الجزائر – ربيعة خريس
أكدت تسريبات إعلامية نقلتها إحدى الفضائيات المعروفة بقربها من جهات نافذة، في أعلى هرم السلطة الجزائري, انزعاج الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، من الحملة التي شنها رئيس الوزراء، عبد المجيد تبون، ضد رجال أعمال نافذين في البلاد، وعلى رأسهم رئيس منتدى رؤساء المؤسسات الجزائرية، علي حداد, والتي تدخل في إطار مساعي الفصل بين رجال الأعمال والساسة في صناعة القرار، حيث طالب الرئيس الجزائري تبون بوقف حملة "التحرش" بالمتعاملين الاقتصاديين, ورسمت هذه المعاملة صورة سيئة لدى المراقبين الأجانب لمناخ الاستثمار في البلاد.
ووفق التسريبات, فإن القاضي الأول للبلاد أمر بوضع حد لفوضى المبادرات الحكومية، والتحفظ على اعتماد الإشهار والدعاية لتنفيذ سياسية الحكومة. وأعلن رئيس الوزراء الذي تم تعيينه على رأس الحكومة الجزائرية في مايو / أيار الماضي، خلال عرضه برنامج السياسية العامة للحكومة أمام البرلما, رغبته في وضع حد لتوغل رجال المال والأعمال في محيط السلطة. ولم تشر وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية ولا حتى التلفزيون الجزائري، والإذاعات الحكومية المملوكة للدولة الجزائرية, إلى هذه التسريبات, والتزمت الصمت، في حين اعتبرت وسائل إعلام خاصة تعليمات الرئيس الجزائري بمثابة نصر كبير حققه أصحاب المال السياسي ضد رئيس الحكومة.
وتزامنت هذه التسريبات مع اللقاء الذي عقده رئيس الوزراء الجزائري، الإثنين، مع نظيره الفرنسي، إيدوارد فيليب، على هامش عطلته السنوية في باريس. وكشف بيان عن أن اللقاء غير رسمي, وجرى في فندق "ماتنيون" بدعوة من رئيس الوزراء الفرنسي. ولم يكشف البيان عن تفاصيل إضافية بشأن فحوى اللقاء وطبيعته. وأشارت مصادر دبلوماسية جزائرية إلى وجود رغبة لدى كبار المسؤولين في باريس لحل قضية رجل الأعمال علي حداد، الذي وصل أخيرًا إلى باريس للاستنجاد بمقربيه هناك، أملاً في الحصول على دعم منهم ومحاولة إقناع خليفة عبد المالك سلال بوقف الحملة ضده. وظهرت بوادر الوساطة أخيرًا, خلال الاجتماع الثلاثي الذي جمع رئيس الوزراء الجزائري بعلي حداد، والأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، عبد المجيد سيدي سعيد.
وأوضح متابعون للشأن السياسي أن ما يجري حاليًا في أعلى هرم السلطة الجزائري هو "صراع بالوكالة" بين جناحي السلطة. وقال القيادي البارز في حركة "النهضة" الجزائرية, محمد حديبي, في تصريحات إلى "العرب اليوم"، أن ما يجري حاليًا بين رئيس الوزراء ورجال أعمال نافذين في الدولة هو صراع بالوكالة بين جناحي السلطة بشأن النفوذ المالي وصناعة الثروة, وهو امتداد لمحطة استحقاق رئاسي المقبل, قائلاً: "للأسف استغلت أطراف خارجية أجنبية هذا الصراع، وسيُستغل لابتزاز الدولة الجزائرية من خلال تداخل المصالح الاقتصادية". واعتبر رئيس "حركة مجتمع السلم", أكبر الأحزاب الإخوانية في البلاد, عبد المجيد مناصرة، أن الصراع القائم بين رئيس الحكومة ورجال أعمال نافذين في الدولة له علاقة بانتخابات الرئاسة المقبلة، في 2019.