القاهرة - المغرب اليوم
بعد اسبوع عنيف شهد اغتيال النائب العام ومقتل عدد من الجنود في شمال سيناء، من المنتظر ان تقر مصر قانونا جديدا للارهاب مثيرا للجدل، يقول منتقدوه انه يمنح الشرطة حصانة وافلات من العقاب ويفرض رقابة على الاعلام ويحد من الحريات.
ويتوقع ان يوافق الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي توعد بتشديد القوانين وتحقيق عدالة ناجزة بعيد اغتيال النائب العام هشام بركات الاسبوع الماضي، على مشروع القانون ليصبح نافذا في مواجهة المسلحين الذين يهددون استقرار البلاد منذ اطاحة الجيش الرئيس الاسلامي محمد مرسي في 2013.
ووصل السيسي قائد الجيش السابق الذي قاد عملية الاطاحة بمرسي الى الحكم وسط وعود بالقضاء على جماعة الاخوان المسلمين وكذلك المسلحين الجهاديين وتحقيق الاستقرار الامني.
لكن الاضطرابات الامنية تواصلت وبلغت ذروتها باغتيال بركات في انفجار استهدف موكبه شرق القاهرة الاسبوع الفائت.
اغتيال بركات اعقبه هجمات غير مسبوقة للجهاديين ضد قوات الامن في شمال سيناء، ما ادى الى تسريع خطوات الحكومة في اقرار قانون مكافحة الارهاب الذي يثير انتقادات حقوقية واسعة.وبالنسبة واعتبر جمال عيد المحامي الذي يدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان انه "امر كارثي ان نرى الدولة تمرر مثل هذا القانون في مناخ ملتهب بالدعوات للثأر".
وتعاقب المادة 33 ،احدى اكثر المواد اثارة للجدل الصحافيين بالحبس حتى السنتين "لكل من تعمد نشر اخبار او بيانات غير حقيقية عن أي عمليات ارهابية بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية".
وياتي القانون في سياق رد فعل الدولة على التغطية الاخيرة لهجمات الفرع المصري لتنظيم الدولة الاسلامية في شمال سيناء في اول تموز/يوليو.
وقد اعلن المتحدث باسم الجيش المصري مقتل 21 جنديا و100 من المسلحين في اشتباكات استمرت تقريبا طوال الاربعاء الفائت، بعدما كان مسؤولون امنيون تحدثوا عن سقوط عشرات القتلى في صفوف الجيش.
واعتبرت نقابة الصحافيين المصرية الاحد في بيان ان المشروع الجديد "يفتح الباب لمصادرة حرية الصحافة، وإهدار كافة الضمانات التي كفلها القانون للصحافي"، وهي المخاوف التي ابداها عدد كبير من الصحافيين.
واضافت النقابة ان هذه المادة "تصادر حق الصحافي فى الحصول على المعلومات من مصادرها المختلفة وتحصرها فى جهة واحدة، الأمرالذى يُمثل ارتدادا واضحا على حرية الرأى والنشر والتعبير".
لكن مسؤولين حكوميين تحدثوا لوكالة فرانس برس قالوا ان هذه المادة تتطلب دليلا على "تعمد" و"سوء نية" التقارير الصحافية التي تتضمن ارقاما لقتلى الجيش يناقض البيانات الرسمية.
بدوره، فند وزير العدل احمد الزند هذه الاتهامات في اتصال مع فرانس برس كون الامر "مسؤولية الدولة".
وقال الزند "لا بد من ان يكون هناك ضوابط. الدولة تتحمل مسؤولية الدفاع عن المواطن حيال المعلومات الخاطئة".
واعرب الزند عن أمله ب"ان لا يتم فهم ذلك على انه تقييد لحرية الاعلام. نحن نتحدث عن الارقام (في حصيلة القتلى)".
ويعطي القانون الجديد على ما يبدو حصانة لقوات الامن اثناء عمليات مكافحة الارهاب، بشكل لا يمكن معه محاكمتهم جنائيا لاي استخدام مفرط للقوة.
وقتل مئات من قوات الجيش والشرطة في هجمات شنها مسلحون في شبه جزيرة سيناء، كما قتل عشرات في هجمات مماثلة اقل حدة في القاهرة وبعض محافظات وادي النيل.
ورغم انه لم يتم ملاحقة سوى عدد قليل جدا من رجال الشرطة المنخرطين في حملة القمع التي تشنها السلطة ضد الاسلاميين، فان القانون الجديد يمنحهم حماية اكبر من الملاحقة الامنية.
وقال الخبير القانوني المحامي شعبان سعيد ان الشرطيين "يخضعون بالفعل لحصانة ضد المساءلة القانونية في افعال العنف التي تندرج تحت بند الدفاع عن النفس".
واضاف ان "الخوف هو ان يجعل هذا النص ضباط الشرطة المنفذين للقانون يتجبروا او يتجاوزا في تطبيقه او يستخدموا القوة المفرطة ضد المتهمين".
وينص مشروع القانون الجديد على معاقبة منشئي وممولي الجماعات "الارهابية" التي جرى تعريفها بشكل مبهم، وكذلك السجن خمس سنوات لمروجي "الارهاب" على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقد اصدر القضاء مئات احكام الاعدام ضد انصار مرسي في محاكمات سريعة، لكن معظمهم قاموا بنقض هذه الاحكام. واعدمت مصر 7 مدانين فقط منذ عزل مرسي.
وفي جنازة بركات نهاية الاسبوع الفائت، قال السيسي بغضب ان "يد العدالة الناجزة مغلولة بالقوانين".
واضاف وسط لفيف من القضاة "لن ناخذ خمس او عشر سنوات لنحاكم الناس التي تقتلنا" مطالبا القضاة بتسريع الاجراءات.
ومجاراة لمطالبة السيسي، ينص المشروع الجديد على تقليص درجات الطعن للمتهمين، وباقامة محاكم ارهاب خاصة لتسريع المحاكمات.
ورغم ان المجلس الاعلى للقضاء وافق على غالبية بنود المشروع، لكنه ابدى اعتراضه على تخصيص محاكم ارهاب لقضايا اعتبر انه من الممكن ان تنظر فيها محاكم الجنايات العادية.