الدوحة - المغرب اليوم
لم يمض أكثر من يوم واحد على لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في البيت الأبيض مؤخرًا، وتأكيد الأخير خلال كلمته على عدم دعم قطر للإرهاب أو تسامحها بهذا الشأن، حتى خرج في اليوم التالي مباشرة رئيس الوزراء القطري عبدالله آل ثاني، وإلى جانبه عدد آخر من المسؤولين في الحكومة القطرية، إلى جانب المطلوب الأبرز على قائمة الإرهاب القطرية عبدالرحمن النعيمي، في حفل زفاف نجل الإرهابي المطلوب على القوائم الدولية.
ووفق صورة اطلعت عليها "العربية نت" لمصور القطري إبراهيم حمد المفتاح، وهو أحد العاملين في مجال تصوير الاحتفالات والمناسبات في قطر، كان قد شاركها يوم الثلاثاء، عبر حسابه في تطبيق "إنستغرام"، حيث ظهر رئيس الوزراء القطري وهو يقبل نجل الإرهابي عبدالرحمن النعيمي لتهنئته على عقد قرانه، الذي كان مساء يوم الخميس 11 أبريل، ويظهر في الصورة ذاتها الإرهابي المطلوب على القوائم الأميركية والبريطانية بما في ذلك القطرية إلى جانب ابنه عبد الله النعيمي.
في المقابل، كان قد شدد أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، في لقاء جمع بينه والرئيس الأميركي يوم الثلاثاء 10 أبريل، على التزام بلاده بمكافحة الإرهاب، قائلًا أمام كاميرات الصحافة العالمية "سيدي الرئيس أرغب في توضيح أمر وهو أننا لا ندعم الإرهاب كما ولن نتسامح مع أي أشخاص يتورطون في تمويل الإرهاب، كما ونتعاون مع الولايات المتحدة لوقف عمليات تمويل الإرهاب في أنحاء العالم، ونحن لا نتسامح مع أشخاص يدعمون أو يمولون الإرهاب".
في سياق متصل، هنأت الصحف القطرية، بعقد قران نجل الإرهابي المطلوب على القوائم القطرية نفسها، والإشارة هنا إلى القائمة التي أعلنت عنها الداخلية القطرية مؤخرًا، والتي ضمت أسماء 19 فردًا، من بينهم 11 مواطنًا قطريًا، وعددًا من الكيانات القطرية، وكان من أبرزهم عبدالرحمن النعيمي نفسه الذي احتفلت الصحف القطرية بزفاف نجله.
فقد جاء في صحيفة "الراية" القطرية يوم الأربعاء 11 أبريل تهنئة خاصة بزفاف نجل أحد أهم ممولي تنظيم القاعدة. ووفقًا لما جاء في الخبر: "يحتفل الدكتور عبدالرحمن بن عمير الجبر النعيمي مساء اليوم بزواج ابنه عبد الله وذلك بساحة الاحتفالات- منطقة النعيم.. وألف مبروك".
ووفقًا لما قام أبناء الإرهابي القطري عبدالرحمن العمير، بمشاركته من صور مختلفة في صفحاتهم الخاصة عبر تطبيق "إنستغرام"، برز عدد من الصور لحفل زفاف ابنه، ظهر فيها عددًا من الشخصيات القطرية، وكان من بين الحضور عبدالله السليطي، وهو بحسب ما يضعه من تعريف شخصي لنفسه على مواقع التواصل، "مستشار في النفط وكاتب بصحيفة الراية القطرية، ورئيس تحرير جريدة الشرق القطرية سابقًا، ومجلة ديارنا والعالم".
وكانت الحكومة البريطانية قد أدرجت عبدالرحمن بن عمير النعيمي، رئيس "منظمة الكرامة لحقوق الإنسان"، ومقرها جنيف، على قائمة العقوبات لاشتباهها في تمويله جماعات متطرفة، وجاء قرار بريطانيا بعد 10 أشهر من وضع لقطري النعيمي على قائمة الحظر الأميركية. وتضمن القرار تجميد أصول النعيمي في بريطانيا، ومنع أي مصرف له فروع في بريطانيا من التعامل معه.
وكانت واشنطن وصفت النعيمي بأنه "مموّل لتنظيم القاعدة، يساعد على تزويده بالمال والعتاد في سورية والعراق والصومال واليمن، منذ أكثر من 10 أعوام"، وحذّر الخبير بشؤون الإرهاب ريشارد مينيتر، مؤلف الكتاب الأعلى مبيعاً فيما يتعلق بالإرهاب، الإدارة الأميركية من الاستمرار في الوثوق برئيس الوزراء القطري بعد أن أظهرته صور وهو يهنئ عبدالرحمن بن عمير النعيمي، أحد عتاة المطلوبين دوليًا لتمويله الإرهاب، أثناء حفل زفاف أحد أبنائه.
وعبر مينيتر مؤلف أكثر كتابين مبيعًا نشرتهما نيويورك تايمز «فقدان بن لادن» و«حرب الظل» في تصريحات خاصة بموقع العربية الإنجليزي، عن دهشته من عدم اعتقال ممول الإرهاب المطلوب عبدالرحمن بن عمير النعيمي، وأضاف «كان يتعيّن على العائلة الحاكمة في قطر، عندما تلقت دعوة لحضور حفل زفاف أحد أبناء ممول إرهاب مطلوب، أن ترسل له الشرطة بدلًا من أن تبعث له وفدًا يقوده أمير حاكم "رئيس الوزراء عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني" رفقة مسؤولين وأمراء آخرين».
وقال مينيتر «في نهاية الأمر فإنّ عبدالرحمن النعيمي ليس مجرد مطلوب على لائحة الإرهاب الأميركية أو الأوروبية فقط وإنما هو موجود أيضًا على لائحة المطلوبين التي وضعتها قطر نفسها"، وأكد «إيران تمارس لعبة مزدوجة حيث تدعي أنها ضد الإرهاب عندما تتحدث بالإنجليزية للرئيس ترامب، وتدعم ممولي الإرهاب المعروفين وتهنّئهم بالعربية، وعندما تقول شيئًا بالإنجليزية وعكسه بالعربية فلا تتوقع أن يصدقك أحد».
استغراب
من جانبه، أعرب الخبير في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية الأميركية ديفيد وينبيرغ عن استغرابه لامتناع قطر عن إدراج الفرع الرئيسي لتنظيم "داعش" في سورية والعراق ضمن قائمتها الجديدة للإرهاب، مكتفيةً فقط بفرع التنظيم في سيناء المصرية، رغم أن الدوحة عضو مؤسس في الائتلاف الدولي لهزيمة التنظيم المتطرف.
كما استثنت قطر - وفقًا لما نقل موقع «إرم نيوز» عن الكاتب- من قائمتها مثنّى الضاري، وهو عراقي يخضع لحظر سفر من قبل الأمم المتحدة بزعم تمويله للتنظيم السابق لداعش، وهو تنظيم القاعدة في العراق، بما يزيد على مليون دولار.
وكانت قطر سمحت بدخول الضاري عدة مرات، بما في ذلك العام الماضي، حيث تم استقباله بالأحضان والقبلات من قبل والد الأمير تميم في العام 2015، ورغم أن بعض الممولين المعلنين دوليًا للقاعدة في سورية واليمن تم إدراجهم على قوائم قطر المعلنة، إلا أن تنظيم القاعدة نفسه ليس مدرجًا، ولا فروعه الإقليمية.
ويقول الكاتب: إن غياب الجماعات الإرهابية في سورية أو العراق عن قوائم قطر يعد أمرًا محيرًا للغاية، لاسيما بعد تأكيد تميم في العام 2014 أن قطر تعتبر «جماعات معينة» على الأقل في سورية والعراق حركات إرهابية، كما تستثني قائمة الإرهاب في قطر بعض المنظمات "الإرهابية" في جنوب آسيا، بما في ذلك حركة طالبان وجماعة الحقاني ومنظمة لشكر طيبة، ومن المرجح أن جامعي التبرعات لكل الجماعات الإرهابية الثلاث استغلوا الأراضي القطرية، بحسب الكاتب.
تناقض
على الرغم من أن قطر ربما تعتبر فعليًا بعض المجموعات كإرهابية، إلا أنها تواصل رفض اعتبارها كذلك علانية، حتى بعد وضع لوائح تفصيلية بذلك والتي تشمل عشرات الكيانات، ما يؤدي بلا شك إلى تغذية عدم اليقين الحالي فيما إذا كانت قطر تعارض فعلًا الجماعات الإرهابية الرئيسية، وفق الخبير.
وخلافًا لقوائم الإرهاب العامة القطرية، لا تزال محتويات المذكرات الخاصة بتمويل «الإرهاب» مع الولايات المتحدة سرية جدًا، الأمر الذي يثير مخاوف أعضاء الكونغرس من كلا الحزبين.