القاهرة - المغرب اليوم
اعتبر خبراء وسياسيون أن حديث المبعوث الأممي لدى ليبيا، عبد الله باتيلي، عن تيسير حوار مع ممثلي المجموعات المسلحة في الأسابيع المقبلة، بناءً على طلب اللجنة العسكرية المشتركة (5 + 5) «يكتنفه الغموض»، كما أشاروا إلى أن الحوار مع الميليشيات يفتقد «آليات تفعيله على أرض الواقع».
وسبق أن قررت اللجنة إطلاق حوار مع ممثلي المجموعات المسلحة لمناقشة سبل تأمين بيئة مواتية للانتخابات الليبية. وشكك عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، في «جدوى توصل مثل هذا الحوار لأي نتائج»، متوقعاً تحوله إلى «حلقة جديدة في مسلسل إهدار الوقت، إذ لا يمكن بأي حال الحديث عن نزع ومنع استخدام هذه التشكيلات لسلاحها، خصوصا غرب البلاد».
وأضاف التكبالي، وهو عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحالة الوحيدة لإمكانية قبول قيادات تلك التشكيلات بتحييد سلاحها عن الاستحقاق الانتخابي، هو ضمان حصولها مقدما على نصيب الأسد من كعكة الأموال والمناصب العليا بالدولة، خصوصاً بالمؤسستين العسكرية والأمنية، وإن حدث ذلك فسوف يقود البلاد لمزيد من ترسيخ وجودهم».
ويرى التكبالي أن ما طرحه باتيلي بالمسار العسكري والأمني «مثلما يعكس قلة خبرة بالواقع الليبي، فهو يعكس وبدرجة أكبر تماشياً مع التوجهات والخطط الأميركية بشأن إدارة الأوضاع في ليبيا»، وأوضح «واشنطن تسعى بشدة لسرعة توحيد المؤسسة العسكرية الليبية بهدف قطع الطريق على قيام أي تحالف أو حتى تنسيق بين أي طرف أو قوى عسكرية محلية، وبين عناصر شركة (فاغنر) الروسية في ليبيا»، متابعاً «من هنا يمكن فهم تزايد الحديث عن خطط نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج، وتصنيف المجموعات المسلحة».
من جانبه، توقع وزير الدفاع الليبي السابق محمد محمود البرغثي «فشل مثل هذه النوعية من الحوارات»، وأرجع لـ«الشرق الأوسط» «تعثر خطط باتيلي لعوامل كثيرة من بينها استفادة قادة التشكيلات بعموم البلاد من حالة انقسام المؤسسة العسكرية، وبالتالي فمن غير المتوقع على الإطلاق أن يدخلوا في حوار جدي مع اللجنة المعنية بالدرجة الأولى بالعمل على توحيد تلك المؤسسة».
ورأى أنه «إضافة لانخراط بعضهم في أنشطة إجرامية، فهم يستفيدون من استمرار الصراع على السلطة التنفيذية، فكل رئيس حكومة سواء الموجودة بالعاصمة أو في سرت يحاول تعزيز وضعه باستقطابهم لصالحه عبر دفع المال».
ويرى البرغثي أن «رفض قيادات تلك التشكيلات الخضوع لأي سلطة عسكرية نظامية ستكون سبباً أكبر لرفضهم المساعدة في تأمين الاستحقاق، وانتخاب رئيس يكون هو القائد الأعلى للقوات المسلحة».
ووفقاً لرؤيته فإن «الحل المتاح لإيجاد بيئة آمنة للانتخابات تتمثل فعليا في ترضيتهم أو إجبارهم بالتخلي عن سلاحهم، وذلك عبر تدخل عسكري دولي من قبل الأمم المتحدة، وإن كان هذا الخيار غير مضمون العواقب».
وسلط عضو «المؤتمر الوطني العام» السابق عبد المنعم اليسير، الضوء على اختلال التوازن العسكري والتسليحي بين قادة التشكيلات المسلحة وبين لجنة (5 + 5)، حيث رأى أن الأخيرة لا تملك أي قوة تذكر من سلاح أو عناصر، مما يتوقع معه عدم التزام قادة التشكيلات بأي قرارات قد تصدر عن هذا الحوار.
وقال اليسير لـ«الشرق الأوسط»: «قادة التشكيلات يستشعرون بوضعيتهم، وبالتالي فالمرجح أن تكون هذه الحوارات شكلية لا تسفر عن شيء إذا ما قبلت التشكيلات الكبيرة خصوصاً بمصراتة وطرابلس ومدن أخرى الدخول بها».
وتساءل الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أحمد عليبة، عن تبني البعثة لإطلاق هذا الحوار، لافتاً إلى «غياب التفاصيل والإجابات حول كيفية التعامل مع التشكيلات التي سترفض الحوار، أو ترفض خطط التصنيف والدمج، وترى أن استمرار الصراع بالبلاد هو سبيلها لمواصلة حصد المكاسب».
وتوقف الباحث المصري، أمام ما أعلنه المبعوث الأممي من أنه قد تم «اتخاذ خطوات مشجعة لتهيئة الظروف لعملية نزع السلاح والتسريح، وإعادة الإدماج بمجرد أن تصبح البيئة السياسية مواتية» دون تقديم توضيح لهذه الخطوات.
وأكد على أن «الحالة الليبية لم تقترب من المداخل الفنية المطلوبة لتحقيق برامج الأمم المتحدة المتعارف عليها بهذا الصدد لعدم تنفيذ استحقاقات عدة باتفاق وقف إطلاق النار، وفي مقدمتها إنهاء وجود القوات الأجنبية والمرتزقة، وإنهاء تدفق وتهريب السلاح».
وحذر عليبة من أن حديث باتيلي عن خطط وبرامج الأمم المتحدة لإعادة الإدماج والتسريح قد يكون تلميحا لاتهام الأطراف الفاعلة الحقيقية على الأرض شرقا وغربا، التي يمثلها وفدا اللجنة العسكرية بعدم الرغبة في السير نحو التوحيد للمؤسسة العسكرية. وانتهى إلى أن هذا «قد يكون تمهيدا لطلب تدخل الأمم المتحدة بكامل ثقلها بالمسار العسكري، لتتحول من مجال الوساطة للوصاية، مما قد يؤزم الموقف أكثر».
قد يهمك أيضاً :
عقيلة صالح يؤكد أن مجلس النواب الليبي هو صاحب القرار في البلاد
الاتحاد الأفريقي يعلن تنظيم مؤتمرًا للمصالحة الوطنية في ليبيا