تونس - حياة الغانمي
اصدر والي سيدي بوزيد مراد المحجوبي خلال هذا الاسبوع، قرارًا يقضي بإقفال 7 مساجد في الجهة. وقد صدرت قرارات الاقفال هذه باعتبار ان المساجد المعنية يتم استغلالها خلافا للصبغة القانونية والترتيبات الجاري العمل بها. وقد شملت القرارات مسجدين اثنين في معتمدية سيدي علي بن عون، ومثلهما في معتمدية سيدي بوزيد الشرقية، وآخرين في سيدي بوزيد الغربية، وجامعًا واحدا في معتمدية الرقاب. وصدرت قرارات الاغلاق إثر اجتماع اللجنة الجهوية لاسترجاع المعالم الدينية.
وقال والي سيدي بوزيد إن مصالح الولاية تقوم بمراقبة المساجد بشكل دوري ومنتظم كل شهرين أو 3 أشهر للوقوف على مدى استجابتها للصيغ القانونية والترتيبات المعمول بها، في إطار السيطرة على المساجد وتحييدها. وأوضح أن المقاييس المعتمدة تتمثل أساسا في خضوع المساجد إلى 3 شروط أساسية وهي الحصول على ترخيص من وزارة الشؤون الدينية واحترام البناء للتراتيب القانونية، وكذلك توفر شرط اعتدال الخطاب ونبذه للتطرف.
ورغم ان وزارة الشؤون الدينية كانت قد اكدت من مرة على أنها بسطت سيطرة الدولة على المساجد، مبينة أن إدارة الشأن الديني هي من صلاحيات الدولة وحدها، إلا أن واقع المساجد في تونس يؤكد أن العشرات من المنابر تستحوذ عليها الجماعات المتشددة بما فيها التي تتبنى الفكر الجهادي منها تنظيم أنصار الشريعة المحظور والسلفية العلمية.
وفي سيدي بو زيد بالذات وتحديدا في سيدي علي بن عون كان مسجد "الامة" الذي يشرف عليه الخطيب الادريسي ينشط خارج اطار الدولة .. وحسب احد المسؤولين بالجهة فان الخطيب الادريسي هو من بنى المسجد الخاص هناك وجعله حكرا على اتباعه مانعا غيرهم من الاقتراب منه. و مسجد "الأمة" الذي تم تشييده أواخر 2012 في حي الرياض 1بمعتمدية بن عون وتم ترسيمه كمسجد يوم 1 يونيو/حزيران 2013،مسجدا ظل لفترة خارج سيطرة الوزارة باعتباره "ملكية خاصّة" للخطيب الادريسي لكونه مبنيا على قطعة أرض على ملكه وبجانب محل سكناه المشيد على نفس الأرض، مما حال دون أن تتمكّن وزارة الشؤون الدينية من تعيين إطارات دينية من إمام الخمس وإمام خطيب أو مؤذن. لم تتمكن وزارة الشؤون الدينية من السيطرة على هذا المسجد رغم ان اغلب الخطب التي اقيمت فيه كانت تدعو الى التكفير والفتن والى الثأر للإرهابيين الذين قتلوا وعلى محاربة الطواغيت...وظل المسجد ينشط بصفة عشوائية لأكثر من ثلاث سنوات..
وكان وزير الشؤون الدينية الذي وقت اقالته منذ أيام، عبدالجليل بن سالم، كان قد اعلن خلال جلسة استماع له بلجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية بمجلس نواب الشعب، أن المساجد في تونس تشهد عزوفا من قبل الأئمة بسبب الفوضى والمشاكل والفتن التي شهدتها، مشيرا إلى أن هذا الأمر سبب أزمة في وزارة الشؤون الدينية في ظل وجود استقالات يومية وغياب التكوين للأئمة. وأقر بأن المساجد في تونس باتت تشهد عزوفا سواء من قبل المصلين أو من قبل الأئمة وعدم الرغبة في الالتحاق بالمنابر بسبب الفوضى والمشاكل والفتن التي استفحلت جراء صراعات خطيرة قادت إلى تخوف المصلين. وقد طالبت نقابة الأئمة الزيتونيين وزارة الشؤون الدينية بتحمل مسؤوليتها فيما يتعلق بإدارة الشأن الديني، بما في ذلك تحرير المساجد من المتشددين الذين قاموا بتسييس الدروس الدينية والخطب وحولوا الجوامع الى منابر سياسية مكشوفة، وهو ما نتج عنه عزوف التونسيين عن أداء الصلوات في المساجد. وقال كاتب عام نقابة الائمة والاطارات المسجدية فاضل عاشور، إن وزارة الشؤون الدينية ليست مسيطرة على المساجد في تونس، موضحا أن جميع التجهيزات والتمويلات توفرها جماعات أو جمعيات.
وتجدر الاشارة الى ان الاجهزة الامنية كانت قد فككت المئات من الخلايا الجهادية التي تجند الشباب التونسي للالتحاق بتنظيم داعش في سوريا وليبيا والتي كانت تتخذ من المساجد التي تقع تحت سيطرة الجماعات المتشددة معاقل له.وأوضح كاتب عام نقابة الايمة أن وزارة الشؤون الدينية هي التي أصبحت عاجزة عن توفير ايمة باعتبار غياب الانتدابات وغياب العقود بينها وبين الايمة وتغييب حقوقهم خاصة وانهم يحصلون على أجور زهيدة لا تتجاوز 70 د شهريا للإمام الواحد..وقال انه يتم أسبوعيا الاستغناء عن ايمة وتعويضهم بايمة اخرين حتى لا يمكنوهم من أجورهم...وقد ولد هذا الأمر خطابا دينيا سطحيا وساذجا لا يرتقي الى مستوى انتظارات الشباب الباحثين عن خطاب ديني حداثي معتدل يمكن من التصدي للمذهب التكفيري..وأكد انه لا تخلو اية ولاية من وجود شغورات ،معتبرا أن الوزارة متقاعسة في هذا الشأن وغير راغبة في حل الإشكال..وأضاف أن إحداث إدارات للوعاظ وإبعادهم عن المساجد التي لا تفتح إلا وقت الصلاة هو من بين الأخطاء التي تدفع الشباب الى الالتجاء الى الانترنت للبحث في مسائل مادية، مبينا ان 99 بالمائة من تلك المواقع هي وهابية وهي مخالفة لمذهب التونسيين وعقيدتهم.