الرباط - المغرب اليوم
مرّت 15 عامًا على الهجمات الإرهابية التي شهدتها مدينة الدار البيضاء، والتي كان أغلب منفذّيها ينحدرون من حي سيدي مؤمن، الذي يأوي العشرات من دور الصفيح، التي شكّلت منبعًا لصناعة المجرمين والمتطرفين الذين قاموا بتنفيذ هذه الهجمات الدموية التي هزّت المملكة آنذاك.
ويتساءل الكثيرون عن الإجراءات التي اتخذتها الدولة المغربية من أجل مواجهة ظاهرة التطرف الديني التي تهدد الاستقرار المجتمعي، لاسيما في العاصمة الاقتصادية، بوصفها الحاضن الأساسي لهذه "القنابل الموقوتة"؛ في حين سهرت السلطات المختصة في مقاطعة سيدي مؤمن على القضاء على أحياء الصفيح، لكن رغم ذلك عجزت عن حلّ المشكل بصفة نهائية، إذ سجلت مشاكل عدة في العملية.
وفي السطور التالية نستعرض أبرز ما تغيّر في سيدي مؤمن بعد 15 عاما من أحداث "16 مايو/ أيار"، وفقًا لآراء مجموعة من الفاعلين الحقوقيين والجمعيات المدنية، بغية معرفة طبيعة المشاكل التي تتخبط فيها هذه المقاطعة، منذ سنين عدة، بالإضافة إلى أخذ وجهة نظر مجلس المقاطعة، الذي تحدث عن أهم الإنجازات التي حُققت خلال هذه الفترة، دون إغفال طبيعة التحديات التي تواجه عمل المسؤولين.
دور الصفيح.."قنابل موقوتة" تُهدد السكان
قال إبراهيم كرو، وهو ناشط مدني بمنطقة سيدي مؤمن، إن "الحي لم يشهد أي تغيير منذ سنوات عديدة، حيث يعيش السكان في الظروف نفسها التي كانت موجودة قبل أحداث 16 أيار الإرهابية"، وأضاف "صحيح أن أعداد البنايات تتزايد، لكن البنية التحتية مهترئة في الحقيقة".
وأضاف كرو، أن "المشاكل الاجتماعية مختلفة ومتنوعة، في مقدمتها انتشار الباعة المتجولين، إلى جانب أحياء الصفيح التي تشكل جوهر الأزمة، من قبيل دوار الرحامنة، حيث لا يوجد الوعاء العقاري الكافي من أجل ترحيل السكان، الأمر الذي يعرقل عملية إعادة الهيكلة".
وشددّ الفاعل المدني، الذي عاش أحداث "16 أيار" الدموية، على أن "السلطات لم تجد أي حل لدور الصفيح إلى حدود الساعة، إذ يصل عدد البرّاكات في دوار الرحامنة لوحده نحو 20 ألفا، حيث انتشار الكلاب الضالة وأزمة التدبير المفوض في ما يتعلق بالقمامة، إلى جانب غياب المساحات الخضراء والسكن العشوائي ومشاكل المخدرات".
"مشاريع معلّقةّ" وأوراش مفتوحة
من جهته، أوضح حسان موساوي، عضو المكتب التنفيذي للرابطة المغربية لحقوق الإنسان، أن "المشاكل كثيرة، منها ارتفاع أعداد الحفر والبرك المائية بالجماعة"، وزاد"سبق أن وجهنا مراسلات عدة إلى المسؤولين بشأن الموضوع"، مشيرا إلى "وجود لوبيات متخصصة في العقار، فضلا عن إشكال ريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بالمنطقة".
وأبرز موساوي، "وجوب إعادة النظر في سياسة أسواق القرب، بسبب عدم ربط المسؤولية بالمحاسبة، ناهيك عن مشكل شقق 14 مليونا التي وزعتها الجماعة، إذ استفاد منها أشخاص خارج المعايير المعتمدة، كما الأسواق النموذجية الموجهة إلى الفئات الهشة والمستضعفين؛ وهي خروقات تستدعي فتح تحقيق شامل من قبل السلطات المختصة".
عقبات تعُوق اشتغال المجلس
في المقابل، نفى حميد بن غريضو، رئيس مقاطعة سيدي مؤمن، هذه الحصيلة "السوداوية"، قائلا "هؤلاء عدميّون يتحدثون بكلام غير معقول، فالعمالة والمقاطعة يشتغلان جنبا إلى جنب بغية تسريع المشاريع المفتوحة، إذ تتم إزالة السكن الصفيحي وتنزيل المشاريع على أرض الواقع، كما افتتحت المقاطعة بعض المركبات الثقافية والرياضية، من قبيل قاعة الأزهر والتشارك و11 ملعبا للقرب".
وأكد بن غريضو، "على الوزارة الوصية أن تشتغل على مشكل دوار الرحامنة الصفيحي"، وزاد "كما يوجد إشكال في ما يتعلق بمعالجة النفايات، إذ نمرّ بمرحلة انتقالية في هذا المجال، لأنه تم فسخ العقدة التي ربطتنا بشركة سابقة، وقد أعددنا دفتر تحملات جديد يتضمن أشياء إيجابية".
وبخصوص أهم العراقيل التي تقف حاجزا أمام تسريع المشاريع المفتوحة، أشار رئيس المقاطعة إلى "إكراه المساحة الشاسعة للمنطقة، لأنها تُصنف كأكبر مقاطعة بالمغرب، بمعدل سكاني يصل إلى 460 ألفا"، واستطرد "المشاريع مفتوحة في جميع أحياء وشوارع سيدي مؤمن، بما فيها حي السلام 2 ومحمد زفزاف. كما أن المجلس بصدد بناء أكبر مكتبة على غرار "آل سعود"، علاوة على ترميم الملعب البلدي واستقبال المواطنين بشكل أسبوعي، عبر حضور الرئيس ورؤساء الأقسام والمصالح؛ ناهيك عن تجربة إيصال الأدوية إلى مرضى السكري، وغيرها من الإنجازات".