تشرنوبيل ـ المغرب اليوم
احيت اوكرانيا الثلاثاء الذكرى الـ30 لكارثة تشرنوبيل، الحادث النووي الاسوا في التاريخ الذي اسفر بحسب تقديرات عن مقتل الالاف وتلويث حتى 75% من اوروبا.
وخلال احتفال في المحطة على بعد نحو مئة كيلومتر شمال كييف، قال الرئيس الاوكراني بترو بوروشنكو ان "تشرنوبيل هي اسوأ كارثة من فعل البشر في العالم. نحن هنا لنفعل كل ما هو ممكن لمنع مثل هذه الحوادث في المستقبل".
ووضع بوروشنكو اكليلا من الزهر عند نصب اقيم تكريما للضحايا بالقرب من المحطة ثم حضر توقيع رئيس البنك الاوروبي للاعمار والتنمية سوما شكرابارتي الذي يدير صندوقا لتأمين الموقع، اتفاقا على منحة بقيمة 40 مليون يورو من اجل بناء مستودع لتخزين الوقود النووي المستنفد في تشرنوبيل.
وقال بوروشنكو "نحن ممتنون كثيرا لكل المجتمع الدولي ولا سيما البنك الاوروبي للاعمار والتنمية ومجموعة السبع (...) انها بادرة تضامن مهمة".
والتزمت مجموعة السبع دفع 47,5 مليون يورو اضافية لتمويل بناء المستودع الجديد لتخزين الوقود المستنفد من مفاعلات تشرنوبيل الثلاثة الاولى.
- محمية -
وككل سنة وضع السكان ليلا الزهور والشموع امام نصب الضحايا في مدينة سلافوتيتش التي بنيت على بعد 50 كلم من المحطة بعد الكارثة لايواء عمالها.
وصرح شكرابارتي الاثنين في كييف "بعد 30 عاما على حادث تشرنوبيل من الملح ان تبذل اوكرانيا والمجتمع الدولي جهودا مشتركة لتحويل الموقع الى مكان آمن للبيئة".
في هذا الاطار، وقع الرئيس الاوكراني مرسوما بانشاء محمية للحفاظ على البيئة في منطقة تشرنوبيل واجراء دراسات لجعلها اكثر امانا وفق بيان صادر عن الرئاسة الثلاثاء. تمتد المحمية على 227 الف هكتار وتتضمن منطقة واسعة يمنع الدخول اليها حتى مسافة 30 كلم حول المحطة.
في الساعة 01,23 يوم 26 نيسان/ابريل 1986 انفجر المفاعل الرابع في محطة تشرنوبيل في اثناء تجربة على السلامة.
واحترق الوقود النووي طوال عشرة ايام واصدر انبعاثات مشعة في الجو لوثت بحسب بعض التقديرات ما يصل الى 75% من اوروبا، خصوصا اوكرانيا وبيلاروس وروسيا التي كانت جمهوريات سوفياتية انذاك.
في البدء حاولت موسكو التعتيم على الحادث. فبعد اطلاق السويد الانذار العلني الاول في 28 نيسان/ابريل بعد رصدها ارتفاعا لنسبة الاشعاع، لم يعلن الرئيس السوفياتي ميخائيل غورباتشيف وقوع الحادث رسميا حتى 14 ايار/مايو.
- عدد القتلى لا يزال مجهولا -
بالاجمال تم اجلاء 116 الف شخص في 1986 من المنطقة المحيطة بالمحطة حتى مسافة 30 كلم، وهي منطقة ما زالت محظورة اليوم. في السنوات التالية تم اجلاء 230 الف شخص اخرين.
واليوم ما زال خمسة ملايين اوكراني وبيلاروسي وروسي يقيمون في مناطق ملوثة بالاشعاع بدرجات متفاوتة.
على مدى اربع سنوات، ارسل حوالى 600 الف سوفياتي عرفوا مذذاك بتسمية "المُصفّون" الى المكان دون تزويدهم بحماية ملائمة، حتى انها كانت تقريبا معدومة، لاخماد الحريق وبناء قبة اسمنتية عازلة حول قلب المفاعل المنكوب وتنظيف الاراضي المحيطة.
واليوم ما زال الجدل قائما حول الحصيلة البشرية للكارثة. فاللجنة العلمية في الامم المتحدة لا تعترف رسميا الا بنحو 30 قتيلا في صفوف عمال التشغيل او الاطفائيين الذين اردتهم اشعاعات قوية بعيد الانفجار.
ولكن بعض التقديرات تشير الى قتلى بالالاف.
وقال بوروشنكو ان "عدد القتلى او من اصيبوا بالعجز يبلغ مئات الالاف للاسف".
ورغم الكارثة استمرت ثلاثة مفاعلات اخرى في تشرنوبيل في انتاج الكهرباء حتى كانون الاول/ديسمبر 2000.
وبعد بروز خطر انهيار "الناووس" الاسمنتي الذي بني على عجل في 1986 حول المفاعل المنفجر وتعرية 200 طن من الحمم الشديدة الاشعاع، تعهد المجتمع الدولي تمويل بناء غطاء اكثر امانا.
لذلك انشئ الصندوق الذي يديره البنك الاوروبي للاعمار والتنمية وجمعت عاما بعد عام الاموال اللازمة لهذا المشروع بقيمة اجمالية تبلغ 2,1 مليار يورو.
وتم مسبقا بناء ما يشبه قنطرة من الفولاذ زنتها 25 طنا بارتفاع 110 امتار لاسقاطها لاحقا فوق الغطاء القديم واحكام اغلاقها في نهاية 2017.
ويفترض ان يعطي الناووس الجديد الذي بناه تحالف نوفاركا المؤلف من مجموعتي بويغ وفينتشي الفرنسيتين، ويتوقع ان يخدم لمدة مئة عام، العلماء الوقت اللازم لدفن ركام المحطة المنكوبة وتنظيف الموقع من التلوث. لكن تمويل هذه العمليات ليس واضحا حاليا.
في هذه الذكرى ذكر امين عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا امانو الثلاثاء بان السلامة النووية ليست "مضمونة" على الاطلاق. وصرح امانو في بيان ان "العبرة من تشرنوبيل وفوكوشيما دايشي هي عدم اعتبار السلامة امرا مضمونا".
اضاف ان "الحوادث قد تتجاوز الحدود، بالتالي لا بد من تعاون دولي فعال على مستوى السلامة النووية".
وفي اعقاب الكارثة التي تعتبر الاسوأ في تاريخ النووي المدني شدد المجتمع الدولي معايير السلامة النووية.
لكن "بالرغم من التحسينات المطبقة بعد تشرنوبيل واجه العالم حادثا خطيرا اخر في محطة فوكوشيما دايشي في 2011" باليابان، بحسب امانو.
اضاف "ذكرنا بطريقة مؤلمة بان وقوع حادث خطير ممكن حتى في بلد يتمتع بتكنولوجيا متطورة وبرنامج نووي متقدم".
والاسبوع الفائت حذرت منظمة غرينبيس من تفاقم الخطر النووي نتيجة تقادم المنشآت حول العالم، لا سيما في الغرب حيث صممت غالبية المحطات في الستينات والسبعينات.
وصرح الخبير النووي في المنظمة شون-باتريك ستنسيل "بلغنا مرحلة باتت فيها غالبية المفاعلات في العالم بالية" ولا سيما في فرنسا. واضاف لوكالة فرانس برس ان هذه المفاعلات بنيت قبل "ان يتم التفكير حتى" بخطر الارهاب النووي.