باريس – المغرب اليوم
بعد أقل من أسبوع على استقالتها، كشفت وزيرة العدل الفرنسية المستقيلة كريستيان توبيرا في كتاب لها صدر حديثا، أن مشروع إسقاط الجنسية عن المواطنين الفرنسيين ذوي الأصول الأجنبية، هو دافع استقالتها من حكومة رئيس الوزراء مانويل فالس.
وفي كتابها الذي يحمل عنوان 'همسات إلى الشباب'، أوضحت توبيرا 'الخلاف السياسي الكبير' الذي دفعها للاستقالة بعد نحو أربع سنوات من تسييرها وزارة سيادية، موجهة سهام نقدها إلى فالس الذي لم تذكره بالاسم، بينما أشادت بالرئيس فرانسوا هولاند، وقالت إنه يتسامى في تسييره للبلد بعد هجمات باريس.
وعلقت الوزيرة المستقيلة على تصريحات فالس التي قال فيها إن 'مجرد محاولة فهم دوافع الإرهابيين هو تبرير لأفعالهم'، وقالت 'نعم، يجب أن نفهم حتى نستشرف المستقبل ونفهم العالم'.
وأوضحت أن إسقاط الجنسية أمر لا يعبأ به 'الإرهابيون'، وإنما يضر ملايين الناس من ذوي الأصول الأجنبية، مضيفة أن 'علينا أن نجرؤ على القول إن من الضروري على البلد معرفة التصرف مع مواطنيه، وإلا كيف سيكون العالم إذا طرد كل بلد مواطنيه غير المرغوب فيهم؟'.
انتقادات
وقد ربطت الصحافة الفرنسية في تناولها للكتاب بين استقالة الوزيرة من الحكومة وبين المصاعب التي يواجها الرئيس هولاند، كما انتقدت العديد من الصحف أداء الوزيرة وهي على رأس عملها.
كما لم تغفر صحف اليمين وأقصى اليمين لتوبيرا مبادرتها عندما كانت برلمانية، باقتراح القانون المُجرِّم للعبودية في 2002، ثم قانون 'الزواج للجميع' الذي يبيح زواج المثليين وحضانتهم للأطفال، وأخيرا رفضها المعلن لإسقاط الجنسية.
واستندت الصحف على استطلاع للرأي أعدته مؤسسة 'أودوكسا ' لحساب يومية 'لوباريزيان'، أظهر أن 73% من الفرنسيين مرتاحين لذهاب توبيرا.
كما أشار استطلاع رأي آخر للمؤسسة نفسها لحساب قناة 'إ.تيلي' وصحيفة 'باري ماتش'، إلى أن 76% من الفرنسيين يرون أن الحكومة أصبحت أقوى باستقالة وزيرة العدل.
وقد وصفت الناطقة باسم حزب الجمهوريين -أكبر حزب معارض- فاليري دوبور، كتاب توبيرا بـ'الأنانية المجسدة والتي نادرا ما تم تجاوزها في تاريخ الجمهورية'.
حسابات للمستقبل
وفي اليسار، وبينما لاذ الحزب الاشتراكي بصمت محرج، رحب حزب الخضر بكتاب توبيرا وخاصة ما قالته حول إسقاط الجنسية، أما رئيس حزب اليسار جون لوك ميلونشون، فعلق بقوله 'إن الذين شعروا بالقرف غادروا الحكومة التي لم يبق فيها سوى المُقرِفين'.
ومن جهته، رأى الأستاذ بجامعة لورين في شرق فرنسا غي بيريي -وهو أحد نشطاء مقاطعة البضائع الإسرائيلية المنتجة في المستوطنات- أنه حتى إن كان نشاط توبيرا في وزارة العدل إيجابيا، فإنها تغاضت عن دور الرئيس هولاند في إدراج حالة الطوارئ، وفي طرح قضية إسقاط الجنسية عن المواطنين ذوي الأصول الأجنبية، 'وهو المسؤول الأول عن ذلك'.
بينما يرى الصحفي المستقل دوني روبير أن لتوبيرا تصورا إنسانيا للعدالة، ولكنه تابع بقوله 'لديَّ إحساس بأن استقالتها تخفي بعض الحسابات المستقبلية'.