الرباط_ المغرب اليوم
يقوم الملك محمد السادس، منذ نهاية شهر أكتوبر الماضي وبداية شهر نوفمبر الجاري، بجولة قادته إلى دول من شرق افريقيا "رواندا وتنزانيا على التوالي"، فيما ينتظر أن يختتم العاهل المغربي جولته الافريقية، بحدث غير مسبوق واستثائي، يتمثل في إلقاء خطاب الذكرى 41 للمسيرة الخضراء من العاصمة السنغالية، الأحد 6 نوبر 2016.
وللوقوف على دلالات الجولة الإفريقية التي يقوم بها الجالس على العرش لهذه الدول الافريقية وعلى دوافع إلقائه خطاب المسيرة الخضراء من العاصمة دكار بدل الرباط، يرى الخبير في القانون الدولي ونزاع الصحراء صبري لحو، أن زيارات الملك المتعددة، المتواترة والمنتظمة إلى دول أفريقيا تحمل عدة دلالات، ”ذلك أنها تعطي الدليل على إيمان الملك بعمق وجذور المغرب الأفريقية، وأنه ينظر إلى أفريقيا نظرة المؤمن بالواجب، والإلتزام تجاه دول وشعوب القارة الأفريقية من أجل تعاون بناء لتحقيق التنمية المستدامة”.
كما خلُص المحامي بهيئة مكناس في تصريح لجريدة “كشك” الإلكترونية، إلى أن هذه الجولات ”تعطي الحجة على أن المغرب مطمئن على علاقاته السياسية والإقتصادية مع أفريقيا، في إطار المصلحة المشتركة والمتبادلة، والتي يعطيها طابع الديمومة والإستمرارية، وليست وقتية ولا عرضية، يعزز مثانتها ويزيد من صلابتها وتماسكها التاريخ والوشائج الدينية والروحية”.
الإنفتاح والتواصل بدلاً من الإنغلاق والقطيعة
واسترسل لحو، متحدثا عن أبعاد زيارة الملك للدول الافريقية، بالقول أنها تجاوزت الدول الحليفة والصديقة، عبر الانفتاح على دول أخرى ”كانت تحسب ضمن لائحة الخصوم والمناوئين للوحدة الترابية للمغرب”، مشيرا إلى أن المغرب أعد خطة وسياسة إفريقية جديدة، تعتمد على ”التواصل والحوار المباشر مع كل الدول الأفريقية ودون استثناء، ويطال جميع الأصعدة، يعطيها صبغة الأولوية في الأهمية الإستراتيجية تدخل فيها الملك شخصيا كآلية محركة وضامنة، وكسفير مروج للعلامة المغربية”، يضيف ذات الخبير المغربي.
هل يميل المغرب إلى الرهان على الإتحاد الأفريقي كآلية بديلة لحل نزاع الصحراء؟
من جهة أخرى، وارتباطا بموضوع إلقاء الملك لخطاب المسيرة من العاصمة السينغالية دكار، يرى لحو، أن دلالاته المتعددة تبدأ من تفكيك الإشارة التي المراد إرسالها ، معتبرا هذا الاختيار لم يأت بـ”دافع الصدفة، ولا إعتباطا، ولا ناتجا عن ظرف قاهر، بل هي رسالة بحمولة سياسية ذكية، تختزل سياسة المغرب الجديدة في أفريقيا، فقد أُختير لها، وهُيأ لها بدقة متناهية ظرفي الزمان والمكان. فالزمان مرتبط بذكرى المسيرة الخضراء، التي تخلد لحدث استرجاع المغرب لأقاليم الصحراء، والمكان هي دكار عاصمة دولة السينغال، وهي من الدول الأفريقية الحليفة والصديقة للمغرب، والمرتبط معها بروابط ذات تجذر في أعماق التاريخ، و ذات بعد روحي والديني”.
واضاف المتحدث أن الرسالة الكبرى من وراء خطاب يوم غد، تكمن في ”أن مسيرة المغرب في الوحدة، تمتد إلى مسيرة التضامن والتعاون مع الدول الأفريقية في السيطرة على معضلات الحاضر والتطلع معا نحو مستقبل أفضل، بمعنى، أن المغرب جعل من أقاليم الجنوب في الصحراء جسرا ثابتا، لا محيد ولا استغناء عنه، ولا يمكن القبول تجزئته عن كل مغربي نحو وصوب أفريقيا”.
أما عن الرسالة الثانية، يوضح ذات المتحدث دائما، الممكن التقاطها من إلقاء الملك لخطاب المسيرة من دكار، هو أن ”المغرب تبصر وتفطن إلى ما يمكن أن توفره أفريقيا من آلية بديلة لحل نزاع صحراء في إطار الأسرة الأفريقية، ويذكي صحة هذه الدلالة، قرار المغرب بالعودة الى الإتحاد الأفريقي، والديناميكية التي أطلقتها الدول الأفريقية الثامن والعشرين، المؤيدة لوحدة المغرب وعودة إلى الإتحاد الأفريقي، والمعبر عنها في القمة 27 للإتحاد الأفريقي”.