الرئيسية » عناوين الاخبار
وثيقة تكشف تاريخ الدبلوماسية المغربية

الرباط - المغرب اليوم

ضمن فسيفساءٍ قَيِّمةٍ بالخزانة العلمية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، نتحدث في هذه الورقة عن كتاب "الذاكرة التاريخية المشتركة المغربية- الأميركية الجنوبية، للدكتور سمير بوزويتة الباحث في تاريخ المغرب والمحيط الدولي في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في فاس، والكتاب الذي صدر عن دار أبي رقراق للطباعة والنشر في الرباط، هو بقدر عالٍ من الأهمية والتنوير التاريخي بشأن فعل الديبلوماسية المغربية، جعله يُرتَّبُ في خانة أعمال البحث العلمي غير المسبوقة شكلًا ومنهجًا وتوثيقًا.، والكتاب الذي تطلب تأملًا وبحثًا وتتبعًا لأعوام جاء غنيًا بأزيدَ من أربعمائة صفحة،تقاسمتها ذخيرةُ وثائقَ تاريخيةٍ دبلوماسية نادرة جعلته بتحليل وتوثيق كرونولوجي متفرد، وفق زمن منهجي جمع ما هو معاصرٍ بما هو راهنٍ.

 ووضع الدكتور مصطفى الكثيري المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، تقديمًا تركيبيًا له تضمن إشارات دقيقة، أورد فيه أن المؤلَّف يندرج في إطار استراتيجية ثقافية تاريخية تعتمدها المندوبية السامية، خدمة منها لكل ما هو موروث تاريخي مشترك. وتثمينًا منها للذاكرة المشتركة من خلال توثيقها وتدوينها، في أفق استثمارها فيما يخدم قضايا الوطن إقليميًا ودوليًا وقاريًا، مضيفًا أن أهمية هذا الإصدار تتجلىفي تغييره وجهة البحث التاريخي والدراسة، وتجاوزه لمساحة اشتغال تقليدية علائقية مغربية أروبية، وفي بسطه ومقاربته لموضوع بتفاعلات لم يُكشَف بعد عن كثير من جوانبها ومضامينها.   

 وإذا كان هذا العمل العلمي يعرض لأصالة الدبلوماسية المغربية، فهو يقدم صورة تاريخية موثقة عن تمثيلية الفعل الدبلوماسي وعلاقاته، وعن حيثيات صناعته لمواقفه في قضايا دولية عدة، مبرزًا جوانب مهمة تخص أداء وتفاعل الدبلوماسيين المغاربة، وسبل تدبيرهم لقضايا ذات طبيعة وطنية ودولية مشتركة، وهذا ما يجعل الكتاب بمثابة سفرٍ زاخرٍ بمعطيات بالغة الأهمية، في حقل بحثٍ علمي تاريخي لاتزال حوله الدراسات محدودة جدًا، بخاصة عندما يتعلق الأمر بوجهة أميركا الجنوبية ومجالها، وكتاب الذاكرة التاريخية المشتركة المغربية- الأميركية الجنوبية"، الذي جاء لفائدة واقع وفعل دبلوماسي مغربي معين في جغرافية معينة، ولجعل التاريخ وتماسات الزمن وقواسمه المشتركة، في خدمة ما هو دبلوماسي مع الأخر، بخاصة بجبهات من العالم تحكمها علاقات بينية مغربية، هي بغير تكامل وتفاعل وتعاون وتواصل منشود، كما الحال بالنسبة لدول أميركا الجنوبية.

و كتاب الذاكرة المغربية الأميركية الجنوبية هذا، تتقاسمه ستة فصول بمثابة محاور مُمَنهِجَة، تجمع بين كرونولوجيا العلاقات المغربية بدول أيريكا الجنوبية تحديدًا منها البرازيل وفنزويلا والمكسيك والأرجنتين، ثم الذاكرة التاريخية المشتركة بين كل من المغرب والبرازيل، والمسار الديبلوماسي للعلاقات المغربية الفنزويلية، إضافةإلى اللمسار الديبلوماسي الخاص بالعلاقات المغربية المكسيكية وبالعلاقات المغربية الأرجنتينية، هذا قبل فصل أخير تناول فيه الباحث رصيدًا وثائقيًا خاصًا بمضامين علاقات المغرب بدول أميركا الجنوبية، من خلال بسطه لمائة وثمانية وأربعين وثيقة تاريخية دبلوماسية، هي على درجة عالية من القيمة المضافة لفائدة البحث والباحثين والمهتمين.    

 والواقع أن الأبحاث والدراسات التاريخية العلمية، التي تناولت العلاقات العربية عمومًا بدول أميركا الجنوبية، والعلاقات المغربية الأميركية الجنوبية/ اللاتينية تحديدًا هي قليلة جدًا، مع ما يُسجل حول ما جاء به الاجتهاد في هذا الباب، من عدم اهتمام بما هو كاف وشاف ومن عدم تأريخ لأصول وبدايات هذه العلاقات بنحو مفيد ودقيق، على الرغم من أبعادها وأهميتها السياسية والدبلوماسية، باعتبارها منطلقًا لدعم علاقات بينية حالية ومستقبلية، وعليه، ظل ما كل هو معرفي وحقائق بشأن الوضع في أميركا الجنوبية محدودًا وسطحيًا. عِلمًا أن ما يجمع المغرب بدول أميركا اللاتينية، هو بتجليات وروابط مصيرية وقواسم مشتركة عدة ومتداخلة، منها معاناة الجميع مع التجربة الاستعمارية. 

و يؤكد صاحب المؤلَّف- مضيفًا أن محدودية المعرفة التاريخية في أميركا اللاتينية، كانت وراء سبق باحثين مصريين، من خلال إعدادهم لملف تم تقديمه للقارئ العربي في هذا الاطار، مشيرًا إلى أن الجالية العربية القوية والنشيطة التي تتخذ من أميركا الجنوبية موطنًا لها، لم تنجح حتى اليوم في الإستفادة منها بنحو مُعَبرٍ مفيدٍ وصادقٍ، عِلمًا أن أميركا الجنوبية كمجال دبلوماسي تتمتع بأربعة وعشرين صوتًا في منظمة الأمم المتحدة، المغرب في أمَسِّ الحاجة إليها خدمةً لرهاناته السياسية المصيرية وتحركاته وتفاعلاته الدبلوماسية. وأن المغرب لن يستطيع الاستفادة بنحو كامل من دول أميركا الجنوبية، وتنمية صداقة بينية هادفة معها، إلا مع معرفة كافية تخص ما هو تاريخي علائقي، ومع إلمامٍ مستمرٍ بما يهم ويعترض هذه الدول من قضايا سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية.
    
 و يُسجل لفائدة كتاب"العلاقات المغربية الأميركية اللاتينية، أنه عمل سَبْقٍ علمي تاريخي في التأليف الجامعي المغربي، جاء ليملأ بياضًا في هذا المجال من خلال إسهامه في توفير مادة علمية على قدر عالٍ من القيمة المضافة خدمة للباحث والدبلوماسي والمهتم ، في أفق كل ما يساعد على استثمار ما هو تاريخي ومعرفة وعلاقات تاريخية، من أجل ترسيخ علاقات دبلوماسية وصداقة وتعاون بين المغرب ودول أميركا اللاتينية، وهذا الكتاب الذي تفضلت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بنشره، تعميمًا للفائدة ضمن خيار هادف ونبيل لها منذ سنوات، يزخر بعرض وتتبع دقيق يخص أهم الأحداث التاريخية التي طبعت تطور دول أميركا اللاتينية، مع إبراز علامات سياساتها على الصعيد الدولي.
 
 إن كتاب"العلاقات المغربية الأميركية الجنوبية"، يروم في العمق تقديم عمل توثيقي لبدايات هذه العلاقات، خدمة لما هو بحث ودراسة ودبلوماسية واقتصاد وإعلام وذاكرة تراث، ويروم قراءة تاريخ مغرب معاصر وراهن، بناءً على رصيد انفتاح الدولة المغربية على محيطها منذ القدم ، وعليه، يشدد الكتاب على ما هو وثائقي في طبيعة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب ودول أميركا الجنوبية خلال القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين من خلال رصد جميع المناحي المتعددة لأوجُهِهَا.

 وبقدر ما يشكل هذا المؤلَّف نقلة نوعية في الكتابة والتوثيق التاريخي العلمي، المنفتح على فعل ورهان الدبلوماسية المغربية. بقدر ما هو دعوة لإحياء ذاكرة تاريخ بعيد وقريب يجمع بين المغرب ودول أميركا الجنوبية، وطبع البلاد بدينامية اقتصادية تجعلها قبلة للسفن القادمة من ضفاف مثلث بيرمودا، نفس ما يمكن أن تكون عليه مطارات مدن العيون وأغادير والدار البيضاء وطنجة، والتي تعد الأقرب إلى مطارات المكسيك العاصمة أو برازيليا أو ساوباولو أو ليما، ويؤكد المُؤلِّف أن موقع المغرب جيوستراتيجيًا، يمنحنه مكانة متميزة بالنسبة لدول أميركا الجنوبية، مضيفًا أن هذه الدعوة تفرضها ظرفية تاريخية تجعل الفاعل الدبلوماسي مُلزمًا بعملٍ أهمَّ وأوسعَ، من أجل تمتين العلاقات المغربية الأميركية الجنوبية، واستثمارها سياسيًا واقتصاديًّا وثقافيًّا.
    
والكتاب الذي يستمد أهميته من إعادة طرحه للفعل الدبلوماسي وللممارسة الدبلوماسية المغربية، ومن وضعه للقارئ المغربي والعربي أمام صورة حية لنشاط هذه الدبلوماسية  خلال القرن التاسع عشر. هو دعوة لقراءة التاريخ المعاصر للدولة المغربية من زاوية الفعل الدبلوماسي، لكي تكتمل بحق صورة تاريخ مغربٍ عميقٍ. ويبقى المؤلَّف شكلًا، بغلافٍ بنائيِّ جاذبٍ وترتيب مُحكمٍ لكُتلٍ ومكوناتٍ متفاعلةٍ، بذكاءٍ تعبيريِّ رمزي تم فيه إبراز نِقاط تماساتٍ، تجمع بين أزمنة وأمكنة في علاقات المغرب بدول أمريكا الجنوبية. مع أهمية الاشارة الى أن إيفاء كتابٍ بهذا القدر العلمي والسَّبق، جاء غنيا بمعطيات تاريخية دبلوماسية بالغة الأهمية، أمر ليس من السهل تحقيقه، نظرًا لِما يحتويه ويطبعه من روح علمية وشجاعة أدبية، وإذا كان هذا العمل العلمي الذي يستحق التنويه، قد توجه بعنايته لرصد فعل وتفاعل دبلوماسية تاريخية بين المغرب ودول أميركا الجنوبية، من خلال وثائق ووقائع البعض منها يذكر للمرة الأولى، فإنه بقدر ما استهدف توسيع وعاء تراكم في هذا المجال سياقًا ونصوصًا، بقدر ما يروم إبراز قيمة ما هو مشترك تاريخي في عمل الدبلوماسية المغربية من خلال الأرشيف، وعيا بما يمكن أن تُسهم به الذاكرة الجماعية وبما يمكن أن يسهم به التاريخ لفائدة حاضر البلاد ومستقبلها.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

وزير الخارجية الإسرائيلي يشير إلى بعض التقدم في محاولات…
الملك محمد السادس يُقدم التعزية إلى أسرة لاعب المنتخب…
حرائق في إسرائيل بعد سقوط "شظايا صواريخ" وحزب الله…
جو بايدن يعتزم إقناع ترامب بمواصلة المساعدات العسكرية لأوكرانيا
ارتفاع قياسي في المساعدات الأجنبية الموجهة للجمعيات المغربية خلال…

اخر الاخبار

منزل نتنياهو تعرض لسقوط قنبلتين ضوئيتين
السفير الإيراني السابق في بيروت يكشف عن اتصال نصرالله…
تعيين المغربي عمر هلال رئيساً مشاركاً لمنتدى المجلس الاقتصادي…
عبد اللطيف لوديي يُبرز طموح المملكة المغربية في إرساء…

فن وموسيقى

مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يُكرّم "الفتى الوسيم" أحمد عز…
هيفاء وهبي تعود إلى دراما رمضان بعد غياب 6 سنوات وتنتظر…
المغربية بسمة بوسيل تُشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة التي تستعد…
كاظم الساهر يتألق في مهرجان الغناء بالفصحى ويقدم ليلة…

أخبار النجوم

محمد فراج يكشف تفاصيل أحدث أعماله الفنية
أشرف عبدالباقي يعود للسينما بفيلم «مين يصدق» من إخراج…
أحمد فهمي ضيف شرف سينما 2024 بـ 3 أفلام
هند صبري تكشف سر نجاحها بعيداً عن منافسة النجوم

رياضة

محمد صلاح يتصدر ترتيب أفضل خمسة لاعبين أفارقة في…
كريستيانو رونالدو يعتلي صدارة هدافي دوري الأمم الأوروبية
محمد صلاح على رأس قائمة جوائز جلوب سوكر 2024
الهلال⁩ السعودي يتجاوز مانشستر يونايتد في تصنيف أندية العالم

صحة وتغذية

نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية
الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء…
هل تختلف ساعات نوم الأطفال عند تغيير التوقيت بين…
أدوية علاج لمرض السكري قد تُقلل خطر الإصابة بحصوات…

الأخبار الأكثر قراءة

فلسطين ترحب بتصريحات الرئيس الفرنسي التي تدعو إلى وقف…
وزارة الخارجية السورية تُدين القصف الإسرائيلي لـ معبر حدودي…
وزارة الخارجية المصرية ترحب بدعم مجلس الامن لسكرتيرعام الأمم…
الولايات المتحدة تُجدد دعمها للحكم الذاتي لحل نزاع الصحراء…
وزير الخارجية البريطاني يُكرر دعواته لوقف إطلاق النار الفوري…