الرباط - المغرب اليوم
الفقيه «س» السوسي، الذي يحكى أنه شارك في محاولات لطرد جن قصر أگادير المشيد على عهد الحسن الثاني، يتذكر أن نوعا من الجن يدعى ملوك الجان، هو الذي كان يزاحم الملك الراحل الحسن الثاني في أحد أجمل القصور التي بنيت على عهده، قبل أن يؤكد أن الجن كالإنسان يحب التملك ويشتهي في ذلك النفيس والفسيح والمزركش، لذلك قد يكون ملوك من الجان قد اختاروا هذا القصر بما فيه افتتانا به، كما قد تكون الأرض الخلاء التي أقيمت عليها بنايات القصر قد سكنتها عائلات من الجن وتتوارثها أبا عن جد، وهو الأمر الذي يرى مصدر «الأيام 24» أنه قد يكون من بين الأسباب التي جعلت «مخلوقات النار» لا تبرح هذا المكان رغم ما بذله الفقهاء و«مالكو الجن» الذين أحضرهم أعوان الحسن الثاني لجعل بناية عروس الجنوب صالحة للسكن لبني البشر.
ولهذا الغرض، أعدَّ أعوان الملك الراحل صنفين من «الفقهاء» الذين شاركوا في إخلاء قصر أگادير من الجن، صنف معروف لدى المجتمع المغربي وهو حملة القرآن الذين استعملوا الرقية من خلال آيات من كتاب الله لإفراغ هذا القصر من «ساكنيه»، وتناوب على هذا الأمر، كما يؤكد مصدر «الأيام 24»، «عشرات الفقهاء من كافة أنحاء المغرب. ورغم ذلك ظل مستوطنو القصر الملكي متشبثين بهذا المبنى الذي أعد القائمون على بنائه ما لم يره الفقهاء في مسكن آخر، ولعل ذلك مما جعل مردة هذا القصر لا يخلونه، لوضعهم الاعتباري كملوك للجان، فلا أعتقد أنهم سيقبلون بأقل من ذاك القصر فساحة وزخرفة»، يحلل مصدرنا رغبة أبناء السكان الأصليين للأرض في الامتناع عن نزع «ملكيتهم»…
جرت العادة عند الفقهاء أن تكون الرقية الشرعية ضربة موجعة يستحيل معها بقاء الجن في مكان قراءة هاته الآيات… خاصة وأن مجموعة من حفظة الفرقان قد أدلوا بدلوهم في هذا الباب، لكن العكس هو الذي حدث، إذ تعود الأمور إلى سابق عهدها كلما غادر «الفقهاء» أسوار القصر الملكي بأكادير والعهدة على رواة من سكان البلاط، فإلى أي حد يمكن اعتبار هذا الأمر صحيحا؟
قصر ملك قطر في المغرب
حملتنا هذا الاستفسار إلى أحد المتفقهين في هذا الباب، الذي أكد أن «صحة الرقية وفعاليتها تتعلقان بهذه الأخيرة في حد ذاتها، وبالراقي الذي كلما كان تقيا وورعا إلا وكانت قراءته للقرآن كالصخر على الجن، وأكد أن هذا العمل إن كان بمقابل مادي أو طمعا، فإن فعاليته قد تكون دون مستوى دفع «سكان» القصر إلى مغادرته، هذا في ما يخص الرقية والراقي».
«وقد يكون من سكن بهذا القصر، يقول «س»، من علية قوم الجن أو من ملوكهم، فيستعصي أمر إخلائهم، كما قد تكون أرض القصر أو القصر ملكا قديما لهم فلا يبرحون هذا المكان إلا عندما يدخله الرقاة ويعودون إليه فور رحيلهم.
كما يمكن أن تكون الزخرفة أو الزركشة الكثيرة سببا في استوطان الجن لهذا القصر والامتناع عن الرحيل عنه، وذلك لحبها الشديد للألوان والفساحة.
قد يكون هذان التفسيران جانبين لرؤية أسباب إصرار الجن على البقاء، رغم تلاوة رقية من آيات قرآنية اعتاد «الفقهاء» أن تنزل كالماء البارد على «مخلوقات النار».
لا يقتصر حديث الخاصة على نفور الحسن الثاني من قصر أكادير لوحده، فقد عرف عن الملك الراحل ابتعاده عن قصور أخرى.
وريث سرّ محمد الخامس ظل لسنوات بعيداً عن قصر الصخيرات رغم قربه من عاصمة المملكة، وابتعاده عن القصر الذي شهد أولى المحاولات الانقلابية رغم ما عرف عنه من بهاء وزينة عبّد الطريق للحديث عن هذا القصر.
أحد العارفين بمزاج الحسن الثاني يقول إن ذكريات المحاولة الانقلابية قد تكون رسخت في ذهن الملك الراحل مشاهد رهيبة ومرعبة، ولعل هذا ما دفعه إلى الغياب عن زيارة هذا القصر لسنوات، وقد لا تكون للجن يد في ابتعاد والد محمد السادس عن هذا القصر.
وجدة هي الأخرى لم تكن أحسن حالا، فقصرها ظل لسنوات بعيداً عن مفكرة الملك الحسن الثاني -رحمه الله- وربما أنه سمع في إحدى الليالي التي قضاها في قصر العاصمة الشرقية خبراً لم يسره، فأصبح يتطير من زيارة هذا المكان، ربما خوفا من سماع نبأ قد لا يعجبه. فلماذا ظل سكان المدينة الشرقية ينسبون للجن سبب ابتعاد الحسن الثاني عن قصره بمدينتهم؟ ربما دفن جواب هذا السؤال مع العلبة السوداء للملك الراحل إدريس البصري.
لم يكن الذين يستعملون الرقية وحيدين في مواجهة إصرار الجان على أن يكون قصر أكادير ملكا لملوك جانهم، وأن تبقى الحناجر التالية للقرآن صوتا يذهب مع أدراج رياح الشاطئ المجاور لقصر أكادير، بل كان يجاورهم نوع آخر من «الفقها»…
اعتاد هؤلاء «الفقها»، الذين يملكون من عبيدهم الأقوى، أن يجعلوا الجن في مواجهة الجن، وكانوا لا يمضون وقتا طويلا في بنايات سابقة دخلوها ليغادروها مع من كان يسكنها من الجن في بضع دقائق. لكن قصر أكادير كان استثنائيا بكل المقاييس بالنسبة لهؤلاء «الفقها» الذين يطوعون الجن، فقد أبى المردة إلا أن يكونوا نشازا في نتائج مطوعي الجن، الذين طالما تأكدوا أن قدرات مملوكيهم أكبر من أن تقاوم…
«لعل الذين سكنوا هذا القصر كانوا من كبار ملوك الجان، لذلك لم يستطع بنو جنسهم المملوكين «للفقها» إقناعهم بمغادرة المكان، يقول مصدرنا وهو يؤكد أن الأرض الخلاء التي شيد عليها القصر قد تكون مملوكة لكبار الجان ومردتهم لذلك استعصى على «الفقها» أمر طردهم.
“استعملوا ماء القرآن وتلوا سورة البقرة وورق السدر، وأخذوا يرشون الماء في أرجاء وزوايا قصر أكادير، لكنهم صدموا بعودة المردة إلى هذا المكان كلما غادروه”.
اعمليه وهاتي اللينك