دمشق ـ المغرب اليوم
امتزجت الموسيقى الكلاسيكية مع الاغاني والاناشيد الوطنية احتفالا بمئوية "عيد الشهداء" الذي احيته السلطات السورية ليل الجمعة على مسرح مدينة تدمر الاثرية، بعدما شكل الصيف الماضي منصة اعدم عليها تنظيم الدولة الاسلامية 25 جنديا.
وضاقت مدرجات المسرح الروماني الشهير الذي اضيئت خلفيته واعمدته بالوان تبدلت تباعا، بمئات المواطنين الذين حملوا الاعلام السورية وقدموا من محافظات عدة في باصات منظمة الى تدمر، وذلك بعد ستة اسابيع على طرد الجيش السوري بمؤازرة روسية جهاديي تنظيم الدولة الاسلامية من المدينة اثر سيطرتهم عليها في ايار/مايو الماضي.
وهذه الامسية الموسيقية التي حملت عنوان "بوابة الشمس" اقيمت برعاية الرئيس بشار الاسد "تخليدا لشهداء سوريا"، وقد جرت غداة امسية اولى احيتها الاوركسترا السمفونية الروسية بعنوان "صلاة من اجل تدمر. الموسيقى تحيي الجدران العتيقة".
وقبل انطلاق الامسية التي احيتها فرق موسيقية سورية عدة، عقد عدد من الشابات والشباب حلقة دبكة على مدخل المسرح الروماني، على ايقاع الاغاني الوطنية التي رددوها بحماس فيما احاطت مجموعة اخرى بشاب يعزف على العود مرددين اغنيات عدة بينها "موطني" و"سوريا يا حبيبتي".
واستضافت المدينة الاثرية المدرجة على لائحة التراث العالمي الانساني لمنظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) هاتين الامسيتين بعد طرد الجيش السوري بمؤازرة روسية في 27 اذار/مارس تنظيم الدولة الاسلامية من المدينة التي كان قد سيطر عليها في 21 ايار/مايو الماضي.
وفي مؤشر على الدور الذي لعبته بلادهم، حليفة دمشق الابرز، صعد نحو عشرين جنديا روسيا على المسرح قبل بدء الامسية حاملين العلمين الروسي والسوري ولوحوا بهما، فرد الحاضرون التحية بالمثل، ملوحين بالاعلام السورية التي وزعها المنظمون على الجمهور لدى دخوله الى المسرح.
وتحيي سوريا عيد الشهداء تخليدا لذكرى اعدام السلطنة العثمانية في 6 ايار/مايو 1916 شنقا 21 شخصية وطنية في بيروت ودمشق كانوا يطالبون بالاستقلال.
ويرتدي تنظيم هذه الامسية على المسرح الروماني رمزية كبيرة لانها تاتي بعد اشهر على عملية الاعدام الجماعي التي نفذها تنظيم الدولة الاسلامية بحق 25 جنديا سوريا في المكان ذاته، في عملية وثقها بشريط فيديو نشره في 25 تموز/يوليو الماضي.
ووجه عريف الاحتفال "تحية لشهداء سوريا ومنهم ابطال قضوا على هذا المسرح بالذات".
-"سحابة صيف"-
ولم يخف الجمهور الحاضر سعادته بالقدوم الى تدمر على رغم المعارك التي تدور على بعد نحو ثلاثين كيلومترا عنها.
وقال ذو الفقار حسن وهو طبيب اسنان جاء مع اصدقائه من مدينة اللاذقية الساحلية لوكالة فرانس برس "كنت اتمنى ان ارى تدمر كما تخيلتها مع القلعة القوية والصلبة لكنها متعبة اليوم... ونحن جئنا كي نحيي تدمر من جديد ونعيد لها النشاط".
وشددت مي عارف (38 عاما) وهي مديرة مدرسة جاءت من دمشق على ان "الحفلة هي بداية عودة تدمر الى عهدها وتثبت اننا صامدون ومستمرون"، معتبرة ان "ما حدث لتدمر هو سحابة صيف".
واستغلت رغد العيسى (19 عاما) وهي طالبة هندسة قدومها الى تدمر للمرة الاولى لالتقاط صور "السلفي" وخلفها اثار المدينة العريقة. وقالت لفرانس برس "هذه اول مرة ازور فيها تدمر وآمل ان تكون هذه الفعالية فاتحة خير بعد عودة الامان الى البلاد وان تعود المهرجانات اليها".
وبدأ الاحتفال بعزف لفرقة مراسيم الشرطة والجيش والقوات المسلحة وخلفهم اعلام الجيش والاعلام السورية، تلتها اوركسترا ماري النسائية التي عزفت موسيقى كلاسيكية وارتدت عازفاتها اثواب بيضاء ناصعة.
وكانت المحطة الثالثة مع فرقة الفرح التي قدمت اناشيد واغنيات وطنية تمايل الجمهور على ايقاعها، وابرزها اغنية "بيي راح مع العسكر" للسيدة فيروز والتي استبدل منشدو الفرقة احدى كلماتها، اذ بدلا من ان تكون الاغنية "بيي راح مع العسكر... حارب وانتصر بعنجر" باتت "حارب وانتصر بتدمر".
وقدمت الفرقة الوطنية للموسيقى العربية بقيادة عدنان فتح الله مقطوعة "تدمر بوابة الشمس" التي شكلت عنوان الحفل واغنيات اخرى، قبل ان تؤدي الفرقة السيمفونية الوطنية السورية بقيادة ميساك اغبوريان.
وتفاعل الجمهور بحماسة مع الفرق التي طغت الاغاني الوطنية على ادائها، واستغل الفاصل بين كل محطة واخرى ليردد هتافات داعمة لسوريا وجيشها ورئيسها.