الجزائر – ربيعة خريس
بدأ ناشطون حقوقيون جزائريون حراكًا في فرنسا، وقرروا اللجوء إلى القضاء الدولي لإرغامها على إرجاع رفات 37 من أوائل المقاومين الجزائريين، الذين سقطوا في فترة ما بعد الاحتلال الفرنسي للجزائر. وتوجد هذه الرفات منذ أكثر من قرن ونصف في المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي، في باريس, حيث قتل الاحتلال الفرنسي أولئك المقاومين ثم قطع رؤوسهم بعد معركة "الزعاطشة" الشهيرة، التي خاضها المقاومون الجزائريون بين في الفترة بين يوليو / تموز و26 نوفمبر/ تشرين الثاني 1849، على بعد 30 كيلومترًا جنوب غربي بسكرة، بقيادة الشيخ بوزيان القلعي والحاج موسى، وقرّر قادة فرنسا لاحقًا قطع رؤوس القادة، وعرضها في إحدى الثكنات.
وكشف رئيس جمعية "ضد جرائم الحرب", وهو تنظيم حقوقي بارز, عبد الرزاق رحاب, في تصريحات إلى إحدى الصحف المحلية, عن أن الجمعية قررت اللجوء إلى القضاء الدولي لإرغام السلطات الفرنسية على إرجاع رفات المقاومين الجزائريين, معتبرًا أن هذه المسألة تمثل إهانة كبيرة للجزائر، ولا يجب السكوت عنها. وأبدى مدير المتحف الجزائري للتاريخ الطبيعي في باريس استعداد فرنسا لدراسة طلب تسليم جماجم الجزائريين المحفوظة في المتحف، وتحمل كلها رقما تسلسليًا, مبينًا أن الأمر في الظرف الراهن مرتبط بمجموعة من القرارات السياسية.
ولا يعتبر هذا الملف الوحيد الذي لا يزال عالقًا بين الجزائر وفرنسا, فالعلاقات بين البلدين لازالت رهينة تسوية ملف الذاكرة الذي تعهد الوافد الجديد على قصر "الإيليزيه"،
إيمانويل ماكرون, خلال حملته الانتخابية الرئاسية بتسوية هذا الملف العالق. وقال، في تصريحات إلى قناة جزائرية أثناء زيارته للجزائر, في فبراير / شباط الماضي: "الاستعمار جزء من التاريخ الفرنسي، إنه جريمة، جريمة ضد الإنسانية"، ما أثار جدلاً حادًا في فرنسا واستياءً واسعًا، لا سيما في صفوف اليمين.
وووصف ماكرون الاستعمار, أثناء زيارته للجزائر، بأنه جريمة ضد الإنسانية، مفجرًا الجدل في فرنسا، حيث استنكر مسؤولون ينتمون إلى اليمين هذه التصريحات. وقال ماكرون إن الاستعمار جزء من التاريخ الفرنسي وجريمة ضد الإنسانية، مضيفًا: "إنه وحشية حقيقية وهو جزء من هذا الماضي الذي يجب أن نواجهه بتقديم الاعتذار إلى من ارتكبنا في حقهم هذه الممارسات".