برلين - المغرب اليوم
لا تزال اللجنة الأولمبية الدولية تعتزم إقامة أولمبياد طوكيو الصيفي 2020 في موعده، رغم الدعوات المتزايدة لتأجيله بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، في موقف يرتبط بكثير من العوامل السياسية والاقتصادية والتنظيمية.
وبينما فرض تفشي فيروس «كوفيد - 19» الذي تسبب بأكثر من 11 وفاة حول العالم، شللاً شبه كامل في الأحداث الرياضية، ودفع إلى تأجيل كثير من المواعيد الكبرى المقررة هذا الصيف مثل كأس أوروبا وكوبا أميركا لكرة القدم، تؤكد اللجنة الأولمبية والمسؤولون اليابانيون أن التحضيرات تتواصل لإقامة الألعاب في موعدها، 24 يوليو (تموز) حتى 9 أغسطس (آب).
فيما يأتي عرض لأسباب تجعل اللجنة الأولمبية تتخذ هذا الموقف:
في أحدث تصريحاته بهذا الشأن، اعتبر رئيس اللجنة الأولمبية الدولية الألماني توماس باخ أن الأشهر الأربعة التي لا تزال تفصل عن موعد انطلاق الألعاب، تبرر عدم اتخاذ أي قرار بشأن مصيرها بعد.
وقال باخ لإذاعة «إس دابليو آر» أمس: «الإلغاء قد يدمر الحلم الأولمبي لـ11 ألف رياضي من 26 لجنة أولمبية وطنية، وفريق اللاجئين التابع للجنة الأولمبية الدولية. مثل هذا الإلغاء سيكون الحل الأقل عدالة».
وقال باخ أيضاً إنه بسبب التعقيدات «لا يمكنك أن تؤجل الأولمبياد مثل مباراة في كرة القدم الأسبوع المقبل»، وأكد أن أي قرار يتطلب معلومات موثوقة وواضحة.
وسبق لباخ أن صرح الجمعة لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية: «بالطبع نحن ندرس سيناريوهات مختلفة، لكن على عكس كثير من الهيئات الرياضية أو البطولات المحترفة، نحن لا نزال على بعد 4 أشهر ونصف الشهر من موعد الألعاب»، معتبراً أن التأجيل «لن يكون خطوة مسؤولة الآن، وسيكون من السابق لأوانه البدء بالتكهنات أو اتخاذ قرار».
وفي تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية، أفاد رئيس الاتحاد الدولي للتجديف (فيسا) الفرنسي جان كريستوف رولان، بأنه «يتفهم» هذا الموقف ويؤيده. وقال: «ما زلنا بعيدين عن 24 يوليو. وفي مواجهة هذه الأزمة غير المسبوقة على الإطلاق، لا يمكن لأحد أن يتنبأ على وجه اليقين بتطورها، وهناك كثير من السيناريوهات الممكنة».
لكن كثيراً من المسؤولين والرياضيين يعارضون إقامة الأولمبياد خلال هذا الصيف، وآخرهم اللجنة الأولمبية النرويجية أمس، حيث إن الأخيرة طلبت من اللجنة الدولية إرجاء الألعاب حتى تتم السيطرة على فيروس كورونا، لتنضم بذلك إلى دعوات متزايدة بهذا الشأن.
وأوضحت اللجنة النرويجية أنها بعثت برسالة إلى اللجنة الدولية التي تتخذ من مدينة لوزان السويسرية مقراً لها، تبدي فيها «قلقها من تفشي وباء (كوفيد - 19) والوضع الصحي العام على المستويين المحلي والدولي».
وأضافت: «توصيتنا الواضحة هي أن دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو لا تجب إقامتها قبل أن يصبح الفيروس تحت السيطرة على المستوى العالمي».
وذكرت اللجنة النرويجية أن من بين الإجراءات المتخذة محلياً للحد من تفشي الفيروس، منع كل النشاطات الرياضية «ما تسبب في تحديات لكل الحركة الرياضية في النرويج»، تضاف إلى القيود الواسعة على حركة التنقل والسفر المفروضة على نطاق عالمي للحد من تفشي الوباء الذي أدى حتى الآن إلى وفاة أكثر من 11 شخصاً في مختلف أنحاء العالم.
وأوضحت المتحدثة باسم اللجنة النرويجية صوفي أولسن: «نريد أن نؤكد أهمية أن تتخذ اللجنة الأولمبية الدولية قراراً عاجلاً وليس آجلاً، ليكون أمام الجميع فرصة متكافئة للاستعداد».
وانضم الاتحاد الأميركي لألعاب القوى إلى نظيره البريطاني في الإعلان عن طلب إرجاء الألعاب الأولمبية، في ظل إصرار اللجنة الأولمبية الدولية والمنظمين اليابانيين على عدم تعديل الموعد. وتزايدت في الساعات الماضية المواقف الداعية لتأجيل الدورة، لا سيما من اتحادي السباحة الأميركي والفرنسي، واللجان الأولمبية في بلدان عدة.
واتخذ اتحاد القوى الأميركي موقفاً مماثلاً، بإعلانه أمس، توجيه رسالة بهذا الشأن من رئيسه التنفيذي ماكس سيغيل، إلى رئيسة اللجنة الأولمبية الأميركية سارة هيرشلاند.
وطلب الاتحاد، بحسب نص الرسالة التي نشرها أمس، من اللجنة الأولمبية الأميركية، أن «تحاجج اللجنة الأولمبية الدولية لإرجاء دورة الألعاب الأولمبية 2020 في طوكيو».
وتابع: «نتفهم بالتأكيد تبعات هذا الطلب، و(تعقيدات) محاولة تنسيق دورة ألعاب أولمبية مؤجلة، حول جدول الرياضيين الآخرين والاتحادات الرياضية والشركاء الأساسيين. لكن بدائل المضي قدماً في ظل الوضع العالمي الراهن لن يكون في مصلحة الرياضيين العليا».
وتابع: «كما تعلمين (هيرشلاند)، الألعاب الأولمبية هي على بعد أشهر فقط. هذا وقت حرج بالنسبة إلى رياضيينا من أجل التمرن والمنافسة، في إطار سعيهم لوضع أنفسهم في أفضل موقع ممكن من أجل تمثيل بلدنا هدفنا يبقى تحقيق التميز الرياضي خلال الألعاب الأولمبية، لكن ليس على حساب سلامة وصحة رياضيينا».
وتابع: «الأمر الصحيح والمسؤول للقيام به هو وضع صحة وسلامة الجميع كأولوية، والإقرار بشكل ملائم بالأثر الذي سببه هذا الوضع الصعب، وسيستمر في تسبيبه، على رياضيينا واستعداداتهم للألعاب الأولمبية».
وتابع: «جميعنا نختبر اضطرابات مزعجة، وحياة الجميع تتأثر نتيجة ذلك»، في إشارة إلى القيود المفروضة عالمياً على حركة التنقل والسفر لمكافحة انتشار المرض.
ورأى سيغيل في رسالته أن إرجاء الألعاب «يوفر على الأقل لرياضيينا الراحة لمعرفتهم أنه سيكون أمامهم الوقت الملائم لتحضير أنفسهم بالشكل اللازم بدنياً، ذهنياً، وعاطفياً، للمشاركة في دورة ألعاب أولمبية سالمة وآمنة، ويمكنهم أن يركزوا (حالياً) على العناية بأنفسهم وعائلاتهم».
وبينما فرض تفشي فيروس «كوفيد - 19» شللاً شبه كامل في الأحداث الرياضية، ودفع إلى تأجيل كثير من المواعيد الكبرى المقررة هذا الصيف مثل كأس أوروبا وكوبا أميركا لكرة القدم، تؤكد اللجنة الدولية والمسؤولون اليابانيون أن التحضيرات تتواصل لإقامة الأولمبياد في موعده.
وتعد الدورة الأولمبية الصيفية أكبر حدث رياضي على الإطلاق، وهي تجمع لدى إقامتها مرة كل 4 أعوام، أكثر من 11 ألف رياضي يعدّها كثير منهم فرصة لا تتكرر، وتستقطب ملايين المشجعين.
ومن أجل ذلك، يتم قبل الموعد بأعوام اختيار المدينة المضيفة، وتشرع الأخيرة في عملية تنظيم واسعة النطاق تتطلب تحضيرات وأعمال إنشاء ضخمة. وعلى سبيل المثال، اختيرت طوكيو للاستضافة منذ عام 2013، وهي رصدت ميزانية للألعاب تقدر بنحو 12 مليار دولار أميركي.
وترى ناتالي نينون - زيمرمان، مديرة وكالة التسويق الرياضي «أونلي سبورتس اند باشن» في باريس المتخصصة بالرياضة الأولمبية، أن تأجيل الألعاب أو إلغاءها يحمل إشارات كثيرة.
وحتى الآن، لم يسبق أن تأثرت دورة أولمبية بسبب آخر غير حرب عالمية، وألغيت لذلك دورات 1916 (في الحرب الأولى)، و1940 و1944 (في الحرب الثانية). وفيما عدا ذلك، بقيت الدورات على الموعد، أكان أولمبياد 1988 في سيول الذي أقيم بعد الأزمة المالية لعام 1987. وأولمبياد برشلونة 1992 الذي تلا حرب الخليج (1991).
وقالت نينون زيمرمان: «إنه في حالة تأجيل أولمبياد طوكيو 2020 بسبب أزمة فيروس كورونا المستجد، سنكسر حداً لم يتم تجاوزه قط سابقاً».
إذا كان القرار الرسمي بشأن مصير الألعاب يعود إلى اللجنة الأولمبية الدولية، فإن الكلمة الفصل فيه ستكون للحكومة اليابانية، بالتعاون مع اللجنة المنظمة المحلية وبالتشاور مع منظمة الصحة العالمية.
وقال باتريك كلاستريس، مدير مركز الدراسات الأولمبية وعولمة الرياضة في جامعة لوزان السويسرية: «المناقشات ستجري مع مجموعة معقدة من الشركاء: اللجنة المنظمة لطوكيو 2020، والحكومة اليابانية، والاتحادات الرياضية الدولية، والمعلنين، ووسائل الإعلام».
تعيد اللجنة الأولمبية الدولية توزيع 90 في المائة من إيراداتها على المنظمات الرياضية والرياضيين، التي بلغت 5.7 مليار دولار أميركي خلال دورة الألعاب الأولمبية الصيفية الأخيرة في ريو دي جانيرو 2016. وتضم المنظومة الأولمبية أيضاً أصحاب حقوق البث التلفزيوني والرعاة الذين استثمروا مبالغ طائلة مع اللجنة الأولمبية الدولية واللجنة المنظمة.
وعدّت نينون زيمرمان أنه يجب أخذ التعويض في الاعتبار بحال التأجيل أو الإلغاء، لأن العواقب المالية ستطال الرياضة بشكل عام. ولفتت إلى أنه خلف حقوق البث التلفزيوني والرعاية «هناك أيضاً دورة اقتصادية كاملة مرتبطة بتفعيل الحقوق»، أي دخولها حيز التنفيذ، ما يطال مئات الآلاف من الأشخاص في جميع أنحاء العالم.
وأثار موقف اللجنة الأولمبية حفيظة كثير من الرياضيين الذين دعوا لإرجاء الألعاب، مثل الفرنسي كيفن ماير واليونانية كاترينا ستيفانيدي، معتبرين أن إقامتها في هذه الظروف يزيد من المخاطر الصحية.
كما تواجه اللجنة الأولمبية الدولية والاتحادات الدولية مشكلة شائكة، إذ إن 43 في المائة من الرياضيين لم يحسموا تأهلهم بعد، وثمة صعوبات تواجه إقامة التصفيات أو مواصلة الاستعدادات والتدريب، وحتى إجراء فحوص المنشطات الدورية، بما يهدد مبدأ تكافؤ الفرص بين الرياضيين.
وبحسب رولان المتوج بذهبية التجذيف في أولمبياد سيدني 2000، يجب أن يكون الرياضيون المعيار الأهم في أي قرار، موضحاً: «يجب ألا ننسى أنه بالنسبة للرياضي، الألعاب الأولمبية هي تجربة العمر».
وتفرض استضافة الألعاب الأولمبية كثيراً من القيود التنظيمية على البلد المضيف (النقل والإقامة)، وأيضاً بناء مرافق خاصة بالألعاب الأولمبية تكون قابلة لاستخدام مختلف بعد نهاية الدورة؛ ومنها القرية الأولمبية التي من المقرر أن تستضيف أكثر من 11 ألف رياضي.
ويقول جان لو شابليه، الأستاذ في معهد الدراسات العليا في الإدارة العامة في لوزان والمتخصص في اللجنة الأولمبية الدولية: «القرية الأوليمبية هي مشكلة من بين آلاف المشاكل، متوقعاً أن أي حلول بهذا الشأن يجب أن تمر عبر رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي».
قد يهمك ايضا
لجنة التخطيط بالأحمر ترفض تجديد عقد حسام عاشور لاعب خط الوسط