موسكو ـ المغرب اليوم
سارع ماكسيم كورميليتسكي الى مشاركة صورة عبر الانترنت تسخر من التقاليد الارثوذكسية الروسية بالغوص في المياه الجليدية خلال عيد الغطاس، غير أن كبسة الزر البسيطة هذه قد تكلف دخول السجن في روسيا.
فبعد نشره الصورة، تلقى هذا الروسي البالغ 21 عاما امر استدعاء الى مركز الشرطة في مدينته الصغيرة في سيبيريا. وصدر في وقت لاحق حكم ادانة في حقه قضى بسجنه اكثر من عام بتهمة "التحريض على الكراهية".
هذا النوع من الاحكام الثقيلة يسجل ازديادا في روسيا. ففي سنة 2007، اقرت موسكو قانونا ضد التطرف يلحظ مبدأ الجرائم المرتكبة "لدوافع الكراهية السياسية والعقائدية". وبحسب منتقديه، يعتمد الكرملين هذا المسوغ ضد مستخدمي الانترنت لقمع أحد آخر المساحات الخارجة عن سيطرته.
وقال ماكسيم كورميليتسكي لوكالة فرانس برس "المحاكمة بسبب مشاركة مضمون خصوصا من هذا النوع، امر عبثي".
وقد ترك هذا الشاب طليقا نظرا الى ان الحكم صدر في حقه مع وقف التنفيذ.
وتمت الوشاية بهذا الشاب من جانب مؤمنين شعروا بالمهانة بسبب الصورة غير أنه يؤكد أن السلطات كانت له في المرصاد بسبب دعمه السابق لحزب معارض.
وفي نموذج آخر عن الملاحقات في حق مستخدمي الانترنت بتهمة "التشدد"، وهو مفهوم محدد بطريقة غامضة في القانون الصادر سنة 2007: ثمة حالة اندري بوبييف اخصائي الكهرباء المقيم في تفير على بعد 200 كيلومترا شمال موسكو.
وفي مطلع 2016، حكم على هذا الرجل بالسجن لأكثر من عامين بسبب مشاركته عبر الانترنت صورة تظهر معجونا لتنظيف الأسنان مرفقا بعبارة تلمح الى التضييق على الحريات في روسيا.
وفي سنة 2015، ادين اكثر من مئتي شخص بسبب مشاركتهم مضامين على الانترنت بينهم 43 حكم عليهم بالسجن مع النفاذ بحسب منظمة "سوفا" الروسية غير الحكومية التي تجري دراسات تتناول معاداة الاجانب والنزعات القومية.
وتشير "سوفا" الى ان اكثرية احكام السجن صدرت على خلفية منشورات "موجهة ضد السلطات والرئيس الروسي والتدخل الروسي في اوكرانيا او الدعوات للجهاد".
وأكد الناشط الحقوقي ليف بونومارييف لوكالة فرانس برس أن "نموذج كورميليتسكي يكفي لاظهار ان مئات الاف الاشخاص قد يودعون السجن"، معتبرا أن هذا العدد الكبير من الحالات يراد منه "اخافة الناس لردعهم عن انتقاد السلطات والتظاهر في الشوارع".
- الوضع قد يزداد سوءا -
واعتبر مدير "سوفا" الكسندر فرخوفسكي أن احكام الادانة هذه ليست محاولة متعمدة من السلطات الروسية لسجن معارضيها لكنها جزء من حملة قمعية اوسع انطلقت في بداية الازمة الاوكرانية.
وبعد ان ادت الانتفاضة المؤيدة لاوروبا في ساحة ميدان في كييف الى الاطاحة بنظام فيكتور يانوكوفيتش المؤيد لموسكو في مطلع 2014، وافق فلاديمير بوتين على قانون يشدد العقوبات في قضايا نشر مضامين عبر الانترنت. وكان مستخدمو الانترنت الذين ينتقدون السياسة الروسية تجاه اوكرانيا اول من طالتهم هذه العقوبات.
مع ذلك، شدد الكسندر فيرخوفسكي على ان اكثرية احكام السجن الصادرة بتهمة التشدد طالت ناشطين من اليمين المتطرف او اشخاصا كانوا يطلقون دعوات للجهاد.
واستبعد مدير منظمة "سوفا" غير الحكومية ان يقضي ماكسيم كورميليتسكي محكوميته موضحا أن جزءا صغيرا من المعارضين الالكترونيين الذين صدرت في حقهم احكام ادانة اودعوا السجن فعليا.
غير أن الوضع قد يزداد سوءا. فقد تم الاسبوع الماضي اقرار قانونين لمكافحة الارهاب اثارا جدلا بين صفوف النواب الروس المعروفين عادة بطاعتهم للسلطة.
ومن بين التدابير التي تم اقرارها: رفع العقوبة القصوى للسجن بتهمة "التحريض على الكراهية" الى خمس سنوات. غير أن الاحكام القليلة المتشددة التي صدرت كانت كافية لاخافة مستخدمي الانترنت في روسيا.
وفي نوفوسيبيرسك في سيبيريا، استدعيت الناشطة سفيتلانا كافيرزينا الى التحقيق بعدما نشرت الصورة عينها التي حوكم بسببها ماكسيم كورميليتسكي.
وأوضحت كافيرزينا لوكالة فرانس برس أن لجنة التحقيق الروسية النافذة في البلاد استدعتها الشهر الماضي "للتحادث". وقد سألها المحققون عن رأيها في الكنيسة الارثوذكسية القريبة من الكرملين.
وقالت سفيتلانا كافيرزينا "اصدار حكم بدفع غرامة او باشغال للمنفعة العامة قد يكون مفهوما. لكن الحكم بالسجن أمر عصي عن الفهم".