الجزائر - المغرب اليوم
استأنفت الجزائر الشهر الحالي مبادلاتها التجارية مع إسبانيا، في مؤشر دال على انفراجة في علاقاتهما السياسية، وذلك بعد شهرين من عودة سفيرها إلى منصبه في مدريد، بعدما كانت قد سحبته في يونيو (حزيران) 2022، احتجاجاً على دعم إسبانيا خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، وإثر ذلك توقفت عمليات الاستيراد والتصدير بين البلدين بشكل كامل، ما ألحق خسائر مادية كبيرة بكثير من المؤسسات الإسبانية، وأحدث ندرة في بعض المنتجات بالسوق الجزائرية.
وراسلت «الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية»، التابعة لوزارة المالية، مسيري البنوك في 14 من الشهر الحالي، تعلمهم فيها بأنها ألغت قراراً سابقاً بتجميد توطين عملية استيراد الصيصان (صغار الدجاج) وبيض الدجاج الموجه للتفريخ من إسبانيا. وأكدت أن وزارة الزراعة والتنمية الريفية رخصت الاستيراد لمصلحة المؤسسات والمتعاملين الاقتصاديين والتجاريين الجزائريين، النشطين في مجال تربية الدواجن.
ويفهم من مراسلة «جمعية البنوك» أن قطاع الدواجن بات النشاط الاقتصادي الأول المعني بتطبيع العلاقات التجارية بين الجزائر وإسبانيا. كما أنها تنهي أزمة حادة عانى منها مربو الدواجن في الجزائر، التي كانت لها تداعيات على السوق والأسعار منذ عام ونصف عام.
وكان رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، قد خاض في العلاقات مع الجزائر الأربعاء الماضي، بمناسبة «مؤتمر السفراء» الذي عقد في وزارة الخارجية الإسبانية، حيث قال إن بلاده «تربطها علاقات وثيقة مع الجزائر»، مبرزاً أن حكومته «ستواصل العمل للحفاظ على أفضل العلاقات مع الجزائر، فهي شريك استراتيجي وبلد صديق، ويمكننا كما يجب علينا أيضاً الاعتماد على هذه الصداقة». كما قال إنه «يرحب» بعودة السفير الجزائري إلى مدريد.
وكانت وسائل إعلام جزائرية أكدت أن البلدين طويا أزمتهما على خلفية لقاءات، لم تعلن، جرت بين الوفدين الجزائري والإسباني المشاركين في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي. ونقل الإعلام يومها أن الجزائريين «عبّروا عن ارتياح» لما اعتبروه «تغيراً في الموقف الإسباني من مسألة الصحراء»، ظهر حسبهم في خطاب ألقاه سانشيز بالهيئة الأممية، حيث أكد فيه أن بلاده «تؤيد حلاً سياسياً مقبولاً للطرفين في ما يتعلق بـالصحراء». وكتبت صحيفة «جان إندبندنت» الفرنكفونية الجزائرية أن «تصريحات سانشيز في نيويورك تتعارض مع الموقف الذي عُدّ مؤيداً للمغرب، عندما قدّم دعماً لخطة الحكم الذاتي الذي تقترحه الرباط».
وعلقت الجزائر في يونيو (حزيران) 2022 «معاهدة الصداقة وحسن الجوار» المبرمة مع إسبانيا في 2002، منددة بـ«الموقف الإسباني المنافي للشرعية الدولية». واشترطت «عودة إسبانيا إلى حيادها إزاء مسألة الصحراء» مقابل إنهاء القطيعة. وتعتبر الجزائر الإسبان مسؤولين تاريخياً عن مصير إقليم الصحراء تاريخياً، باعتبارهم قوة محتلة سابقة له، وهي صفة تفرض عليهم، حسبها، عدم الانحياز لأي طرف في النزاع.
وانجرّ عن تعليق المعاهدة توقيف توطين العمليات التجارية لدى البنوك الجزائرية، ما خلّف مع مرور الشهور خسائر كبيرة للمؤسسات ورجال الأعمال، الذين يتبادلون التجارة في البلدين، قدّرها ناشطون في مجال التصدير والاستيراد بنحو مليار يورو، منذ بدء الأزمة إلى منتصف 2023. وخلّف الوضع الجديد ندرة حادة في عدة مواد وسلع مسّت السوق الجزائرية، ما شكّل ضغطاً داخلياً كبيراً على الحكومة، دفعها إلى تليين موقفها من مدريد.
كما طالت الأزمة قطاعات كثيرة في إسبانيا، منها الصناعة الغذائية ولحوم المواشي، التي تمثل نسباً مهمة من رقم أعمال الشركات الإسبانية مع السوق الجزائرية. واحتجت عشرات الشركات الخاصة الإسبانية على حكومة سانشيز، ودعتها إلى البحث عن حل سريع مع الشريك المتوسطي الأفريقي، لإنهاء القطيعة التجارية، التي استثنت إمدادات الغاز لارتباطها بعقود طويلة المدى.
قد يهمك ايضـــــا :
رئيس الوزراء الإسباني يُعلن رفض مدريد المشاركة في التحالف العسكري في البحر الأحمر
تجديد الثقة في سانشيز رئيساً للحكومة الإسبانية يمنح اتفاقيات التعاون مع المغرب مدة صلاحية أطول