن مشروعه، وكان يحاول جاهدا أن يتفادى الشرطة التي تقوم باعتقالات جماعية، في حين الميليشيات تتناحر فيما بينها. وفي نهاية الأمر وجد وظيفة عامل في ورشة بناء مع مهاجرين آخرين داخل ليبيا.

يقول هذا الخريج الجامعي، المتخصص في الاتصال الاجتماعي: "لقد كان العمل رديئا. كانوا يدفعون لنا 15 دينارا (نحو 10 يورو) في اليوم، ننفق منها خمسة للطعام. لكن المال لم يكن يصلنا. كنا ننتظر أحيانا ثلاثة أو أربعة أسابيع من دون أن نتقاضى أجرا. وبعد ذلك أصبح الطعام نادرا، ولم نعد نعرف ما نفعل".

ويضيف سيكو مستعرضا تفاصيل عمله ومعاناته اليومية لكسب لقمة العيش "كنا مضطرين إلى الذهاب إلى قرية فيها مسلخ. كنا نجمع البقايا: قوائم جمال أو ما شابه، وكل ما لا يريدونه. لم يكن الطعم طيبا، لكن لم يكن لدينا خيار. وفي أحد الأيام قالوا لنا إن المال وصل. لكن لم يدفعوا لي كل ما كان يترتب عليهم، إلا أنني غادرت رغم ذلك"، وتوجه إلى منطقة قريبة من مصراتة حيث عمل دهانا.لكن ذلك لم يكن نهاية مسلسل المعاناة، فقد نجا سيكو أيضا من لصوص يعتقلون المهاجرين للمطالبة بفدية، وحول ذلك يقول: "اضطررنا إلى القفز من السيارة وهي تسير حتى لا ينتهي بنا الأمر في السجن".

وسيكو ليس حالة معزولة. فقد عانى الكثير من المهاجرين الآخرين من هول عمليات الخطف. يقول إبراهيم كاندي السنغالي، البالغ من العمر 26 عاما: "إن كنت تكسب مالا، يقبض عليك المسلحون ويضربونك، ثم يضعونك في السجن. لكنه ليس سجنا عاديا، إنه سجن خاص". ويتابع كاندي موضحا "عندما يحتجزونك عليك أن تدفع ما بين 200 إلى 500 ألف فرنك أفريقي (300 إلى 750 يورو)، ثم يتصلون بأهلك في البلاد، وعليك أن تقول لهم أرسلوا لي مالا، وإلا سوف يقتلونني". بعد ذلك يقوم وسيط بتقاضي المال في بلد المهاجر، ثم يرسله إلى وسيط ثان في أغاديز، وهذا الأخير يعطي عندها الضوء الأخضر لإطلاق سراح المعتقل، وفق آلية شرحها وأكدها الكثير من المهاجرين. وبعد ذلك، يسلك المال طرقات غامضة ليصل إلى ليبيا.ويختم كاندي مشيرا إلى ندبات على جبينه وساقه وقال: "تلقيت الكثير من الضرب والركل والطعن بالسكين، وتعرضت للسرقة ثلاث مرات. لا يمكنك النوم. يلاحقك الخوف طوال الوقت".

وفي أحد هذه السجون اعتقل بالديه أبو بكر الصديق (35 عاما) القادم من كينديا في غينيا، والذي يوضح حجم المعاناة التي تعرض لها داخلها بقوله "إنها بيوت عادية من الخارج، لكن هناك غرفا يعتقلونك فيها. هناك الكثير من الناس. الوضع في غاية القسوة. عندما يخرجونك من زنزانتك يضربونك على باطن قدميك بالعصي أو الأسلاك"، وقد اضطر هو أيضا إلى دفع فدية.لكن رغم أن الكثير من المهاجرين العائدين من ليبيا يروون قصصا مماثلة. إلا أن كل هذه الشهادات لا تحبط آمال الكثير من المهاجرين المصممين على القيام بالرحلة إلى أوروبا. يقول أحد سكان المنطقة "هذا سيزيد من ثمن الرحلة لأنها أكثر خطورة، لكن المهاجرين هم الذين سيدفعون الثمن دائما في نهاية المطاف".

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

نتنياهو قلق من انتقام محتمل لبايدن بعد فوز ترامب…
اليونيسيف تُحذر من آثار خطيرة للحرب الإسرائيلية المستمرة في…
واشنطن تتجاهل مئات التقارير عن استعمال الأسلحة الأميركية في…
700 عائلة إسرائيلية تسجل للاستيطان في غزة وحماس تنتقد…
مقتل يحيى السنوار ضربة كبيرة لـ"حماس" لكن ليست قاضية

اخر الاخبار

طائرة مغربية بدون طيار تعيد رسم ملامح الصناعة الدفاعية…
ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
رياض مزور يترأس المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال في إقليم…
السفير محمد عروشي يُؤكد على الدور الحاسم الذي لعبته…

فن وموسيقى

منة شلبي تتألق في موسم الرياض بمسرحية شمس وقمر…
تتويج المغربي محمد خيي بجائزة أحسن ممثل في مهرجان…
رافائيل نادال يختتم مشواره ويلعب مباراته الأخيرة في كأس…
الذكرى التسعين لميلاد فيروز الصوت الذي تخطى حدود الزمان…

أخبار النجوم

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
سلاف فواخرجي تتألق في فيلم ”سلمى” وتسلط الضوء على…
أول تعليق من حسين فهمي بعد حصوله على جائزة…
مها أحمد تسخر من قلة العمل وكثرة النجوم على…

رياضة

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة…
محمد صلاح في المركز الثاني كأفضل هدافي الدوري الإنكليزي…
بيب غوارديولا يكشف سبب تمديد تعاقده مع مانشستر سيتي
كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

صحة وتغذية

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على…
فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً
وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات…

الأخبار الأكثر قراءة

الأمم المتحدة تحذر من أن الحرب في السودان تسبب…
نشر منظومة "ثاد" في إسرائيل يُعمّق الانخراط الأميركي بأزمة…
إيران تنفي طلب حماس 500 مليون دولار لتنفيذ هجمات…
إسرائيل تنتظر تنسيق الدفاع مع أميركا قبل ضرب إيران
أميركا تنشر نظام "ثاد" للدفاع الجوي في إسرائيل استعداداً…