القاهرة - المغرب اليوم
حذر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط من استمرار الانتهاكات الإسرائيلية ومواصلة استلاب الموارد المائية في أراضي فلسطين وسوريا ولبنان ضاربة عرض الحائط بالقانون الدولي والمواثيق الدولية التي تقر الحقوق المائية العربية ، الأمر الذي يهدد الأمن المائي العربي.
وقال أبو الغيط، في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدولي "المياه العربية تحت الإحتلال" الذي انطلقت أعماله مساء اليوم الأربعاء، إن الجامعة العربية نظمت المؤتمر إدراكا منها بأن موضوع المياه يشكل أحد الموضوعات الأساسية على الأجندة الدولية ضمن التنمية المستدامة وموضوعات التغير المناخي".
ودعا إلى ضرورة العمل على تأمين موارد المياه للشعب الفلسطيني ، مشيرا إلى أن القمة العربية التي عقدت عام 1964 ناقشت السرقات الإسرائيلية لمياه الأردن .
وقال أبو الغيط إن أبناء الشعب الفلسطيني يواجهون نوعا من الظلم والإقحاف حيث أن حصة المواطن الفلسطيني تبلغ 15 لترا في اليوم قياسا بنحو 300 لتر للإسرائيلي ، كما أن 97 في المئة من الموارد المائية التي يتم ضخها في قطاع غزة غير صالحة للاستخدام الآدمى إلى جانب صعوبة الوصول إلى موارد المياه في الضفة الغربية.
ودعا الأمين العام لجامعة الدول العربية، المشاركين في المؤتمر إلى مناقشة تداعيات هذه القضية من جوانبها السياسية والقانونية والإنسانية للخروج برؤية شاملة حول الحقوق العربية المائية والتحرك الدبلوماسي والقانوني والإعلامي بشأنها عبر الوسائل المختلفة.
من ناحيته، أكد وزير الموارد المائية العراقي حسن الجنابي أهمية المؤتمر لاستعراض الواقع الذي تكرسه سلطة الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية والذي أدى تعاظم الفجوة المعيشية بين مستوطنين أغراب وأصحاب الأرض الأصليين، كما يكشف التعسف إزاء المياه العربية في مخالفة صريحة للقوانين والأعراف الدولية.
وأكد الجنابي دعم العراق للحقوق الفلسطينية المشروعة والتزامه مع أشقائه العرب دوليا بدعم هذه الحقوق باعتبار القضية الفلسطينية "قضية العرب الأولى" .
واستعرض الجنابي التحديات التي تواجه العراق في ظل "الهجمات الإرهابية البشعة" التي طالت المنشآت والموارد المائية العراقية، وقال إن قوات الأمن العراقية تمكنت من تحرير سدتي الرمادي والفرات وليس لدينا أدنى شك من قرب تحرير الموصل من قبضة تنظيم "داعش" الإرهابي ، وستكون فلسطين نموذجا آخر لدحر إسرائيل وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ".
من جانبه، طالب رئيس سلطة المياه في فلسطين مازن غنيم بضرورة توفير الدعم العربي لإنشاء شبكة أمان عربية للمياه وتوفير أكبر زخم لهذا الأمر لتحقيق أهدافه دوليا.
واستعرض غنيم، في كلمته أمام المؤتمر، التحديات الخطيرة التي تعانيها الموارد المائية في فلسطين بسبب الحصار والقيود الإسرائيلية اللامتناهية التي تعوق كل مناحي الحياة ، منددا بالنهج الاستعماري الإسرائيلي المتمادي في مصادرة المياه الفلسطينية والعربية.
وقال غنيم إن استمرار هذا الوضع دون استخدم أية اجراءات رادعة سيؤدي إلى نتائج سلبية ، داعيا إلى تعبئة الرأي العام المحلي والإقليمي لطرح السرقات الإسرائيلية للمياه في الأراضي العربية المتحلة أمام المحافل الدولية لتوفير الحماية اللازمة لها كأحد شروط السيادة العربية على الموارد ، مشيرا إلى أن قضية المياه تعد أحد الملفات الرئيسة لقضايا الحل النهائي للقضية الفلسطينية .
وحذر من استغلال الاحتلال الإسرائيلي للمياه وفقا لأجندات سياسية تهدد أمن واستقرار المنطقة والذي بدوره لن يتحقق إلا بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وصيانة الأمن المائي العربي.
وعبر غنيم عن التزام فلسطين بالعمل لاستعادة الحقوق العربية المائية بما فيها حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 بما يتوافق مع القوانين الدولية.
من ناحيته، أكد وزير الموارد المائية والري والكهرباء السوداني معتز موسى أهمية المؤتمر الذي يعقد تحت رعاية الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبومازن" والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط وذلك لحشد الجهود الإقليمية والدولية لحماية الحقوق المائية العربية التي تواجه انتهاكات للقانون الدولي والإنساني.
وشدد موسى، على أن الصراع حول المياه يهدد الأمن القومي العربي في ظل تمدد الأطماع الإسرائيلية، مطالبا في هذا الإطار بحشد الجهود من أجل تأكيد الحق الفلسطيني في سيادته على موارد المائية خاصة وأن قرارات الأمم المتحدة تدعم هذه الحقوق .
ومن ناحيتها، أكدت الدكتورة ريما خلف الأمين التنفيذي للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "الإسكوا"، في كلمة ألقتها نيابة عنها رولا مجدلاني مدير إدارة التنمية المستدامة بالإسكوا، الالتزام بدعم جهود فلسطين لإنفاذ العدالة وتمكين الشعب الفلسطيني من موارده المائية وجهود فلسطين لدراسة كلفة الاحتلال والتدهور البيئي بسببه.
وشددت على أن قضية حماية الحقوق المائية العربية هي قضية وجودية للفلسطينيين والمنطقة العربية بأسرها ، مشيرة إلى أن إسرائيل تمارس الانتهاكات لهذه الحقوق المائية دون ردع أو محاسبة.
ونددت بالسرقات الإسرائيلية للمياه العربية وتوزيعها على المستوطنين وكذلك خطورة تسريب مياه الصرف الصحي إلى المياه الجوفية الفلسطينية لتصبح 97 في المئة من المياه المستخرجة في غزة غير صالحة للاستخدام الآدمي .
من جانبه، قال رئيس البرلمان العربي أحمد الجروان في كلمته إن البرلمان يدرك حجم التحدي الخطير على حاضر ومستقبل المياه العربية، ويعي أن حقوقنا التاريخية في المياه لا تزعزعها سلطة السطو الصهيوني على المياه العربية وفرض إرادة الأمر الواقع".
وأضاف الجروان أن اجتماع اليوم، والذي يأتي تتويجا لجهود مضنية استمرت لأكثر من عام ونصف بالتعاون بين سلطة المياه الفلسطينية وجامعة الدول العربية، بهدف مواجهة أطماع الكيان الصهيوني في المياه العربية والتي تعد من أكبر المخاطر على الأمن القومي العربي بأبعاده السياسية والاقتصادية والأمنية،مما يجعل المياه العربية تحت الاحتلال الصهيوني من أكبر التحديات الاستراتيجية لكافة الدول العربية.
وأكد الجروان أنه على الرغم من وجود العديد من الاتفاقيات الموقعة وبرعاية الدول الكبرى والأمم المتحدة، إلا أن إسرائيل لم تلتزم بما ورد في هذه الاتفاقيات، وما زالت مستمرة في تجاوزاتها،تستنزف المياه الفلسطينية بشكل يهدد الخزان الجوفي بالنضوب أو عدم صلاحية مياهه للاستهلاك لجميع الأغراض،وكذلك تفرض حصارها المائي على التجمعات السكانية الفلسطينية، وترفض زيادة كمية المياه اللازمة للقرى والمدن الفلسطينية، كما أثنى على ما تضمنه تقرير لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الفرنسي والذي كشف عن "أن إسرائيل تمارس التمييز العنصري بكل ما يتعلق بتقاسم المياه في الضفة الغربية".
وأكد الجروان أن البرلمان العربي يضع كل امكانياته للعمل على دعم التوجه العربي وجامعة الدول العربية في هذا الملف دوليا واقليميا من خلال الدبلوماسية والبرلمانية وحضور البرلمان العربي على الساحة الدولية ، ولما للدبلوماسية البرلمانية من تاثير على صناعة القرار في العالم، فلابد من ضرورة الاستفادة من هذه القوة الشعبية العربية الداعمة للتوجه العربي الرسمي.
ويهدف المؤتمر، الذي يعقد على مدى ثلاثة أيام، إلى تقديم رؤية توضيحية وتحليلية للوضع المائي في المناطق العربية المحتلة، وتعبئة الرأي العام العربي والدولي للتضامن والدفاع عن الحقوق المائية العربية وفقاً لقواعد القانون الدولي للمياه، وإنشاء "شبكة أمان عربية" مسؤولة عن متابعة الوضع المائي من جوانبه القانونية والسياسية والحقوقية والاعلامية.
ويتناول المؤتمر أربعة محاور رئيسة هي : دور جامعة الدول العربية في حماية الحقوق المائية للمناطق العربية تحت الاحتلال، والواقع المائي للمناطق العربية تحت الاحتلال وانعكاساته الاقتصادية والإنسانية، وحقوق المياه في المناطق العربية المحتلة ودور القانون في حمايتها، والانتهاكات الإسرائيلية للمياه العربية.
ويشارك في فعاليات المؤتمر الوزراء المعنيون بشؤون المياه في العالم العربي وممثلون من الأمم المتحدة إلى جانب قانونيين وحقوقيين ومختصين في القانون الدولي وخبراء المياه من الدول العربية وممثلي المنظمات والصناديق العربية والمنظمات الإقليمية والدولية ومؤسسات التمويل العربية والإقليمية والدولية.