لندن - المغرب اليوم
يتعين على حكومة تيريزا ماي الحصول على موافقة البرلمان قبل تفعيل مفاوضات الخروج من الاتحاد الاوروبي وفق قرار صادر الثلاثاء عن المحكمة العليا البريطانية التي اعتبرت استشارة البرلمانات الاقليمية غير ضرورية.
ويشكل هذا القرار صفعة للحكومة لكنها ردت بتاكيد ان ذلك لن يغير "شيئا" في قرارها بدء عملية الانفصال قبل نهاية آذار/مارس.
وقال المتحدث باسم الحكومة في بيان ان "البريطانيين صوتوا للانسحاب من الاتحاد الاوروبي، والحكومة ستحقق لهم ذلك من خلال تفعيل المادة خمسين (من معاهدة لشبونة) قبل نهاية آذار/مارس مثلما هو مقرر. وحكم اليوم لن يغير شيئا في ذلك".
واعلن ديفيد ديفيس الوزير المكلف شؤون بريكست ان الحكومة ستقدم "في الايام القريبة المقبلة" للبرلمان مشروع قانون "بسيط" لاطلاق عملية الخروج من الاتحاد الاوروبي.
واضاف الوزير امام النواب بعد ساعات من قرار المحكمة العليا الزام الحكومة استشارة البرلمان، ان مشروع القانون "سيتم تبنيه في الوقت المناسب" لتفعيل المادة 50 من معاهدة الاتحاد الاوروبي قبل 30 آذار/مارس 2017.
واعلن رئيس المحكمة العليا ديفيد نوبيرغر "بغالبية 8 ضد 3 اصوات، قضت المحكمة العليا بان الحكومة لا يمكنها تفعيل المادة 50 دون قانون يصوت عليه البرلمان يسمح لها بذلك".
واكد القضاة ال11 في المحكمة بالاجماع بانه من غير الضروري استشارة برلمانات اسكتلندا وويلز وايرلندا الشمالية ما اثار خيبة امل رئيسة حكومة اسكتلندا نيكولا ستيرجن التي صوتت منطقتها للبقاء في الاتحاد الاوروبي.
واكدت هذه الاخيرة في بيان انها ستقدم مذكرة تشريعية لتضمن "منح برلمان اسكتلندا فرصة التصويت" لتفعيل المادة 50.
واضافت "من الواضح ان صوت اسكتلندا ليس مسموعا"، وانه بات على الاسكتلنديين ان يقرروا ان كانوا يريدون "تقرير مصيرهم بانفسهم".
ومن جهة الذين تقدموا بالطعن امام المحكمة، وصف ديفيد غرين محامي الحلاق دير دوس سانتوس احد الذين تقدموا باعتراض لدى القضاء وطالبوا باستشارة البرلمان "إنه انتصار الديموقراطية ودولة القانون".
اما جينا ميلر وهي مديرة احد الصناديق المالية فاعتبرت ان قرار المحكمة "اقر حتمية قانونية اساسها مسيرتنا الديمقراطية".
وقالت انها "صدمت" مجددا للتهديدات والشتائم العنصرية التي تعرضت لها في وقت لا يزال فيه موضوع الخروج من الاتحاد الاوروبي يقسم البريطانيين.
ولا تتمتع رئيسة الحكومة المحافظة باكثر من غالبية بسيطة في مجلس العموم، لكنها لن تواجه صعوبة في دفع البرلمان الى التصويت على بدء المفاوضات اذ ان حزب العمال، اكبر احزاب المعارضة، وعد بان لا يعرقل ذلك.
وقال ديفيس "انا على يقين ان لا احد يسعى للمضي ضد ارادة البريطانيين او تاخير العملية".
واكد انه "لا يمكن العودة الى الوراء. ان عتبة اللا عودة تم اجتيازها في 23 حزيران/يونيو الماضي" يوم تنظيم الاستفتاء.
وقال الخبيران في مركز بحوث التغيرات الدستورية روبرت هازل والان رينويك ان "الحكومة ستقدم مشروع قانون قصيرا مع بند او اثنين فقط وستعمل على اقراره بشكل عاجل".
واعتبرا "ان بريكست لن يوقف بقرار المحكمة" لكن "النواب واللوردات يمكنهم استخدام النقاشات (..) لاجبار الحكومة على تقديم تقارير منتظمة للبرلمان حول تقدم المفاوضات".
لكن خيار الخروج "الشاق" الذي اعلنته تيريزا ماي الاسبوع الماضي يمكن ان يثير نوعا من المقاومة لدى النواب الذين وان اعتبروا جميعهم ان الخروج من الاتحاد الاوروبي لا مفر منه فانهم غير مستعدين لمنحها صكا على بياض.
وكان زعيم حزب العمال جيريمي كوربن قال الاحد ان حزبه "سيقدم تعديلات تطلب ضمانات حول الدخول الى السوق الواحدة وحماية حقوق" العاملين. ويمكن ان يصوت عدد قليل من العماليين ضد بدء المفاوضات للاعتراض على الخروج من السوق الاوروبية.
من جهة اخرى يعارض الحزب القومي الاسكتلندي الذي يمثله 54 نائبا في مجلس العموم (يضم 650 عضوا)، خروج بريطانيا من الاتحاد ويمكن ان يصوت ضد تفعيل المادة 50 وينوي ايضا تقديم "50 تعديلا" لمشروع قانون الحكومة.
وكانت تيريزا ماي وعدت الاسبوع الماضي بان تحيل للبرلمان النتيجة النهائية للمفاوضات مع بروكسل.
على صعيد اخر، حذر رئيس مجموعة اليورو يروين ديسلبلويم الثلاثاء من تحويل بريطانيا الى ملاذ ضريبي بعد خروجها من الاتحاد الاوروبي.
وقال في مقابلة مع قناة "ار تي ال-زد" الهولندية، ان مثل هذا الامر سيكون له "تاثير ضار على الاقتصاد الاوروبي وسيكون كذلك سيئا جدا بالنسبة لانكلترا، لبريطانيا، ان تصبح اشبه بملاذ ضريبي على شواطىء اوروبا".
واعلنت ماي الاسبوع الماضي ان بلادها قد تكون ملاذا ضريبيااذا لم تحصل على ما تريده في المفاوضات ولا سيما على اتفاق يتيح لها الدخول بحرية الى السوق الاوروبية وفرض قيود على الهجرة.
وقال ديسلبلويم "اعتقد انه بعد ان عملنا كثيرا مع البريطانيين من اجل تقليص التهرب الضريبي وان العملية لا تزال جارية، سيكون هذا الامر خطوة الى الوراء مجنونة تماما".
واضاف انه يجري محادثات مع بنوك بريطانية واخرى اميركية واسيوية لديها استثمارات في لندن وان الاخيرة "تدرس بجدية نقل مقارها الى القارة ولا سيما لى هولندا".