الرباط - المغرب اليوم
خرج مئات الأشخاص من نساء ورجال وأطفال الإثنين من جيب تنظيم الدولة الإسلامية المحاصر في بلدة الباغوز في شرق سوريا، بعدما أبطأت قوات سورية الديموقراطية وتيرة هجومها المدعوم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن.
وأعلنت قوات سورية الديموقراطية التي بدأت الجمعة هجومها الأخير باتجاه البقعة المحاصرة في الباغوز، أن قواتها تتقدم ببطء متهمة تنظيم الدولة الإسلامية باستخدام المدنيين المحاصرين، كدروع بشرية.
وأفادت مسؤولة اعلامية ميدانية في قوات سورية الديموقراطية الإثنين عن "خروج أكثر من 800 شخص من عائلات داعش ومقاتلين سلموا أنفسهم يومي الأحد والاثنين"، قالت إنهم خرجوا "سيراً على الأقدام".
وبين هؤلاء وفق المسؤولة ذاتها "أجانب، لكن الغالبية من السوريين والعراقيين، أجبرهم الضغط العسكري والقصف على الخروج".
وشاهدت صحافية في داخل الباغوز أكثر من عشرين حافلة تقل نساء ورجالاً وأطفالاً إثر خروجها من البقعة المحاصرة. وفور خروج الحافلات، شنت طائرة حربية ضربة جوية، تلاها سماع اصوات اطلاق رصاص.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، سلّم 150 من عناصر التنظيم من جنسيات مختلفة أنفسهم في عداد الخارجين من الباغوز الإثنين.
وفي بيان ليل الأحد، جدّدت قيادة حملة قوات سوريا الديموقراطية تأكيدها أن المعركة "ستنتهي في مدة زمنية قصيرة". لكنها قالت إنه "حرصاً على تحرير من تبقى من المدنيين الذين احتفظ بهم إرهابيو داعش لاستخدامهم كدروع بشرية ومن أجل عدم إلحاق الأذى بهم، تتقدم قواتنا ببطء" في الباغوز.
وبدأت هذه القوات بمؤازرة طائرات التحالف الجمعة "الهجوم الأخير" على الجهاديين الرافضين الاستسلام والمحاصرين في مساحة محدودة، بعد اجلاء آلاف الأشخاص خلال الأسبوعين الماضيين من الباغوز، غالبيتهم مدنيون من عائلات الجهاديين. وتوزعوا على مخيمات تديرها قوات سوريا الديموقراطية في شمال شرق البلاد، فيما تم نقل المشتبه بانتمائهم الى التنظيم الى معتقلات.
ووصف القائد الميداني في قوات سوريا الديموقراطية رستم حسكة الأحد اشتباكات اليومين الأخيرين بأنها "الأعنف" في الباغوز. وقال "الدواعش المحاصرون في هذه المساحة الضيقة يرفضون الاستسلام وغالبيتهم من المهاجرين، بينهم فرنسيون ومن جنسيات أخرى".
وتعمل قوات سورية الديموقراطية الإثنين، وفق المرصد، على "تمشيط المنطقة، وتتقدم ببطء خشية انفجار الألغام أو تفجيرات أو كمائن".
ويتحصّن مقاتلو التنظيم في شبكة أنفاق حفروها تحت الأرض، ويتنقلون عبرها لشن هجمات، وهو الأسلوب الذي يتبعه التنظيم في كل مرة يُحاصر مقاتلوه ويوشك على خسارة معقله. كما زرعوا الكثير من الألغام والمفخخات على الطرق وداخل المنازل لإعاقة تقدم قوات سوريا الديموقراطية.
وذكرت هذه القوات في بيان الإثنين أنها أفشلت "كافة محاولات الإرهابيين لشن هجمات مضادة" على نقاطها. وأفادت عن تفجير "ثمانية انتحاريّين أنفسهم قبل أن يصلوا إلى نقاط مقاتلينا" ليل الأحد تزامناً مع تفجيرهم "ثلاث عربات مفخّخة عن بعد".
ويتصدى التنظيم للهجوم عبر استخدام القناصة وانتحاريين وسيارات ودراجات مفخخة، وفق ما قال قياديون ميدانيون لفرانس برس خلال اليومين الماضيين.
ورصد صحافيو فرانس برس الأحد، أثناء وجودهم في الباغوز، طائرات تابعة للتحالف أثناء توجيهها ضربات على أهداف محددة، أبرزها مستودع ذخيرة للتنظيم تحت الأرض. وتسببت الضربة بانفجار ضخم بدت شظاياه أشبه بالألعاب النارية في الجو، بينما كان مقاتلون من قوات سوريا الديموقراطية يرددون هتافات حماسية ابتهاجاً.
ومن شأن سيطرة قوات سوريا الديموقراطية على كامل البلدة الواقعة على الضفة الشرقية لنهر الفرات، أن تمهد لانتهاء "الخلافة" التي أعلنها التنظيم في العام 2014 على مساحات واسعة كان قد سيطر عليها في سوريا والعراق المجاور وتقدر بمساحة بريطانيا.
ومني التنظيم على وقع هجمات شنتها أطراف عدة ضده، بخسائر متلاحقة خلال العامين الماضيين، بعد سنوات أثار فيها الرعب بقوانينه المتشددة وأحكامه الوحشية والاعتداءات الدموية التي نفذها حول العالم.
نيران وسحب من الدخان إثر قصف استهدف في 3 شباط/فبراير 2019 جيب تنظيم الدولة الإسلامية داخل بلدة الباغوز قبل أن تتراجع وتيرة المعارك الإثنين
وعلى وقع التقدم العسكري، خرج أكثر من 53 ألف شخص منذ كانون الأول/ديسمبر من مناطق سيطرة التنظيم، أوقفت قوات سوريا الديموقراطية أكثر من خمسة آلاف عنصر من التنظيم كانوا في عدادهم، بحسب المرصد.
وتوجّه غالبية هؤلاء إلى مخيم الهول شمالاً، الذي يكتظ بالوافدين إليه تباعاً.وقال رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا فيليب شبوري في بيان حول أوضاع المخيم الإثنين "برد الليل لا يرحم (...) الناس هنا يرتدون كل ملابسهم التماساً للدفء، فليس لديهم مكان مغلق يستترون فيه من البرد".
وأضاف "بعضهم لا يملك خيماً حتى الآن، يمكثون في العراء معرضين للأمطار والريح ودرجات برودة شديدة القسوة".
ولا يعني حسم المعركة في دير الزور انتهاء خطر التنظيم، في ظل قدرته على تحريك خلايا نائمة في المناطق المحررة وانتشاره في البادية السورية المترامية الأطراف.
وتشكل المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية حالياً إحدى الجبهات الرئيسية في النزاع السوري الذي أسفر عن أكثر من 360 ألف قتيل وملايين النازحين واللاجئين منذ العام 2011.
ويحضر تنسيق العمليات الجوية في سوريا على جدول أعمال اجتماع يعقده رئيس هيئة الأركان الاميركية المشتركة الجنرال جوزف دانفورد ورئيس هيئة الأركان العامة الروسية الجنرال فاليري غيراسيموف، الذي تعد بلاده من ابرز داعمي دمشق.
قد يهمك أيضًا