طهران ـ المغرب اليوم
في 14 تموز/يوليو 2015، نزل الالاف الى شوارع طهران للاحتفال بتوقيع الاتفاق النووي مع القوى الكبرى، ولكن هذا الحماس زال بعد سنة ليحل محله الترقب والريبة.
وأبرم الاتفاق في فيينا بعد سنتين من المفاوضات الماراتونية بين ايران من جهة والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا والمانيا من جهة ثانية، وأتاح اعتبارا من بداية 2016 رفع جزء من العقوبات الدولية عن الجمهورية الاسلامية مقابل التزامها بعدم العمل على حيازة السلاح النووي.
وعلى الاثر، تقاطرت الوفود السياسية والاقتصادية الاجنبية الى طهران بحثا عن فرص استثمار مجزية في بلد غني بالنفط والغاز ويعد 80 مليون نسمة، ولكن النتائج ظلت ادنى بكثير من المتوقع.
وتمكنت ايران منذ الاتفاق من زيادة صادراتها النفطية واستفادت من بعض الاستثمارات الاجنبية، لكنها لم تتمكن من تنفيذ صفقات كبيرة لا سيما في قطاع الطيران لتحديث اسطولها المتقادم.
ووقعت ايران اتفاقات مبدئية مع شركتي "بوينغ" و"ايرباص" لشراء مئتي طائرة على الاقل، لكن السلطات الاميركية لم تعط الضوء الاخضر لتنفيذ هذه الصفقات.
ولا تزال الولايات المتحدة تمنع المبادلات بالدولار مع ايران وتهدد بفرض عقوبات على البنوك الدولية التي تتعامل مع شخصيات او مؤسسات وشركات ايرانية متهمة بدعم "الارهاب" او "انتهاك حقوق الانسان". كما انها فرضت على ايران عقوبات على صلة ببرنامج الصواريخ البالستية.
ويقول مدير "بيزنس فرانس" رومان كيرافال "رفعت العقوبات فعليا لكن القيود لا تزال قائمة. يمكنك ان تعمل في ايران اذا كان شريكك الايراني غير خاضع لعقوبات. اتاح الاتفاق هذه الامكانية، ولكن لا يزال القيام بعمليات ملموسة امرا معقدا نظرا لمشكلة التمويل". وتقدم "بيزنس فرانس" خدمات في مجال تسهيل عمل الشركات الفرنسية في ايران.
- خطر العودة الى الوراء -
ويقول مصدر دبلوماسي اوروبي ان "هناك حركة لكن عليك ان تتحلى بالشجاعة السياسية: عليك ان تكون جديا في تطبيق القرار بمثل جديتك في التفاوض على الاتفاق".
ويضيف "ادت ايران ما هو مطلوب منها ولكن العرقلة تأتي من الاميركيين الذين ينبغي ان يمارس عليهم الاوروبيون المزيد من الضغوط، لأنه اذا لم تسر الامور قدما فهناك خطر حقيقي بالعودة الى الوراء (...) وهذا يصب في مصلحة خصوم حسن روحاني".
وحرص الرئيس الايراني حسن روحاني على انجاح المفاوضات النووية وراهن على نتائج الاتفاق لاعادة انتخابه في 2017 لولاية ثانية من اربع سنوات.
وامام تأخر حصد ثمار الاتفاق بالنسبة للشعب الايراني الذي يواجه صعوبات يومية ويعاني 11% من ابنائه من البطالة، يدعو المقربون من روحاني الى التحلي بالصبر.
ويقول الخبير الاقتصادي سعيد ليلاز المقرب من الرئيس "العقوبات كانت تشكل عقبة كأداء على طريق النمو الاقتصادي (لكن) مجرد رفع العقوبات لا يكفي لتحريك النمو".
- حرق الاتفاق -
ويصر المحافظون المناوئون لروحاني على الاعتماد على الانتاج القومي بدلا من الاستثمارات الاجنبية لتحريك العجلة الاقتصادية. وهو موقف يؤيده المرشد الاعلى علي خامنئي الذي ينادي "باقتصاد المقاومة" وينتقد عدم تحقيق نتائج "ملومسة" من الاتفاق ويواصل مهاجمة "العدو الاميركي" الذي يعارض نمو ايران وتميزها في المنطقة.
ويقول الخبير السياسي المقرب من المحافظين أمير مهيبيان "الولايات المتحدة استخدمت الاتفاق لفرض ضغوط علينا ودفعنا لتغيير سلوكنا في الشرق الاوسط او التخلي عن علاقتنا مع حزب الله" اللبناني.
ويضيف ان ايران يمكن ان تستفيد من مشاركة الشعبوي دونالد ترامب في السباق الى البيت الابيض ومن تصويت البريطانيين من اجل الانفصال عن الاتحاد الاوروبي.
وبرأيه ان الغربيين "لن يكونوا قادرين على التحالف ضدنا كما في الماضي لا سيما في وقت نظهر لهم وجهنا الجديد، وجه الليونة".
ويخيم الغموض بشأن نتيجة الانتخابات الاميركية على مستقبل الاتفاق النووي. وفي اشارة الى تصريحات دونالد ترامب، قال اية الله خامنئي انه اذا كان سيد البيت الابيض يريد "تمزيقه" فان ايران "ستحرقه".