الجزائر – ربيعة خريس
كشف سفير الولايات المتحدة الأميركية المعين حديثًا في الجزائر, جون ديروشر, عن أن السلطات الأمنية لبلاده تسعى إلى تعزيز تعاونها مع الجزائر في ملف عودة المقاتلين الأجانب من بؤر التوتر، المنتشرة في سورية والعراق. وأشاد السفير بالتقارير الجزائرية الأمنية التي تثبت اعتقال عائدين من سورية بتهم الانتماء إلى تنظيم "داعش" المتطرف, والعمليات الأخيرة التي نفذها الجيش الجزائري بالتنسيق مع قوات الأمن، للقضاء على الخلايا النائمة. وأشار ديروشر إلى أن عودة المقاتلين الأجانب من مناطق النزاع، على غرار العراق وسورية، وأيضًا التهريب وجماعات الجريمة المنظمة، تعتبر بمثابة تهديدات كبيرة سيفتحها للنقاش مع السلطات الجزائرية، لتعزيز التعاون الأمني في المنطقة.
وقال ديروشر, في أول ظهور إعلامي له من واشنطن، عقب موافقة مجلس الشيوخ على تعيينه سفيرًا جديدًا في الجزائر، خلفًا لجوان بولاشيك، إن الجزائر تمكنت من الحفاظ على الاستقرار الذي اكتسبته عن جدارة خلال التسعينات، بفضل جهود مكافحة التطرف والمصالحة الوطنية، مبينًا أن الجزائر كانت عاملاً مهمًا في نشر الاستقرار في المنطقة، ولعبت دورًا مهمًا في نشر السلام في دول الجوار، التي تشهد أزمات واضطرابات أمنية داخلية, مستدلاً بمساعيها الرامية إلى إيجاد حلول توافقية للأزمة في ليبيا ومالي, كما وفرت مساعدة أمنية للبلدان المجاورة، على غرار تونس والنيجر. ويرتكز برنامج السفير الأميركي الجديد في الجزائر على ثلاثة محاور رئيسية, أبرزها تعزيز التعاون الأمني مع الجزائر، وتطوير التجارة والعمل والاستثمار.
ونجحت السلطات الأمنية الجزائرية, أخيرًا, في تفكيك العديد من الخلايا النائمة, حيث اعتقلت عشرات الشباب الذي حاولوا الالتحاق بمعاقل "داعش" في سورية والعراق، ومحاولة تشكيل أكبر تنظيم مواز له في الجزائر، كما حالت دون عودة المقاتلين الأجانب من بؤر التوتر, حيث أوقفت، أخيرًا، شابة جزائرية في مطار قسنطينة الدولي، كانت قادمة على متن رحلة "إسطنبول – قسنطينة"، واسمها مسجل على لوائح الأمن. وأعدت الجزائر، في أبريل / نيسان الماضي، قاعدة بيانات مهمة ضمت 2000 مشتبه في علاقتهم بالتنظيمات المتطرفة، وخاصة تنظيمي "داعش" و"القاعدة"، ويعيشون على الأراضي الأميركية والأوروبية. وأعرب الطرف الجزائري عن أمله في أن تتعامل الإدارة الأميركية بالمثل، وتسلم المتطرفين الجزائريين المطلوبين لأجهزة الأمن الجزائرية. وتضمنت قاعدة البيانات الأمنية، التي سلمتها الجزائر لواشنطن، كشف هويات قرابة 1500 متطرف من الجزائر، معروفين بنشاطهم الدموي. ونشر معهد واشنطن للدراسات الاستراتيجية تقريرًا اعتبر فيه أن الولايات المتحدة بحاجة فعلية إلى تعاون وثيق مع الجزائر، بعدما صار التهديد المتطرف عاملاً مشتركًا بين البلدين، لأن الجزائر تعرف جيدًا هذ العدو المشترك، خاصة تنظيمي "داعش" و"القاعدة"، وبالتالي يمكنها تزويد واشنطن بكل التفاصيل بشأن كيفية مواجهته.
ولفت التقرير الأميركي إلى تمكن الجزائر من احتواء التهديد المتطرف باستهداف قيادات الجماعات المسلحة، وتدمير قدراتها القتالية، بالإضافة إلى احتواء مختلف الشبكات المحلية التي تم تشكيلها للعمل في تونس ودول الساحل الأفريقي. وأضاف أن هذه هي الأسباب التي جعلت الولايات المتحدة تعتمد بشكل متزايد على التعاون الأمني مع الجزائر، والاستفادة من فرص تبادل المعلومات الاستخباراتية. وأصبح ملف عودة المقاتلين الأجانب يشكل مصدر قلق كبير للجزائر وواشنطن والدول الأوروبية. وكشف وزير الداخلية الفرنسي، جيرار كولوم، عن عودة 271 متطرفًا من بؤر التوتر في سورية والعراق. وأعلنت السلطات الأمنية في الدول الأوروبية حالة استنفار قصوى, حيث قال وزير الداخلية الفرنسي، في مقابلة مع إحدى الصحف المحلية, إن خطر شن هؤلاء المتطرفين لهجمات كبير جدًا.
وأوضح تقرير أوروبي أن مجموعة من المقاتلين الأجانب الموجودين ضمن صفوف تنظيم "داعش" يستخدمون جنسياتهم المزدوجة للعودة إلى أوروبا، في تلميح منه إلى الأوروبيين من أصول جزائرية ومغاربية.