الرئيسية » تحقيقات
"خبز الطابون"

رام الله ـ دانا عوض

يُعدّ "خبز الطابون" أحد الأطباق الرئيسية الحاضرة وبقوة على الموائد الفلسطينيّة في القرى والأرياف كموروث غذائي تتناقله الأجيال وتحافظ عليه بعض الأمهات نقلاً عما ورثنّه عن الجدّات.

وإلى جانب خبز الطابون يأتي الزعتر وزيت الزيتون والطماطم المعروفة فلسطينيًا بالبندورة في قائمة الموائد الفلسطينيّة، وتلك الوجبة التي ربما تتناولها كوجبة فطور وحتى كغداء منتصف النهار، مع الفلفل الحار، خاصة اذا كان ذلك الخبر أُخرج للتو من الطابون الذي يكون مغمورًا بالجمر.

ويعتبر خبز الطابون من التراثِ الفلسطيني الأصيل وهو مظهر من المظاهرِ التراثيةِ الفلسطينيةِ التي ما زال يحافظ عليها قلّة من الفلسطينيين، خاصة من أبناءِ الجيل القديم، وطريقة صناعته بدائية ويؤكدون أنَّ طعمه ألذ بكثير من الخبز الذي يُصنع في الأفران الحديثة.

وفي حين لا يعرف الكثير من أبناء جيل "فيسبوك" و"تويتر" ما هو خبز الطابون، فإنَّ ذلك الخبز لا يبعد عن مائدة الحاجة جليلة التي تقطن في قرية العبيدية شرق بيت لحم.

وتلك العجوز الفلسطينية التي تغلب عليها صفة الرشاقة وخفة الحركة، وهي على أعتاب السبعين عامًا من العُمر تستيقظ مبكرًا لتُعدّ لزوجها الحاج عوض وجبة الفطور التي تعتمد على خبز الطابون المصنوع من دقيق القمح، لتضعه على المائدة بجانب الزيت والزعتر والبندورة وبيض الدجاج البلدي، معتمدة في غذائها هي وزوجها على المواد الغذائية البعيدة كل البُعد عن المواد الحافظة.

وفي حين تحضر الحاجة جليلة وجبة الافطار إلى أولادها القادمين من المدن التي يعملون بها ليستمتعوا بغذائها الذي تصنعه بيديها، وخاصة في أيام الأعياد والعُطل الرسميّة ما زالت الحاجة أم كمال (60 عامًا) التي تنحدر من قرية الجديدة قضاء جنين تستيقظ مع ندى الصباح معلنةً نهارًا جديدًا يفوح منه رائحة خبزها في أجواءِ حارةٍ عتيقةٍ.

وتذكر أم كمال: "أنا من القلائلِ في القرية من يُعدّ الخبز على الطابون، ولا زلت أجهز طابوني وأعده من أجلِ الخبيز وإعداد الطعام فيه كل يوم، ولم أفكر يومًا إطفاءهُ ما دُمت على قيدِ الحياة".

ورغم مشقتها في تحضير الطابون مساء كل يوم، ما زالت متعة تجهيزه ظاهرةً وهي تجتمعُ مع نساء القرية في الصباحِ الباكر حول الطابون، وتضيف: "أزبّله في كلِ مساء وذلك من خلال إشعاله بروث الحيوانات؛ ليبقى ساخنًا حتى الصباح من أجل خبز العجين، ويكون على استعدادٍ دائم لاستقبال بعض نسوة الحارة من أجل طهي الصواني فيه".

أما الحاجة حليمة (72 عامًا) والتي تنحدر من قرية الجديدة، فهي المرأة الوحيدة التي تكسب رزقها من وراء صنع الطوابين وبيعها، وتأسف لعدم إقبال نساء هذا الجيلِ على استعمال الطوابين لاعتمادهنّ على الأفران التي تعمل بالغاز والكهرباء.

وتذكر الحاجة حليمة: "كنت أصنع الطوابين لأهل القرية والقرى المجاورة، وكنا نجتمع مع نساء القرية في كل صباح حول الطابون لنتحدث عن أخبار الحارة والبلد، ونستخدمه لطهي الطعام وللشوي مثل شوي البطاطا والبندورة والباذنجان".

وتضيف: "كان الطابون رمزًا لتراثنا وهويتنا، ولخبزه نكهة ومذاق أطيب من الخبز الذي نراه اليوم.. أصنع الطابون من طين ويخلط مع القش والتبن ثم ينقع لأيام وبعدها أقوم بصناعته تدريجيًا على مراحل لمدة 3 أيام، ثم يوضع بالشمس حتى يجفّ، وبعد ذلك نغطيه بغطاء حديدي له مقبض، ثم تُحفر له حفرةً في الأرض بحجمه ويتمّ دفنه فيه، ويغطى الطابون بالزبل والجفت والقش، ويُحرق ويغمر بالسكن أو التراب، وبعد احتراق الزبل يصبح داخل الطابون حارًا وجاهزًا للخبز فوق الحجارة المسماة "الرظف"، ويتمّ بناء الطابون في غرفة صغيرة تبنى من الحجارة ولها باب صغير.

وتتابع : "إنَّ طبخة المسخن الفلسطيني الذي يحضر بزيت الزيتون يحتاج إلى خبز الطابون، حيث أنه يحضر منه مناقيش الزعتر والجبنة، وهذه وجبة فطور في البيوت الفلسطينية، ومن يشتم رائحتها يتذكر أجداده وخيرات بلاده".

وتضيف: "في كلّ عامٍ تقوم المدارس بأمر من وزارة التربية والتعليم بجمع الأعمال اليدويّة والتراثيّة؛ لعرضها في يوم خاص وتشرف وزارة الفنون على هذه المعروضات لتختار أفضلها ليتمّ عرضها في المتاحف المحليّة والعالميّة عن طريق جمعيات أجنبية تأخذها إلى دول العالم المختلفة".

جمعية الراهبات التي تقع في بلدة الزبابدة القريبة من القرية، تسعى إلى جمع أنواع الأعمال اليدويّة والحرفيّة والتراثيّة كافةً من جميع قرى منطقة جنين.

الاحتلال الإسرائيلي يسرق جميع المنتجات الفلسطينية من طبخاتٍ شعبية وحتى الأعمال التراثيّة الفلسطينيّة وسرقة الأغاني والأهازيج الفلسطينية بحجة أنها حضارته وتراثه الموروث عن الآباء والأجداد.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

اليونيسيف تُحذر من آثار خطيرة للحرب الإسرائيلية المستمرة في…
واشنطن تتجاهل مئات التقارير عن استعمال الأسلحة الأميركية في…
700 عائلة إسرائيلية تسجل للاستيطان في غزة وحماس تنتقد…
مقتل يحيى السنوار ضربة كبيرة لـ"حماس" لكن ليست قاضية
قيادات في حركة حماس وحزب الله إغتالتها إسرائيل منذ…

اخر الاخبار

الرئيس الصيني يُؤكد لولي العهد المغربي دعم بكين لأمن…
جمهورية لاتفيا تسعى إلى تعزيز تعاونها مع المملكة المغربية…
وزير الخارجية المغربي يُجري مُباحثات مع مفوض الأمم المتحدة…
قيادات مغربية إسلامية ويسارية تُطالب بتفعيل مذكرة اعتقال نتنياهو…

فن وموسيقى

رافائيل نادال يختتم مشواره ويلعب مباراته الأخيرة في كأس…
الذكرى التسعين لميلاد فيروز الصوت الذي تخطى حدود الزمان…
سلاف فواخرجي تؤكد أنها شاركت في إنتاج فيلم "سلمى"…
نادين نسيب نجيم تكشف عن سبب عدم مشاركتها في…

أخبار النجوم

سلاف فواخرجي تتألق في فيلم ”سلمى” وتسلط الضوء على…
أول تعليق من حسين فهمي بعد حصوله على جائزة…
مها أحمد تسخر من قلة العمل وكثرة النجوم على…
فردوس عبد الحميد تروي تفاصيل موقف إنساني جمعها بـ…

رياضة

بيب غوارديولا يكشف سبب تمديد تعاقده مع مانشستر سيتي
كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
أبرز المحطات في مسيرة لاعب التنس الاستثنائي نادال التي…
المغربي أشرف حكيمي ضمن المرشحين الخمسة للفوز بلقب أفضل…

صحة وتغذية

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على…
فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً
وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات…
نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية

الأخبار الأكثر قراءة

إيران تنفي طلب حماس 500 مليون دولار لتنفيذ هجمات…
إسرائيل تنتظر تنسيق الدفاع مع أميركا قبل ضرب إيران
أميركا تنشر نظام "ثاد" للدفاع الجوي في إسرائيل استعداداً…
وثائق تكشف أن نصرالله دعم 7 أكتوبر وطلب وقتاً…
تخوف أميركي من قائمة اغتيالات ستنفذها إيران على رأسها…