القاهرة - المغرب اليوم
هل تعتقد أن عليك التخفيف من كمية الدهون التي تتناولها؟ ليس عليك ذلك بعد الآن حيث أثبتت الدراسات الجديدة أن تناول الدهون يعد من الضروريات لصحة الجسم. وكما نعلم بأن الدهون اكتسبت سمعة سيئة قبل عقود مضت، وذلك بسبب فهم العلماء الخاطئ لبعض الدراسات الكبيرة، وهو أن تناول المأكولات الغنية بالدهون يؤدي بشكل مباشر إلى السمنة وإلى الإصابة بأمراض القلب، وهكذا أضحت الأطعمة المليئة بالدهون خطيئتنا الغذائية الوحيدة المسئولة عن ارتفاع مستويات الكولسترول وانسداد الشرايين والسمنة. يقول البروفسور في مجال التغذية في ''جامعة هارفارد الأمريكية'' ''فرانك هو''، أن الحمية قليلة الدهون أثبتت فشلها، حيث زادت نسبة السمنة على الرغم من تقليل نسب تناول الدهون، لذا يتراجع الخبراء عن رأيهم القائل أن الدهون مضرة بالصحة وعلينا أن نفعل ذلك أيضاً. بم يفيدك تناول الدهون؟ تعتبر الدهون عناصر غذائية مهمة شأنها كشأن الكربوهيدرات والبروتينات، وهذا يعني أن أجسامنا تطلبها للقيام بوظائفها الرئيسية كامتصاص فيتامينات ''أ'' و ''د'' و ''هـ'' و ''ك'' ، كما أن الدهون هي مصادر مهمة للطاقة وتعمل على المحافظة على صحة الشعر والبشرة. والأمر المفاجئ هو توصل الباحثين إلى أن تناول الدهون المناسبة تعمل على تقليل فرص الإصابة بالسكري وبأمراض القلب وبالسمنة وتعمل على تحسين مستويات الكولسترول، والسبب في هذا أن الدهون لا تأتي من مصادر متشابهة، فليست كمية الدهون الموجودة في حميتك هي المؤثرة على وزنك أو إمكانية إصابتك بأمراض القلب، وإنما العامل الأهم هو نوع هذه الدهون التي تختار أن تتناولها. الدهون الصديقة للصحة: الدهون الأحادية غير المشبعة الموجودة في المكسرات والأفوكادو وزيت الزيتون وزيت الكانولا والدواجن، إذ يعمل هذا النوع من الدهون على تقليل مستويات الكولسترول وبالتالي التقليل من فرص الإصابة بأمراض القلب، وقد أثبتت دراسات متعددة أن استبدال الحمية الغنية بالكربوهيدرات بالحمية الغنية بالدهون الأحادية غير المشبعة يؤدي إلى تقليل ضغط الدم بالإضافة إلى تقليل مستويات الكولسترول. وأيضاً الدهون غير المشبعة المتعددة الموجودة في الأسماك كالسلمون وسمك الأسقمري والذرة وزيت الصويا، حيث تعمل هذه الدهون على تقليل مستويات الكولسترول وتقليل فرص الإصابة بأمراض القلب، وتعتبر أحماض الأوميغا 3 جزءاً منها، وهي موجودة بكثرة في الأسماك. كما أنها تختلف عن أحماض أوميغا 6 الموجودة في اللحوم وزيت الذرة وزيت الصويا، وقد أثبتت الدراسات أننا نحصل على كمية كبيرة من أوميغا 6 على حساب أوميغا 3 لذا يُفضل استبدال اللحوم بالأسماك في الحمية الغذائية كلما سنحت الفرصة. الدهون التي يجب علينا تناولها باعتدال: الدهون المشبعة الموجودة في اللحوم ومشتقات الألبان كالأجبان والزبدة والحليب، فلطالما كنا حذرين من تناول الدهون المشبعة لأنها ترفع من مستوى الكولسترول السيئ وتزيد من فرص الإصابة بالجلطات القلبية والسكتات الدماغية. ولكن أثبتت الدراسات مؤخراً عكس ذلك، فعلى سبيل المثال لم تتوصل دراسة أمريكية إلى دليل قاطع على ارتباط استهلاك الدهون المشبعة والإصابة بالجلطة أو السكتة، وقد تبين أن ''حمض الستياريك'' الموجود في الشوكولاتة الداكنة لا يحمل أضراراً بالصحة والأمر نفسه ينطبق على ''حمض اللوريك'' وهو نوع من الدهون المشبعة المتوفر في زيت جوز الهند إلا أن الأدلة لم تزل غير قاطعة. ويقول بعض الخبراء أنه لا يوجد سلبيات للامتناع عن تناول الدهون المشبعة إلا أن بعضهم يعتقدون أن الاستمرار في تناولها مع أطعمة أخرى يجنبنا استبدالها بالكربوهيدرات المكررة، والخلاصة هنا أنه ليس عليك الامتناع عن تناولها وإنما عليك التأكد من أن معظم الدهون التي تتناولها هي غير مشبعة ومن الأفضل تناول اللحوم الحمراء مرة أو مرتين أسبوعياً، واستخدام زيت الزيتون بدلاً من الزبدة قدرالإمكان. الدهون المضرة بالصحة: الدهون المتحولة الموجودة في الأطعمة المقلية والوجبات الخفيفة المعلبة كالبسكويت المملح والحلويات، وتوجد هذه الدهون في الزيوت المهدرجة جزئياً التي تستعملها المطاعم في الطبخ وهي موجودة أيضاً في بعض المأكولات بشكل طبيعي، وقد وجدت الدراسات أن الدهون الاصطناعية المتحولة تخفض من مستوى الكولسترول الجيد و ترفع من مستوى الكولسترول الضار مما يؤدي إلى ارتفاع فرص الإصابة بالجلطات القلبية والسكتات الدماغية، إلا أن الزيوت المهدرجة جزئياً ما تزال متواجدة في الأطعمة المصنعة، حيث أن إضافة الهيدروجين إلى الزيوت المستخرجة من الخضار يؤدي إلى إطالة أمدها. ويتفق الخبراء على ضرورة التقليل من تناول الدهون المتحولة بكل أنواعها ولحسن الحظ أن الأمر ليس صعب التحقيق، كل ما عليك فعله هو تقليل كمية المأكولات المصنعة التي تتناولها كالوجبات الخفيفة التجارية والوجبات السريعة وبهذا ستتجنب الدهون المتحولة، ولا تشترِ المنتجات التي تُروج على أنها لا تحتوي على الدهون ظناً منك أنها خيار صحي، لأن مصنعي المواد الغذائية يسمح لهم بالترويج للمنتج على أنه خالٍ من الدهون إن كان يحتوي على 0.5 غرام من الدهون المتحولة للحصة الغذائية الواحدة، ومن الأفضل النظر إلى قائمة المكونات فإن رأيت كلمة ''مهدرج'' فهذا يدل على أن هذا المنتج يحتوي على الدهون المتحولة وأن عليك تجنبه. تناول الدهون إن كنت تريد فقدان الوزن: لعلك تسأل عن كيفية التقليل من السعرات الحرارية إن كنت تتناول الشوكولاتة وزيت الزيتون والمكسرات، فالدهون تحتوي على 9 سعرات حرارية لكل غرام بالمقارنة مع أربع سعرات حرارية لكل غرام من الكربوهيدرات أو البروتين، إلا أنك عندما تتناول طعاماً يحتوي على الدهون فإن هذا يعطيك شعوراً بالشبع لفترة أطول على عس المأكولات التي لا تحتوي على الدهون وهذا يعني أنك ستستهلك كمية أقل من الطعام ولن تريد تناول الوجبات الخفيفة على مدى اليوم، وقد أظهرت بعض الدراسات أن هناك أنواع من الدهون تساعدك على الحفاظ على رشاقة جسمك، حيث توصل باحثون من ''جامعة هارفارد الأمريكية'' إلى أن الأشخاص الذين تناولوا المكسرات بشكل منتظم اكتسبوا وزناً أقل على مدى أربع سنوات بالمقارنة مع الذين لم يتناولوها، كما أن المنتجات التي تروج على أنها خالية أو قليلة الدسم قد تحتوي على المزيد من السعرات الحرارية بالمقارنة مع المنتجات الأخرى كاملة الدسم، ويرجع هذا إلى أنه يتم استبدال الدسم أو الدهون بإضافة السكر والنشويات ومواد أخرى لا تضيف أية قيمة غذائية بل تعمل على تحسين النكهة. أما بالنسبة لمشتقات الحليب، نعلم جميعاً بأن شرب الحليب وتناول اللبن يؤدي إلى تقوية العظام وإلى تقليل ضغط الدم وتحفيز فقدان الوزن، فإن كنت تحصل على الكمية اللازمة من الحليب ومشتقاته يومياً عليك تناول المنتجات قليلة الدسم للمحافظة على مستويات منخفضة من الدهون المشبعة والسعرات الحرارية. وفيما يتعلق بالأجبان فإن الدكتور ''هو'' يوصي بتناول الأنواع كاملة الدسم بين فترة إلى أخرى لأنها تحمل نكهة إضافية بالمقارنة مع الأجبان قليلة الدسم. فما هي كمية الدهون ''الصديقة للصحة'' التي علينا تناولها يومياً؟ توصي ''جمعية القلب الأمريكية'' بأن الدهون غير المشبعة تشكل نسبة مقدارها 18 إلى 28% من السعرات الحرارية التي تحتوي عليها حميتنا الغذائية ونسبة لا تتجاوز 7% من الدهون المشبعة في السعرات الحرارية، ولكن هناك قاعدة أسهل حسب الدكتور ''هو'' وهي التأكد من أن الدهون التي نتناولها تأتي من مصادر صحية كزيوت الخضار والأسماك والبقوليات والمكسرات والمأكولات المستخرجة من النباتات، فإن فعلت هذا فليس عليك إحصاء السعرات الحرارية.