الرباط – المغرب اليوم
رأى وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان أن الجهاديين في تنظيم “داعش” الإرهابي قد يتوجهون لتونس ومصر بعد أن يتم طرد التنظيم من ليبيا.
وكتب موقع روسيا اليوم، أن هذا التحذير الرسمي الفرنسي يأتي في وقت متأخر للغاية، لأن حكومات دول الجوار الليبي "مصر وتونس والجزائر" تحدثت عن ذلك قبل أكثر من عامين. فبالإضافة إلى الإرهاب الذي يضرب هذه الدول أصلا، جاءت الأحداث الليبية التي أسفرت عن توحش تنظيم داعش من جهة، وإعلان إمارات، مثل إمارة درنة الإسلامية، وتواجد تنظيمات وجماعات أخرى في غالبية أنحاء البلاد.
وإذا شئنا الدقة، يضيف كاتب المقال على ذات الموقع الروسي، فإن تدخل حلف الناتو وقصفه طرابلس، وتضارب مصالح الدول الغربية، وبالذات فيما يتعلق بالصراع بين باريس وواشنطن في ليبيا، وعمليات الاستقطاب الغربية للتنظيمات والجماعات، وتدخل قوى إقليمية في عملية الاستقطاب هذه كل ذلك تسبب بدرجات مختلفة في جعل ليبيا لقمة سائغة ليس فقط للإرهاب، وإنما ايضا للفوضى السياسية والأمنية. الأمر الذي جعل الغرب يتدخل تقريبا في كل الشؤون الليبية. فهو – الغرب – لا يزال يفرض الحظر على تزويد الجيش الليبي بالسلاح، وفي الوقت نفسه يطالب الحكومة الليبية بمكافحة الإرهاب. والنتيجة، هي أن الحكومة الليبية نفسها تتوجه إلى الغرب لمساعدتها في مكافحة الإرهاب. ولكن الغرب لديه مطالبه وشروطه المعلنة وغير المعلنة.
لقد جرى الحديث قبل سنة واثنتين عن مخاطر داعش على دول الجوار. ولكن الدول الغربية، وبالذات فرنسا والولايات المتحدة، قامتا بعملية استقطاب سياسي في اتجاه تونس والجزائر، ما أسفر عن خلافات بين دول الجوار بشأن آليات مكافحة الإرهاب في ليبيا. وفي الوقت نفسه ظل أمن كل دول الجوار مهددا من قبل داعش. ووصلت الأمور إلى إفساد أي مشاريع قرارات تقدمها هذه الدولة أو تلك إلى مجلس الأمن الدولي لإقرار خطط وآليات معينة تسمح لدول الجوار بالحفاظ على أمنها وأمن حدودها. وهو ما حدث عندما تقدمت القاهرة بمشروع قرار إلى مجلس الأمن، حيث تم تفريغه من مضمونه، ثم تجاهله تماما.
إن تصريحات وزير الدفاع الفرنسي، يضيف كاتب المقال، وبعد أكثر من عامين من وجود داعش وتوحشه في ليبيا، تعيدنا مرة أخرى إلى الصراعات الغربية على هذا البلد وفيه، ومحاولة استئثارها ليس فقط بثرواته، بل وأيضا بالقرار، وتوجيه دفة السياسة والاقتصاد والأمن، ومواصلة إبعاد واستبعاد ليس فقط دول كبرى أخرى، بل ودول الجوار نفسها. لقد قال وزير الدفاع الفرنسي إن “هناك احتمالا كبيرا بأن يتوجه جهاديو داعش إلى تونس ومصر بعد طردهم من ليبيا؛ فالتنظيم يتراجع اليوم ويضعف شيئاً فشيئاً في ليبيا وقد يفر من تبقى من الإرهابيين إلى البلاد المجاورة”. وذهب إلى التحذير بأنه “يجب أن نأخذ على محمل الجد قضية إعادة انتشار الجهاديين في مناطق أخرى بعد أن يتم طردهم من مناطق سيطرتهم، وهذا أمر يشكل تهديدا مباشرا على تونس ومصر”.
وإذا تغاضينا عن توقيت هذا التحذير، يقول كاتب المقال، فالتساؤلات كثيرة حول كل الجهود التي تعلن عنها فرنسا والولايات المتحدة في ليبيا، وبالذات في مكافحة الإرهاب، ووجود القوات الخاصة التابعة لفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة على الأراضي الليبية. هذا إضافة إلى قيام المقاتلات الأمريكية، بداية العام الجاري 2016، بقصف معسكرات تدريبية تابعة لتنظيم “داعش” الإرهابي هناك، بالقرب من الحدود التونسية، علما بأن السلطات الإيطالية، اقترحت هي الأخرى أيضا، القيام بضربات جوية لمحاربة الإرهاب، وضرب معاقل التنظيم في ليبيا.
وعلى الرغم من كل تلك العمليات، يختم صاحب المقال، إلا أن داعش يتمدد في ليبيا. والدول الثلاث المذكورة تتعمد التدخل في الشؤون الداخلية الليبية وتفرض شروطا ومجموعات يمينية دينية متطرفة للمشاركة في الحكم، وتجبر البرلمان على تهميش هذه الشخصية أو تلك، واستبعاد قادة عسكريين لا يروقون لها. غير أن الخطير، هو أن هناك اتفاقا ضمنيا دوليا، وتواطؤا من مجلس الأمن الدولي على تهميش دور دول الجوار وعدم السماح لها بالتدخل للحفاظ على أمنها المباشر، إلا في حال خضعت هي الأخرى لشروط قاسية ومطاطة وغير واضحة لتؤدي أدوارا هامشية وتابعة تعرضها للمزيد من التهديدات الإرهابية والمشاكل والانقسامات الداخلية. ما يعني أن تصريح وزير الدفاع الفرنسي ليس مفاجأة، وليس اكتشافا، وإنما إقرار بأمر واقع يهدد ليس فقط دول الجوار الليبي، بل وأيضا شمال ووسط إفريقيا.