الرباط _ المغرب اليوم
لم تعد تخفى على أحد العلل التي أصابت مؤسسة الأسرة، أخطرها عنف الأبناء “المساخيط”، والتأكيد يأتي من الأخبار والأحداث التي تنقلها وسائل الإعلام وتبت فيها محاكم المملكة. لا يكاد يمر شهر دون التداول في قضية تعنيف أو قتل تطال الأصول. وإن اختلفت أسباب وعوامل هذه الظاهرة، إلا أنها تؤشر على أزمة تنخر جسد المجتمع الذي يكتفي برمي مرتكبي هذه الجرائم بـ”السخط” و”الهوس” و”الجنون”. من منا لا يحفظ وصية الله في القرآن الكريم التي تحث على البر والإحسان بالوالدين في قوله تعالى: “وبالوالدين إحسانا”. الوصية ذاتها وردت في الكتابين السماويين الآخرين
التوراة والإنجيل: “أكرم أباك وأمك كما أوصاك الرب إلهك، لكي تطول أيامك على الأرض”. ولئن كانت الفطرة السليمة التي خلق الله تعالى عليها الإنسان تأبى تعنيف الوالدين بأي شكل من الأشكال، فإن الوقائع والأحداث تنبئ بعكس ذلك تماما، بحسب الباحث في العقيدة والفكر محسن اليرماني. وقال اليرماني إن “ظاهرة تعنيف الوالدين ترتبط ارتباطا وثيقا بما آلت إليه الإنسانية من فساد وترد على جميع المستويات”، مضيفا أن “الظاهرة لا يمكن عزلها إطلاقا عن عوامل الهدم الأخرى، كتناول العقاقير المخدرة وانتشار الجهل والعنف والفقر والأنانية وفقدان الشعور بالانتماء والشعور باليأس
والإحباط”، وهي العوامل التي أدت، بحسبه، إلى تراجع منسوب قيم الرحمة في قلوب الناس وحولتهم إلى وحوش كاسرة وصارت معها البيوت ساحة حروب ضارية. واعتبر المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، امتهان الأولاد لكرامة الآباء والأمهات والاعتداء عليهم بالسب والشتم وحتى القتل، “انتكاسة حقيقية عن الفطرة الإنسانية، وانحرافا خطيرا عن وصايا الله وتعاليم الأديان، وجريمة تستوجب العقاب الشديد في كل الشرائع والقوانين”. ولم يعف الباحث في الفكر والعقيدة الآباء ضحايا التعنيف من مسؤوليتهم في التربية السليمة لأبنائهم، موردا أن “الأسر ما عادت تربي أبناءها على الإيمان
بالله وقيم الرحمة والتسامح والإقبال على إشباع حاجات الطفل بالحب والعطف والحنان، لكي ينمو النمو السليم ويتمتع بالصحة النفسية الجيدة والشخصية السوية”. وأضاف اليرماني أن “أقصى ما تدأب عليه الأسر، لا يتعدى القيام بواجب التربية، مع التركيز على إشباع الحاجات المادية في الغالب، وهو ما يفرغ الفرد من القيم الإنسانية ويزرع العنف والتمرد والتسلط”. من جانبه، سجل محمد بنعيسى، المكلف بالتواصل بمرصد الشمال لحقوق الإنسان، غياب دراسات وأبحاث ميدانية تتعلق بالعنف ضد الأصول بالمغرب؛ إذ يتم الاكتفاء بما يرصده الإعلام عقب تسجيل حالات قتل بشعة كما حصل مؤخرا.وقال بنعيسى إن “عوامل كثيرة ومتعددة وراء استفحال هذه الجرائم، بدءا من التغير الاجتماعي الذي يشهده المغرب وعجز المؤسسات التقليدية عن القيام بأدوارها، وإهمال الجانب النفسي للمواطن، بالإضافة إلى ارتفاع معدل ونسبة الإدمان على المخدرات في صفوف الشباب، وكلها تفاقم الأمر وترفع من منسوب العنف العام بشكل عام، والعنف ضد الأصول بشكل خاص”.
قد يهمك ايضا
طفلة تركية تحفظ القرآن الكريم كاملاً في 3 أشهر
إذاعة القرآن الكريم منبر الإسلام الوَسَطي تحتفل بمرور 57 عامًا على انطلاقها