الرئيسية » عناوين الاخبار
الاستاذ و الكاتب الصحفي عبد الرزاق الحجوي

الرباط - المغرب اليوم

لا شك أن اصدار الحكومة المغربية لقرار ” زيرو ميكا ” و ما ترتب عنه من جدال و نقاش قوي بين معارض و مؤيد للفكرة ، عطفا على مجموعة من المعطيات التي جعلت الكثير من المهتمين يصفون القرار بالمتسرع ، لاسيما أمر تفعيله فاجئ المغاربة ، و ألحق أضرارا بعدد من الممتهنين لهذا الصنف من المواد .

لاجل ذلك ، و تعليقا منه على هذه المعطيات ، كتب الاستاذ و الكاتب الصحفي عبد الرزاق الحجوي ، عمودا عنونه بـ ” قرار زيرو ميكا فوق الميزان ” ، سلط من خلاله الضوء على مجموعة من الحقائق الضائعة ، او تلك التي اغفلها المشرع قبل اصداره لهذا القرار ، و هذا ما جاء فيه :

لن يزايد عاقل على أهمية الحفاظ على البيئة خاصة بعدما بلغته مرحلة الخطر في عصر الصناعة والاستهلاك، وكم هي عديدة الأشياء التي اجتمعت فيها مصالح و منافع جنبا إلى جنب مع مضار وانعكاسات سلبية منها المباشر و غير المباشر، الآني واللاحق؛ إلا أنها بالرغم من ذلك صمدت بعد تأرجح الميزان بين كفتي الإيجابيات والسلبيات ففرضت نفسها على الواقع، في ميزان كوني قد أقره الوحي الإلهي عندما رجح كبر مضار الخمر والميسر على منافعهما، أو عندما برر بأس الحديد الشديد بما فيه من منافع للناس.

لقد جاء قرار الحكومة الأخير الذي قضت بموجبه المنع الكلي لاستعمال الأكياس البلاستيكية  بناءً على ما تشكله من خطر على البيئة، جاء هذا القرار بأثر متفاوت على أصناف التجارة وعلى طبقات المجتمع، لأن الحاجة إلى استعمال هذه الأكياس بالنسبة للذين لا يمتلكون وسيلة نقل خاصة والذين لا يمتلكون مجمدات كبيرة تتسع لعلب التجميد المربعة *، وبالنسبة أيضا لتجار السلع غير المصنعة كالخضر والفواكه والخبز واللحوم والزيتون هي حاجة ماسة وكبيرة؛ بعكس أثر هذا القرار على الأصناف الأخرى من التجارة وعلى الفئات المتوسطة والغنية التي تمتلك وسائل خاصة للنقل وأوقات منظمة للتسوق دون الحديث عن القدرة على دفع ثمن الأكياس الجديدة أثناء كل عملية تبضع مهما صغر حجمها.

 إنه قرار لم تجرؤ على سن مثله إلى اليوم حكومات الدول الأكثر تقدما والأفضل من حيث الإمكانات والوسائل، ليس استهتارا بالمحافظة على البيئة بقدر ما هو احترام منها لميزان المصالح والمفاسد الكوني؛ فكثيرة وكثيرة هي المواد التي صمدت تجارتها في وجه المشرع وقد بلغت من الأثر السلبي على البيئة وعلى البشر ما يندى لذكره الجبين، مثل السجائر وأوراق تلفيف الحشيش والمواد الكيماوية والخمور. فكيف يتغافل صناع القرار بالمغرب، طالما أن الشيء بالشيء يذكر، الضرر البين والأعمق من هذه الأكياس على البيئة وعلى المجال لعلب تعبئة المياه المعدنية والمشروبات الغازية والعصائر والألبان ومشتقاتها وأغلفة التلفيف التي تملأ رفوف المتاجر تلك التي تترك نفس المخلفات المسوغة لتبرير هذا القرار؟

إن هذا المنع سيدخل حتما البسطاء من الناس وجل التجار في صعوبة حقيقية تمس حياتهم وراحتهم اليومية، وسيزيد من الضغط المرتفع أصلا في ظل صعوبات التنقل المزمنة بالنسبة للغالبية الساحقة من المواطنين، بعدما اندثرت سنة يوم أسبوعي قار للتبضع، حيث أصبح المستهلك اليوم مضطرا إلى نقل ما يبتاعه بالتقسيط عند العودة من العمل راجلا أو مستقلا وسيلة من وسائل النقل العمومية، فيصعب عليه منذ الخروج إلى العمل أو غيره حمل القفة أو تأبط كيس من الأكياس الجديدة، التي ارتأت حكومتنا السعيدة بأنها أفضل للبيئة وهو ما لا نشك نحن فيه أيضا، إلا أنه وكما يقول المثل الدارج “ما حاس بالمزود غير المخبوط بيه”.

سيبقى هذا القرار بعيدا عن تحقيق الغاية الجوهرية من تنزيله وإلا لما جاز لعاقل انتقاده، ويستوجب أثر تنزيله بأن يوضع في ميزان بكفتين لا بكفة واحدة؛ لأن حجة معاناة البقر مع هذه الأكياس وأثرها على جمالية المنظر الطبيعي، الأصل في هذه الحجة هو ضرر لحوم وحليب هذه الأبقار التي ترعى بالمراعي العشوائية على صحة المستهلك فهي تعاني مع حفاظات الأطفال المستعملة أكثر مما تعانيه مع هذه الأكياس؛ مثلما أن الأصل بالنسبة لحجة المحافظة على جمالية المنظر الطبيعي هو أن الذي يتحمل المسؤولية في صدده هو أجهزة النظافة الموكولة لهذه المهمة وعقلية التعدي على حرمة الطبيعة السائدة وليس أكياس البلاستيك بمفردها، فهي لا تباع قصدا للعب هذا الدور السلبي بعينه، كما أن نسبة كبيرة من البضائع المصنعة تغلف بأنواع أشد كثافة ويستحيل منع تداولها. 

فالعمل بهذا الميزان لو صح فعلا فإنه سيفرض منع كل ما ثبت له ضرر أيا كانت الحاجة إليه وأيا كان مصدره.

ستدفع المعاناة اليومية مع وسائل النقل ومسافة الترجل بين السكن وبين مواقف هذه الوسائل المستهلك إلى القفز على كل ما يمكن القفز عليه أثناء وقفات التبضع الصغير والمتكرر، الذي كبر رقمه في المعادلة الاقتصادية المعاصرة والذي سيتأثر أكثر من غيره من حصص التسوق، كالأسبوعية ونحوها التي ستبقى بمنأى عن المعاناة من هذا القرار، مما يجعل تعميم مقياسها مضروبا بالإضافة إلى العلل السابقة باستحالة منع جميع مكونات الأزبال المنتشرة وبانعدام الضمانة من أن لا تلقى الأكياس البديلة نفس النهاية في تأثيث المجال حتى وإن كانت أخف ضررا، هذا إن لم يفتح ضغط الحاجة نافذة جديدة من النوافذ التي يصعب أن تقفل أمام السوق السوداء، السائدة.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

زعيم المعارضة الإسرائيلية يُعلق على سقوط النظام السوري ويدعو…
بلينكن يشدد في اتصال مع نظيره التركي على حماية…
الأردن ينفي مطالبة الأسد بمغادرة سوريا وتشكيل حكومة منفى
إسرائيل تعلن القضاء على عدد من قادة "كتيبة الشاطئ"…
إحباط عدة عمليات لتهريب المخدرات في ميناء طنجة المتوسط…

اخر الاخبار

الأردن يؤكد ضرورة دعم سوريا بدون تدخلات خارجية ويدين…
حزب التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة المغربية بالكشف عن مَبالغُ…
إشادة فلسطينية بالدعم المغربي المستمر لصمود الشعب الفلسطيني وثباته
الملك محمد السادس يُؤكد على عمق العلاقات الأخوية بين…

فن وموسيقى

سلاف فواخرجي تفوز بجائزة أفضل ممثلة بمهرجان أيام قرطاج…
كاظم الساهر يسّتعد للعودة للغناء في المغرب بعد غيابه…
المغربي حاتم عمور يستنكر عدم حصوله عن أي جائزة…
منى زكي تؤكد أنها تتأنى دائما في اختياراتها لأعمالها…

أخبار النجوم

نيللي كريم تجتمع مع روبي وكندة علوش في "جاني…
هبة مجدي تكشف أسباب مشاركتها في الجزء الخامس من…
بشرى تكشف عن أمنياتها الفنية في المرحلة المقبلة
الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني

رياضة

المغربي أشرف حكيمي ضمن أفضل 100 لاعب لسنة 2024
نجم منتخب البرازيل وريال مدريد فينيسيوس جونيور يفوز بجائزة…
ليفربول يتواصل مع نجم برشلونة رافينيا لاستبداله بصلاح
يوسف النصيري يواصل تألقه رفقة فريقه فنربخشة في الدوري…

صحة وتغذية

المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع
نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
وزارة الصحة المغربية تكشف نتائج التحقيق في وفيات بالمركز…
اختبار عقاراً جديداً يُعيد نمو الأسنان المفقودة

الأخبار الأكثر قراءة

وزير الدفاع الإيطالي يُعرب عن قلقه بشأن تطورات الأوضاع…
الأمم المتحدة تدعو إسرائيل إلى السماح بالوصول الإنسانى إلى…
وزير الخارجية الإسرائيلي يشير إلى بعض التقدم في محاولات…
الملك محمد السادس يُقدم التعزية إلى أسرة لاعب المنتخب…
حرائق في إسرائيل بعد سقوط "شظايا صواريخ" وحزب الله…