الناظور- كمال لمريني
خلّدت هيئات حقوق الإنسان في مدينة زايو، في ضواحي الناظور، الخميس الماضي، الذكرى الـ32 لرحيل عريس شهداء المدينة عبدالكريم الرتبي، الذي سقط ضحية طلقة نارية طائشة في انتفاضة الجوع العام 1984.
وجاءت الذكرى، من أجل التعريف بحياة الطفل الشهيد، الذي تشغل قضيته بال الرأي العام، كون المواطن العادي يريد أن يعرف من هو عبدالكريم الرتبي، الذي يتردد اسمه في مختلف الاحتجاجات التي تعرفها المدينة، لاسيما وأن الساحة التي تنطلق منها التظاهرات، أطلق عليها نشطاء المجتمع المدني اسم "ساحة الشهيد عبدالكريم الرتبي".
ونظمت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والهيئة المغربية لحقوق الإنسان، أمسية تحت شعار "تخليد ذكرى الشهيد عبدالكريم الرتبي وفاءً لدم الشهداء وإصرارًا على مواصلة النضال المحلي المشترك"، على إيقاع شعارات هتفت بها حناجر الحاضرين، بالإضافة إلى شعارات أخرى تدعو إلى مواصلة النضالات التي شق طريقها الطفل الرتبي.
وأكد شقيق الطفل، هشام الرتبي، في تصريح خاص إلى "المغرب اليوم، أن عبدالكريم كان طفلاً شجاعًا، إذ شارك إلى جانب المتظاهرين في انتفاضة الخبز، الذين رفعوا شعار "عيش عيش يا مسكين بطاطة تسوى ستين"، إلا أن طلقة نارية أصابته على مستوى الصدر وأسقطته قتيلًا، في حين تم نقله إلى المستشفى الحسني في الناظور؛ حيث توارى عن الأنظار بعد 3 أيام، وحاول والدي التعرف على مكانه في مخافر الأمن، إلا أنه تعرض إلى الضرب والتنكيل، مما تسبب له في ضرر نفسي، حيث قضى مدة طويلة لا يستطيع الكلام.
وأوضح هشام أنه في الوقت الذي حلّت فيه قافلة الحقيقة في مدينة الناظور، حيث تم الإعلان عن 16 جثة في مقبرة جماعية لضحايا الرصاص، في مقر الوقاية المدنية الحالي، لم يتم العثور على جثة شقيقه، بالرغم من أخذ عينات لأمه وأبيه من أجل استخدامها في تحاليل الحمض النووي "ADN"، وهي التحاليل التي لم تسفر عن تحديد هوية شقيقه.
بيما أضاف وليد بلعيدي، ممثل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن تخليد الذكرى يأتي من أجل تسليط الضوء على التضحيات الجِسام التي قدمها عريس شهداء مدينة زايو، وهو الذي سلّط بدوره الضوء على مختلف الانتفاضات الجماهيرية التي عرفها المغرب منذ الاستقلال، وأنه لا تنازل عن قضية عبدالكريم الرتبي.
وبيّن محمد فاتحي، ممثل الهيئة المغربية لحقوق الإنسان، أن انتفاضة 21 كانون الثاني/يناير 1984، جاءت من أجل التنديد بسياسة التفقير والتهميش والإجهاز على القوت اليومي، وأنها جوبهت بهجمة قمعية شرسة، تم من خلالها إطلاق الرصاص الحي، بكل الطيش والعشوائية ومن دون تمييز، سقط يومها عريس مدينة زايو، عبدالكريم الرتبي، في شارع سيدي عثمان، ظهيرة يوم خميس دموي.
وشهدت الأمسية، قراءات شعرية بالأمازيغية قرأها الشاعر الأمازيغي ابن مدينة الناظور، عبدالرحيم فوزي الذي تحدث فيها على أحداث 1984، والشاعر المقتدر ابن مدينة زايو أمين الزهري الذي تحدث في قصيدته عن الشهيد عبدالكريم الرتبي، بالإضافة إلى قراءة قصائد شعرية للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش قرأها الشاعر كمال لمريني، في حين تخللت الأمسية فقرات غنائية قدمتها فرقة "أحباب الغيوان" في مدينة زايو، وروائع غنائية للفنان المصري الشيخ إمام قدمها الفنان حسن بوحامدي.
وتميزت الأمسية بتكريم عائلة عبدالكريم الرتبي، من قِبل هيئات حقوق الإنسان في المدينة ونشطاء المجتمع المدني والحاضرين.