جهة الشرق - ابن عيسى
صرّحت وكالة المغرب العربي للأنباء، أن الملك محمد السادس، أدى مرفوقًا الأمير مولاي إسماعيل، و الوزير الأول السينغالي، السيد محمد بون عبد الله ديون، صلاة الجمعة في المسجد الكبير في دكار.
و استهل الخطيب خطبتي الجمعة، بالتأكيد على الحمد لله الذي خلق البشرية من آدم و حواء، و جعل من نسلهما شعوبًا و قبائل و أممًا، لا يستغني بعضهم عن بعض، و نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أمر بالتعاون على البر و التقوى، و نهى عن التعاون على الإثم والعدوان، و نشهد أن سيدنا محمدًا عبده و رسوله ومصطفاه وحبيبه، صل الله عليه وسلم و على آله و صحبه أجمعين، و التابعين ومن تبعهم بإيمان و إحسان إلى يوم الدين .
و ذكر الخطيب ، بقول الله سبحانه وتعالى “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى، و جعلناكم شعوبًا و قبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير”، مشيرًا إلى أن هذا النداء الرباني هو نداء عام لكل الناس، أي لكل البشر، بقطع النظر عن انتماءاتهم أو قومياتهم أو أوطانهم .
و أشار إلى أن قول الحق سبحانه "إنا خلقناكم من ذكر و أنثى"، تنصيص على أصل النوع البشري، فهم إخوة في الإنسانية، إخوة في البشرية، و هذا المعنى العظيم في هذه الآية هو الذي ضمنه النبي صل الله عليه وسلم، في خطبة حجة الوداع، عندما قال "يا أيها الناس إن ربكم واحد، و إن أباكم واحد، لا فضل لعربي على عجمي، و لا لعجمي على عربي، و لا لأسود على أحمر، و لا لأحمر على أسود إلا بالتقوى".
و أكد أن هدف دعوة الإسلام هو سعادة الإنسان و عزته و كرامته، و الوسيلة إلى تلك السعادة ملء القلوب بالهدى و الطهر، و الإيمان و اليقين، و الحب و الوئام، فتتألف الأفئدة في عروة وثقى لا انفصام لها.
و ذكر الخطيب بأن هذه المبادئ العظيمة هي التي ذكّر بها الملك محمد السادس، نصره في خطابه التاريخي، من العاصمة السنغالية دكار، بمناسبة الذكرى الحادية و الأربعين للمسيرة الخضراء، فيما يتعلق بالتعاون مع بلدان أفريقيا، و مما قاله حفظه الله “كما أن هذا البلد العزيز، أي السنغال، كان دائما في طليعة المدافعين عن الوحدة الترابية للمملكة، و مصالحها العليا، و قد اخترت السنغال أيضًا، لمكانته المتميزة في أفريقيا، بفضل نموذجه الديمقراطي التاريخي، و استقراره السياسي و الاجتماعي، و ديناميته الاقتصادية، فهذا الخطاب، من هذه الأرض الطيبة، تعبير عن الأهمية الكبرى التي نوليها لقارتنا، انتهى النطق الملكي الكريم.
و أشار إلى أن التعاون غريزة و فطرة في أنوع مختلفة من عالم الأحياء، و الإنسان، و هو سيد هذه الأحياء، يجب أن يكون تعاونه أوثق و أعمق، لأنه خير من يدرك بعقله الذي ميزه الله به، أن الجماعة خير من الفرقة و أن التعاون أجدى وأنفع للفرد و الجماعة .
و شدد الخطيب على أن مبادئ الدين عملية، و توجيهاته إرشادات أساسية، فلا يجوز أن تتكرر على مسامعنا آيات قرآنية و أحاديث نبوية تتناول المبادئ و التوجيهات، فنتعامل معها تعاملنا مع الكلام المتكرر المألوف، بل نحاسب أنفسنا في حركاتنا و سكناتنا على مدى العمل بتلك الآيات و الأحاديث، و من أهم ما ينبغي العمل به قيم الإسلام في التعاون على البر و التقوى.
و أضاف أن “بلداننا و شعوبنا بحاجة ماسة إلى ثمرات هذا التعاون في الميادين المختلفة، و إذا دعانا قادتنا إلى العمل بما أمر الله به في ميدان التعاون فإنهم يكونون قد أدوا أمانتهم، و علينا نحن جميعًا واجب الانخراط العملي و الخلقي في هذا التعاون لما فيه من خيري الدينا و الآخرة”.
و في هذا الصدد، أكد الخطيب أن الزيارة الملكية لمحمد السادس، عاهل المملكة المغربية، إلى جمهورية السينغال، لتجسيد مبادئ التعاون بين الدول و الشعوب، و تمتين وشائج المحبة و الأخوة و القربى.
و أضاف أن السنغال تعيش هذه الأيام، قيادة و شعبًا الملك محمد السادس بين ظهرانينا، أيامًا مجيدة خالدة، مستبشرة بما ستخلفه هذه الزيارة المباركة من آثار حميدة، و فوائد جمة على البلدين في جميع المجالات.
و في الختام، ابتهل الخطيب، إلى الله عز وجل، بأن يحفظ قائدي البلدين مولانا محمد السادس، و فخامة الرئيس ماكي صال، و أن يكون لهما درعًا واقية من كل سوء و يوفقهما لكل خير، و يعينهما في جميع ما هما بصدده من جلائل الأعمال و روائع المنجزات .
و بعد صلاة الجمعة، تفضل الملك محمد السادس بإهداء الجهات المكلفة بتدبير الشؤون الدينية في جمهورية السينغال، 10 آلاف من نسخ المصحف الشريف، في طبعته الصادرة عن مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف قصد توزيعها على مساجد الجمهورية السنغالية.
و يأتي إهداء هذه المجموعة من المصاحف، في إطار تنفيذ التعليمات الملكية السامية، و القاضية بأن تقوم مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف، بتزويد مساجد بلدان غرب أفريقيا بكل ما تحتاجه من مصاحف برواية ورش عن نافع، التي هي من الاختيارات المشتركة بين المغرب و هذه البلدان.